وسلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -، وسيأتي تمام كلامه -رَحِمَهُ اللهُ- قريباً - إن شاء الله تعالى -.
(فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) - رضي الله عنه - (أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ ) الهمزة للاستفهار الإنكاريّ، والجارّ والمجرور متعلّق بمقدّر؛ أي: أتلعبان بمزمور الشيطان؟ ، قال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ -: هذا إنكار منه - رضي الله عنه - لما سمع مستصحباً لما كان مقرّرًا عنده من تحريم اللهو والغناء جُملةً حتى ظنّ أن هذا من قبيل ما يُنكَر، فبادر إلى ذلك؛ قياماً عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك على ما ظهر له، وكأنه ما كان تبيّن أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قرّرهنّ على ذلك بعدُ، وعند ذلك قال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "دعهما"، ثمّ عَلَّل الإباحة بأنه يوم عيد؛ يعني: يوم سُرور وفَرَحٍ شرعيّ، فلا يُنكر فيه مثلُ هذا. انتهى (?).
و"الْمُزْمُورُ" بضم الميم الأولى، وفتحها، والضم أشهر، ولم يذكر القاضي غيره، ويقال أيضاً: مِزْمار بكسر الميم، وأصله صوت بصفير، والزمير: الصوت الحسن، ويُطْلق على الغناء أيضاً.
وقال ابن سِيدَه: يقال: زمر يزمِرُ (?) زَمِيراً وزَمَرَاناً: غَنَّى في القَصَب، وامرأة زامرة، ولا يقال: رجل زامرٌ، إنما هو زَمّار، وقد حَكَى بعضهم: رجل زا مر، وفي "الجامع": الزمّارة: الفاجرة، وفي "الصحاح": ولا يقال للمرأة: زَمّارةٌ، وفي كتاب ابن التين: الزمر: الصوت الحسن، ويطلق على الغناء أيضاً، وجمع المزمار مزامير، أفاده في "العمدة" (?).
وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ -: "المزمور: الصوت، ونسبته إلى الشيطان ذمٌّ على ما ظهر لأبي بكر - رضي الله عنه -، قال المازريّ: فأما الغناء بآلة مطربة، فيُمنع، وبغير آلة اختَلَفَ الناس فيه، فمنعه أبو حنيفة، وكرهه الشافعيّ ومالك، وحَكَى أصحاب الشافعيّ عن مالك أن مذهبه الإجازة من غير كراهة.
قال القاضي: المعروف من مذهب مالك المنع، لا الإجازة.
قال القرطبيّ: ذكر الأئمة هذا الخلاف هكذا مطلقاً، ولم يُفصّلوا