كثير التشكك في الألفاظ؛ لورعه وتقاه حتى لُقِّب بالشكّاك. انتهى (?).
[فائدة مهمّة]: قال العلامة ابن عابدين رحمهُ اللهُ في "الفوائد العجيبة": قولهم: "لا أفعله البَتَّةَ"، هي مصدر من البَتّ بمعنى القطع، وفي "القاموس": لا أفعلُهُ البَتَّةَ، وبتَّةً لكلِّ أمرٍ لا رَجْعَةَ فيه. انتهى.
والمشهور على الألسنة أنّ همزتها همزة قطع، وبه صَرَّح الإِمام الكِرْمانيّ في "شرح البخاريّ"، وردّه الحافظ ابنُ حجر في شرحه "فتح الباري" بما حاصله أَنَّه لم يَرَ أحدًا من أهل اللغة صرَّحَ بذلك، ونازعه البدر العَيْنيّ في "شرحه" أيضًا بانّ عدم رؤيته واطلاعه على التصريح بذلك لا يُنافي وجوده.
قال ابن عابدين: القياس يقتضي ما قاله الحافظ، فإنّه من المصادر الثلاثية، وهمزاتها همزة وصل، وبمنازعة العينيّ لا يثبت المدَّعى، نَعَمْ قد يُقال من حُسْنِ الظنِّ بالإِمام الكِرْماني أنّه لا يقولُ ذلك من رأيه مع مخالفته لقياسه على نظائره، فلولا وقوفه على ثَبَت في ذلك لما قاله.
وصرّح بعض الفضلاء بأنّ المشهور كونها همزة قطع، وأنّه مما خالف القياس، وهو يؤيد ما قاله الكِرْمانيّ، والله تعالى أعلمُ بحقيقة الحال.
قال: ثمّ رأيت في "الشرح الكبير" للعلامة الدمامينيّ على "المغني" عند قوله في "باب الهمزة": ولو كان على الاستفهام الحقيقيّ لم يكن مدحًا البَتةَ، ما نَصُّهُ: هي بمعنى القول المقطوع به، قالَ الرضيّ: وكأنَّ اللام فيها في الأصل للعهد؛ أي: القَطْعَة المعلومة التي لا تردّد فيها، فالتقدير هنا: أجزمُ بهذا الأمر، وهوأنّه لو كان على حقيقة الاستفهام لم يكن مدحًا قَطْعةً واحدةً، والمعنى أنّه ليس فيه تردّد، بحيث أجزم به، ثُمّ يبدو لي، ثُمّ أجزمُ به مرة أخرى، فيكون قطعتين، أو أكثر، بل هو قطعة واحدة لا يُثَنَّى فيها النظر، فالبَتَّة بمعنى القَطْعَة، ونصبها نصب المصادر. انتهى.
وفي هذا إشارة ظاهرة إلى أنّ الهمزة همزة وصل، بل كلام الرضيّ كالصريح في ذلك، اللهمّ إلّا أنْ يكونَ ذلك بناءً على ما هو القياس، فلا يُنافي ما قدّمناه من أنّ قطع همزتها مما خالف القياس.