وقال ابن بزيزة: يَحْتَمِل أن يكون المعنى: إنكم لو علمتم من رحمة الله تعالى وحلمه وعفوه عن ذنوب خلقه، ومعاني كرمه ما أعلم لبكيتم كثيراً، ولضحكتم قليلاً، فبكاؤكم إذ لم تفهموا من ذلك ما فهمت، ولم تعلموا منه ما علمت، وينشأ هذا عن مطالعة جمال الله تعالى، ونعوت أفضاله، ومشاهدة النعم الواسعة التي لا تقصر عن شيء. انتهى (?).

وقال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: قيل: معنى القلّة هنا العدم، والتقدير: لتركتم الضحك، ولم يقع منكم إلا نادراً؛ لغلبة الخوف، واستيلاء الحزن.

وحَكَى ابن بطال عن المهلَّب أن سبب ذلك ما كان عليه الأنصار من محبة اللهو والغناء، وأطال في تقرير ذلك بما لا طائل فيه، ولا دليل عليه، ومن أين له أن المخاطَب بذلك الأنصار دون غيرهم؟ والقصة كانت في أواخر زمنه - صلى الله عليه وسلم - حيث امتلأت المدينة بأهل مكة، ووفود العرب، وقد بالغ الزين ابن الْمُنير في الردّ عليه، والتشنيع بما يُستَغنَى عن حكايته. انتهى (?).

[فائدة]: قال الحافظ ابن منده -رَحِمَهُ اللهُ- في "مستخرجه": قوله: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً" رواه مع عائشة عشرة من الصحابة - رضي الله عنهم -. انتهى (?).

(ألَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ ") قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: معناه ما أمرت به من التحذير والإنذار، وغير ذلك، مما أرسل به، والمراد تحريضهم على تحفّظه، واعتنائهم به؛ لأنه مأمور بإنذارهم. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: "ألا" أداة استفتاح وتنبيه، و"هل" يَحْتَمل أن تكون "هل" هنا بمعنى "قد"، كما قيل في قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1].

وَيحْتَمِل أن تكون للاستفهام التقريريّ، أو هي للاستفهام الحقيقيّ، بمعنى أنه - صلى الله عليه وسلم - سألهم هل بلّغهم ما أُمر به، أم لا؟ .

والاحتمال الأول هو الأولى؛ لأنه يقوّيه قوله في رواية أبي معاوية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015