قال: ولم أقف على تسمية هذه المرأة إلا أنه يَختلج في خاطري أنها أسماء بنت يزيد بن السَّكَن التي تُعْرَف بخطيبة النساء، فإنها رَوَت أصل هذه القصة في حديث أخرجه البيهقيّ، والطبرانيّ، وغيرهما، من طريق شَهْر بن حَوْشَب، عن أسماء بنت يزيد، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج إلى النساء، وأنا معهنّ، فقال: "يا معشر النساء، إنكن أكثر حَطَبُ جهنّم"، فناديت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكنت عليه جَرِيئة: لِمَ يا رسول الله؟ قال: "لأنكن تُكْثِرن اللعن، وتَكْفُرن العشير ... " الحديث، فلا يبعد أن تكون هي التي أجابته أوّلًا بـ "نعم"، فإن القصّة واحدة، فلعل بعض الرواة ذَكَر ما لم يذكره الآخر، كما في نظائره، والله أعلم.
وقد رَوَى الطبراني من وجه آخر، عن أم سلمة الأنصارية، وهي أسماء المذكورة، أنها كانت في النسوة اللاتي أَخَذَ عليهنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أخذ ... الحديث.
ولابن سعد من حديثها: أَخَذ علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لا نشرك بالله شيئًا، ولا نسرق، الآية. انتهى كلام الحافظ رحمهُ اللهُ (?)، وهو بحث مفيدٌ، وتعقّبه العينيّ على عادته المستمرّة، أعرضت عن ذكره؛ لكونه مجرّد تحامل، فتنبّه.
(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("فَتَصَدَّقْنَ") قال العينيّ رحمهُ اللهُ: هذه صيغة أمر، أَمَرَهُنّ -صلى الله عليه وسلم- بالصدقة، وهذه الصيغة تشترك فيها جماعة النساء من الماضي، ومن الأمر لهنّ، ويُفَرَّق بينهما بالقرينة.
[فإن قلت]: ما هذه الفاء فيها؟ .
[قلت]: يجوز أن تكون للجواب لشرط محذوف، تقديره: إن كنتنّ على ذلكِ، فتصدقن، ويجوز أن تكون للسببية. انتهى كلام العينيّ رحمهُ اللهُ (?)، وهو بحث نفيسٌ.
وقال الحافظ رحمهُ اللهُ: قوله: قال: "فتصدقن" هو فعل أمر لهنّ بالصدقة، والفاء سببية، أو داخلة على جواب شرط محذوف، تقديره: إن كنتن على ذلك فتصدقن، ومناسبته للآية من قوله: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]،