قال النوويّ - رحمه الله -: اختَلَفوا هل يكبر تكبيرات زائدة في أول صلاة الاستسقاء، كما يكبر في صلاة العيد؟ ، فقال به الشافعيّ، وابن جرير، ورُوي عن ابن المسيِّب، وعمر بن عبد العزيز، ومكحول، وقال الجمهور: لا يكبر، واحتجُّوا للشافعي بأنه جاء في بعض الأحاديث: صلى ركعتين كما يصلي في العيد، وتأوله الجمهور على أن المراد كصلاة العيد في العدد والجهر والقراءة، وفي كونها قبل الخطبة، واختَلَفت الرواية عن أحمد في ذلك، وخَيَّره داود بين التكبير وتركه، ولم يذكر في رواية مسلم الجهر بالقراءة، وذكره البخاريّ، وأجمعوا على استحبابه، وأجمعوا أنه لا يؤذَّن لها، ولا يقام، لكن يُستحبّ أن يقال: الصلاة جامعة. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (?).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: ولم يُذكر في حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - هذا أنها يُكبّر لها كما يُكبّر في العيد، ولذلك لم يَصِر إليه أكثر العلماء، مالك وغيره، وقد قال بالتكبير فيها جماعة، منهم ابن المسيِّب، وعمر بن عبد العزيز، والشافعيّ، والطبريّ، وحجتهم حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - الذي أخرجه أبو داود، قال فيه: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متذلّلاً، متواضعاً، متضرّعاً، حتى أتى المصلَّى، فرقي المنبر، ولم يخطب خطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء، والتضرّع، والتكبير، ثم صلّى ركعتين، كما يصلي في العيد (?).

قال: وهذا لا ينتهض حجة، فانه يصدق على التشبيه، وإن كان من بعض الوجوه، ولا يلزم التشبيه من كلّ الوجوه، إلا في شبيه ومثيل للمبالغة التي فيه، فان العرب تقول: زيدٌ كالأسد، وكالبحر، وكالشمس، تريد بذلك أنه يُشبهه في وجه من الوجوه، على أن هذا الحديث قد رواه الدارقطنيّ، وقال فيه: صلى ركعتين، كبَّر في الأولى بسبع تكبيرات، وقرأ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (?)}، وقرأ في الثانية {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (?)}، وكبّر خمس تكبيرات، وهذا نصّ غير أن هذا الطريق في إسناده محمد بن عمر بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ضعيف الحديث، ذكره ابن أبي حاتم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015