قال: ولا خلاف في أنه يجهر فيهما بالقراءة، وقد ذكره البخاريّ، ويُخْطَب فيهما خطبتان، يجلس في أولاهما ووسطهما، وهو قول مالك، والشافعيّ، وقال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وعبد الرحمن بن مهديّ: يخطب خطبة واحدةً، لا جلوس فيها، وخيّره الطبريّ. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (?).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "وهذا لا ينتهض حجة ... إلخ" فيه نظر لا يخفى، كيف لا ينتهض ما دلّ عليه ظاهر التشبيه، فما الذي أدّاه إلى هذه الدعوى، فهل هناك دليلٌ صريح يدلّ على عدم التكبيرات في صلاة الاستسقاء؟ ، فالظاهر أن كون صلاة الاستسقاء مثل صلاة العيد في تكبيراتها هو الأقرب.

والحاصل أن ما ذهب إليه القائلون بذلك هو الأرجح، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم في مشروعية تحويل الرداء: قال الإمام ابن المنذر - رحمه الله -: وقد اختلفوا في تحويل الرداء، فكان مالك يقول: إذا فرغ من الصلاة في الاستسقاء خطب الناس قائماً يدعو في خطبته، مستقبل الناس، وظهره إلى القبلة، والناس مستقبلوه، فإذا استقبل القبلة حوّل رداءه، وجعل ما على يمينه على شماله، وما على شماله على يمينه، ودعا قائماً، واستقبل الناسُ جميعاً القبلةَ كما استقبلها الإمام قعوداً، وحوّلوا أرديتهم جميعاً كما حوّل الإمام، فإذا فرغ مما يريد من الدعاء استقبل الناس بوجهه، ثم انصرف.

وممن كان يرى أن يجعل اليمين الشمالَ، والشمالَ اليمينَ أحمدُ بن حنبل، وأبو ثور، وحُكي ذلك عن ابن عيينة، وعبد الرحمن بن مهديّ، وإسحاق ابن راهويه، وكان الشافعي يقول بذلك إذ هو بالعراق، ثم رجع عنه.

وفيه قول ثان، قاله الشافعي آخر قوليه، قال: آمر الإمام أن ينكّس رداءه، فيجعل أعلاه أسفله، ويزيد مع نكسه، فيجعل شقه الذي كان على منكبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015