سليمان بن يسار، عن عروة، وزاد فيه: "أنه قرأ في القيام من الركعة الثانية نحواً من آل عمران".
وقولها: (جِدًّا) بكسر الجيم، منصوب على المصدر؛ أي: يجدّ جِدّا (?)، والمراد من هذا القيام قيام القراءة.
(ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ جِدًّا) لم يُذكر في الحديث له حدّ، قال ابن الملقن -رَحِمَهُ اللهُ-: ذكر أصحابنا أنه يطوّله بقدر مائة آية من البقرة، واختار غيرهم أنه لا يطوّله إلا بما لا يضرّ بمن خلفه. انتهى (?).
(ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ جِدًّا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ) في رواية ابن شهاب الآتية: "ثم قال: سمع الله من حمده، ربنا ولك الحمد"، واستُدِلّ به على استحباب الذكر المشروع في الاعتدال في أول القيام الثاني من الركعة الأولى.
واستشكله بعض متأخري الشافعية من جهة كونه قيام قراءة، لا قيام اعتدال، بدليل اتفاق العلماء ممن قال بزيادة الركوع في كل ركعة على قراءة الفاتحة فيه، وان كان محمد بن مسلمة المالكيّ خالف فيه.
والجواب أن صلاة الكسوف جاءت على صفة مخصوصة، فلا مدخل للقياس فيها، بل كلُّ ما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - فعله فيها كان مشروعاً؛ لأنها أصل برأسه، وبهذا المعنى رَدّ الجمهور على من قاسها على صلاة النافلة، حتى مغ من زيادة الركوع فيها.
وقد أشار الطحاويّ إلى أن قول أصحابه جرى على القياس في صلاة النوافل، لكن اعتُرِض بأن القياس مع وجود النص يَضْمَحِلّ، وبأن صلاة الكسوف أشبه بصلاة العيد ونحوها، مما يجمع فيه من مطلق النوافل، فامتازت صلاة الجنازة بترك الركوع والسجود، وصلاة العيدين بزيادة التكبيرات، وصلاة الخوف بزيادة الأفعال الكثيرة، واستدبار القبلة، فكذلك اختصت صلاة الكسوف بزيادة الركوع، فالأخذ به جامع بين العمل بالنصّ والقياس، بخلاف من لم يعمل به، قاله في "الفتح"، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا.