وفي حديث أبي الدرداء عند البزار، والطبرانيّ: "قَحَطَ المطرُ، فسألنا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستسقي لنا، فغدا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ... " الحديث.

وقد حَكَى ابن المنذر الاختلاف في وقتها، والراجح أنه لا وقت لها معيّنٌ، وإن كان أكثر أحكامها كالعيد، لكنها تخالفه بأنها لا تختصّ بيوم معيّن، وهل تُصنَع بالليل؟ استنبط بعضهم من كونه - صلى الله عليه وسلم - جهر بالقراءة فيها بالنهار أنها نهاريّة كالعيد، هالا فلو كانت تصلى بالليل لأسرّ فيها بالنهار، وجهر بالليل كمطلق النوافل. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الاستنباط محل تأمُّل، والله تعالى أعلم.

ونَقَلَ ابن قُدامة -رَحِمَهُ اللهُ- الإجماع على أنها لا تصلى في وقت الكراهة.

وأفاد ابن حبّان أن خروجه - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى للاستسقاء كان في شهر رمضان سنة ست من الهجرة.

(فَاستَسْقَى) أي: طلب من الله تعالى السُّقيا بتضرّعه ودعائه (وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ) أي: قلبه على جهة التفاؤل بانقلاب الحال من الشدّة إلى السعة، ومن القحط والجدب إلى الخصب والرخاء.

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: والغرض من التحويل التفاؤل بتحويل الحال؛ يعني: حَوَّلنا أحوالنا رجاء أن يُحَوّل الله تعالى العسر باليسر، والجدب بالخِصْب.

وكيفيّة تحويل الرداء أن يأخذ بيده اليمنى الطرف الأسفل من جانب يساره، وبيده اليسرى الطرف الأسفل أيضاً من جانب يمينه، وَيقْلِب يديه خلف ظهره، بحيث يكون الطرف المقبوض بيده اليمنى على كتفه الأعلى من جانب اليمين، والطرف المقبوض بيده اليسرى على كتفه الأعلى من جانب اليسار، فإذا فَعَل ذلك، فقد انقلب اليمين يساراً واليسار يميناً، والأعلى أسفل، والأسفل أعلى، وأبو حنيفة لا يرى صلاة الاستسقاء، بل يدعو له، والشافعيّ يصلي كصلاة العيد، ومالك يصلي كسائر الصلوات. انتهى كلام الطيبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (?)، وهو بحث نفيسٌ، وسيأتي تمام البحث في اختلاف الأئمة في صلاة الاستسقاء في المسألة الرابعة - إن شاء اللُّه تعالى -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015