شرح الحديث:
(عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) أنه (قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ) بضمّ، ففتح (أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرِ) بن مُطْعِم النوفليّ المدنيّ، ثقةٌ فاضلٌ المتوفَّى سنة (99 هـ)، تقدّمت ترجمته في "شرح المقدمة" جـ 2 ص 482. (أَرْسَلَهُ) أي: أرسل عمر بن عطاء (إِلَى السَّائِبِ ابْنِ أُخْتِ نَمِرِ) بن جبل خال يزيد بن سعيد، والد السائب، قال في "الإصابة": والنَّمِر خال أبيه يزيد، هو النَّمِر بن جَبَل، ووَهِمَ من قال: إنه النَّمِر بن قاسط. انتهى (?).
(يَسْأَلُهُ) جملة حاليةّ من المفعول (عَنْ شَيءٍ رَآهُ مِنْهُ) أي: من السائب (مُعَاوِيَةُ) بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-، (فِي الصَّلَاةِ) والمعنى أن نافعًا أرسل عمر بن عطاء يسأل السائب بن يزيد عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة، فأنكره عليه (فَقَالَ) السائب (نَعَمْ) المناسب من معانيها هنا الوعد، كأنه يعده بالإخبار، ثم أخبره، فقال: (صَلَّيْتُ مَعَهُ) أي: مع معاوية -رضي الله عنه- (الْجُمُعَةَ) أي: صلاتها (فِي الْمَقْصُورَةِ) اسم مفعول من قصر الشيء: إذا حبسه، قال الفيّوميّ رحمهُ اللهُ: وقصرته قَصْرًا: حبستُهُ، ومنه {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)} [الرحمن: 72]، ومقصورة الدار: الْحُجْرة منها، ومقصورة المسجد أيضًا، وبعضهم يقول: هي مُحَوَّلةٌ عن اسم الفاعل، والأصل: قاصرةٌ؛ لأنها حابسةٌ، كما قيل: {حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45]؛ أي: ساترًا. انتهى (?).
وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: المقصورة: موضع من المسجد، تُقصَر على الملوك والأمراء، وأوّل من عَمِلَ ذلك معاوية رحمهُ اللهُ لَمّا ضربه الخارجيّ، واستَمَرّ العمل عليها؛ لهذه العلّة؛ تحصينًا للأمراء، فإن كان اتّخاذها لغير تلك العلّة فلا يجوز، ولا يُصلَّى فيها؛ لتفريقها الصفوف، وحيلولتها بين الإمام وبين المصلّين خلفه مع تمكّنهم من مشاهدة أفعاله، وقد أجازها بعض المتأخّرين لغير التحصين، وفيه بُعْدٌ. انتهى (?).
(فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ، قُمْتُ فِي مَقَامِي) أي: قمت في مكاني الذي صلّيت فيه