شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي الله عنها - (قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ) فيه دليل على جواز استعمال الخسوف في الشمس، وهي لغة ثابتة، كما تقدّم (?). (فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي: في وقته بالمدينة، وذلك في السنة العاشرة من الهجرة، كما عليه جمهور أهل السير، في ربيع الأول، أو في رمضان، أو في ذي الحجة في عاشر الشهر، وعليه الأكثر (?). (فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي) فيه أنه ينبغي المبادرة بالصلاة عند الخسوف، لقولها: "فقام ... إلخ" بالفاء التعقيبيّة، وهو مشروعيّة صلاة الكسوف جماعة، وهو مذهب الجمهور (?)، كما سيأتي تحقيقه في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى -.
وقال في "الفتح": استُدِلّ به على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحافظ على الوضوء، فلهذا لم يحتج إلى الوضوء في تلك الحال، وفيه نظرٌ؛ لأن في السياق حذفاً، ففي رواية ابن شهاب: "خسفت الشمس، فخرج إلى المسجد، فصفّ الناسُ وراءه"، وفي رواية عمرة: "فخسفت، فرجع ضُحًى، فمَرّ بين الْحُجَر، ثم قام يصلي"، وإذا ثبتت هذه الأفعال، جاز أن يكون حذف أيضًا "فتوضأ، ثم قام يصلي"، فلا يكون نصًّا في أنه كان على وضوء. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله الحافظ احتمالاً قد ثبت نصًّا، ففي رواية النسائيّ (13/ 1481) من طريق أبي حفصة، عن عائشة - رضي الله عنها -: "لما كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، توضأ، وأمر، فنودي أن الصلاة جامعة ... " الحديث، فدلّ على أنه توضأ، غايةُ الأمر أن الراوي اختصر في هذا الحديث ذكر الوضوء، والله تعالى أعلم.
(فَأَطَالَ الْقِيَامَ) وفي رواية أبي حفصة المذكورة أن عائشة قالت: "فحسبت قرأ البقرة"، وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عند البخاري: "فقرأ نحواً من سورة البقرة في الركعة الأولى"، ونحوه للنسائي، ونحوه لأبي داود، من طريق