قال الشافعيّ في "سنن حرملة": هذا ثابت عندنا، وبه نأخذ، وهذا في مثل ما رُوي عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه مَرّ برجل يصلي ركعتي الفجر حين أقيمت الصلاة، فقال: "أصلاتان معًا؟ "، كأنه أحبّ أن يَفْصِلها منها حتى تكون المكتوبات منفردات مع السلام، يفصل بعد السلام، وقد رُوي أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اضطجع بعد ركعتي الفجر، ثم أخرج بسنده عن الشافعيّ، عن سفيان، عن عمر بن عطاء، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان يأمر إذا صلى المكتوبة فأراد أن يتنفل بعدها أن لا يتنفل حتى يتكلَّم، أو يتقدم، وربما حدثه، فقال: إذا صلى أحدكم المكتوبة، ثم أراد أن يصلي بعدها، فلا يصلي حتى يتقدم، أو يتكلّم. انتهى (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والماب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث معاوية -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمهُ اللهُ.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [22/ 2042 و 2043] (883)، و (أبو داود) في "الصلاة" (1129)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 99)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (1705 و 1867)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (1984 و 1985)، و (البيهقيّ) في "المعرفة" (2/ 522)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان مشروعيّة فصل النافلة عن الفريضة، إما بالكلام، أو الخروج من محلّها، والأفضل الخروج إلى البيت؛ لما تقدّم من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "صلُّوا في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة".
2 - (ومنها): ما قاله النوويّ رحمهُ اللهُ: فيه دليل على جواز اتخاذ المقصورة في المسجد إذا رآها وليّ الأمر مصلحةً، قالوا: وأول من عملها معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-، حين ضربه الخارجيّ.
وقال القاضي عياض رحمهُ اللهُ: واختلفوا في المقصورة، فأجازها كثيرون من السلف، وصَلَّوا فيها، منهم الحسن، والقاسم بن محمد، وسالم، وغيرهم.