الزموا ما أنتم فيه من اللعب بالحراب، وعليكم به، وفيه تنهيضٌ لهم، وتنشيط.
[تنبيه]: شأن "دونك" أن تتقدّم على المغرى به، كما قدّرناه، وقد جاء تأخيرها عليه شاذًّا في قول الشاعر:
يَا أَيُّهَا الْمَاتِحُ دَلْوِي دُونَكَا ... إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ يَحْمَدُونَكَا
والماتح - بالتاء - هو الرجل الذي ينزل إلى قرار البئر إذا قلّ ماؤها، فيملأ الدلو بيده (?).
(يَا بَنِي أَرْفِدَةَ") بفتح الهمزة، وسكون الراء، وكسر الفاء، وقد تفتح، قيل: "هو لقب للحبشة"، وقيل: هو اسم جنس لهم، وقيل: اسم جدّهم الأكبر، وقيل: المعنى يابني الإماء، زاد في رواية الزهريّ، عن عروة: "فزجرهم عمرُ، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أَمْناً بني أرفدة" (?)، وبيّن الزهريّ أيضًا عن ابن المسيّب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - وجه الزجر، حيث قال: "فأهوى إلى الحصباء، فحصبهم بها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعهم يا عمر"، وزاد أبو عوانة في "صحيحه": "فإنهم بنو أرفدة"، كأنه يعني: أن هذا شأنهم وطريقتهم، وهو من الأمور المباحة، فلا إنكار عليهم.
قال المحبّ الطبريّ: فيه تنبيهٌ على أنه يُغْتَفَر لهم ما لا يُغتفر لغيرهم؛ لأن الأصل في المساجد تنزيهها عن اللعب، فيُقتَصَر على ما ورد فيه النص. انتهى.
ورَوَى السّرّاج من طريق أبي الزناد، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال يومئذ: "لِتَعْلَمْ يهودُ أن في ديننا فُسْحَةً، إني بُعِثت بحنيفية سمحة"، وهذا يُشعر بعدم التخصيص، وكأن عمر - رضي الله عنه - بَنَى على الأصل في تنزيه المساجد، فبَيَّن له النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وجه الجواز فيما كان هذا سبيله، كما سيأتي تقريره، أو لعله