حين أسكن هاجر وإسماعيل بوادٍ غير ذي زرع، فالذين ذُكروا في "سورة الأحقاف" هم عاد الأخيرة، ويلزم عليه أن المراد بقوله تعالى: {أَخَا عَادٍ} نبيّ آخر غير هود، والله أعلم. انتهى (?).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى بيان مسائله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
(5) - (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ)
قال الجامع عفا الله عنه: ترجم الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "صحيحه" بنحو هذه الترجمة، حيث قال: "باب قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نُصِرت بالصبا".
قال الزين ابن الْمُنَيِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: في هذه الترجمة إشارة إلى تخصيص حديث أنس - رضي الله عنه - الذي قبله -يعني: حديث: "كانت الريح الشديدة إذا هبّت عُرف ذلك في وجه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -" - بما سوى الصبا من جميع أنواع الريح؛ لأن قضية نصرها له أن يكون مما يُسَرّ بها دون غيرها.
وَيحْتَمِل أن يكون حديث أنس - رضي الله عنه - على عمومه، إما بأن يكون نصرها له متأخراً عن ذلك؛ لأن ذلك وقع في غزوة الأحزاب، وهو المراد بقوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9]، كما جزم به مجاهد وغيره، وإما بأن يكون نصرها له بسبب إهلاك أعدائه، فيُخْشَى من هبوبها أن تُهلك أحداً من عصاة أمته، وهو كان بهم رؤوفاً رحيماً - صلى الله عليه وسلم -.
وأيضاً فالصبا تؤلِّف السحاب وتجمعه، فالمطر في الغالب يقع حينئذ، وقد وقع في الخبر الماضي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أمطرت سُرِّي عنه، وذلك يقتضي أن تكون الصبا أيضاً مما يقع التخوف عند هبوبها، فيَعْكُر ذلك على التخصيص المذكور، والله أعلم، قاله في "الفتح" (?).