الرُّبْعِ فَلِذَا لَوْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ قَدْرُ رُبْعِ شَعْرِهِ لَوْ كَانَ شَعْرُ رَأْسِهِ كَامِلًا فَفِيهِ دَمٌ، قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَعَلَى هَذَا يَجِيءُ مِثْلُهُ فِيمَنْ بَلَغَتْ لِحْيَتُهُ الْغَايَةَ فِي الْخِفَّةِ، وَعُلِمَ مِنْ إيجَابِهِ الدَّمَ بِحَلْقِ أَحَدِ الْإِبْطَيْنِ أَوْ الْإِبْطَيْنِ أَنَّ جِنَايَةَ الْحَلْقِ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فِي الْبَدَنِ فَلِذَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ، وَإِبْطَيْهِ بَلْ كُلَّ بَدَنِهِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَدَمٌ وَاحِدٌ بِشَرْطَيْنِ. الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَكُونَ كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ فَلَوْ أَرَاقَ دَمًا لِحَلْقِ رَأْسِهِ ثُمَّ حَلْقِ لِحْيَتِهِ لَزِمَهُ آخَرُ. الثَّانِي أَنْ يَتَّحِدَ الْمَجْلِسُ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ فَلِكُلِّ مَجْلِسٍ مُوجِبُ جِنَايَتِهِ إنْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ كَمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ اتَّحَدَ فَدَمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ كَمَا إذَا حَلَقَ الرَّأْسَ فِي مَجَالِسَ وَخَالَفَ مُحَمَّدٌ فِيمَا إذَا تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ فَأَلْحَقَهُ بِمَا إذَا اتَّحَدَ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ أَنَّ فِي إزَالَتِهِ لِشَعْرِ الرَّأْسِ أَوْ اللِّحْيَةِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الرُّبْعِ نِصْفَ صَاعٍ، وَلَوْ كَانَ شَعْرَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُمْ قَالُوا كُلُّ صَدَقَةٍ فِي الْإِحْرَامِ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ فَهِيَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ إلَّا مَا يَجِبُ بِقَتْلِ الْقَمْلَةِ وَالْجَرَادَةِ كَمَا أَنَّ وَاجِبَ الدَّمِ يَتَأَدَّى بِالشَّاةِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ مَنْ طَافَ لِلزِّيَارَةِ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ، وَمَنْ جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ بَدَنَةٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ ذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ إنْ نَتَفَ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ مِنْ أَنْفِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ شَعَرَاتٍ فَلِكُلِّ شَعْرَةٍ كَفٌّ مِنْ طَعَامٍ، وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فِي خُصْلَةٍ نِصْفُ صَاعٍ.

فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اشْتِبَاهًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الصَّدَقَةَ، وَلَمْ يَفْصِلْهَا، وَأَطْلَقَ فِي لُزُومِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْحَالِقِ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ مُحْرِمًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَحْلُوقُ مُحْرِمًا أَوْ لَا أَوْ حَلَالًا وَالْمَحْلُوقُ رَأْسُهُ مُحْرِمٌ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا إذَا كَانَا حَلَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجِنَايَةٍ مِنْهُمَا، وَكَلَامُهُ فِيمَا يَكُونُ جِنَايَةً، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الصَّدَقَةُ فَقَطْ لِقُصُورِ جِنَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِإِزَالَةِ شَعْرِ غَيْرِهِ انْتِفَاعًا قَلِيلًا بِخِلَافِ الْمَحْلُوقِ، وَإِنَّمَا صَارَ جِنَايَةً مِنْ الْحَالِقِ الْحَلَالِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ شَعْرَ الْمُحْرِمِ اسْتَحَقَّ الْأَمْنَ، وَقَدْ أَزَالَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQرُبْعَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَفِي أَقَلَّ مِنْ الرُّبْعِ صَدَقَةٌ، وَلَوْ قَصَّرْت الْمَرْأَةُ قَدْرَ أُنْمُلَةٍ مِنْ رُبْعِ شَعْرِهَا فَعَلَيْهَا دَمٌ قَالَ شَارِحُهُ أَيْ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْكَرْمَانِيِّ، وَهُوَ الصَّوَابُ قِيَاسًا عَلَى التَّحَلُّلِ وَوَقَعَ فِي الْكِفَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ أَنَّ التَّقْصِيرَ لَا يُوجِبُ الدَّمَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يَجِيءُ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ قَدْرُ رُبْعِهَا كَامِلَةً فَفِيهِ دَمٌ، وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ كَمَا فِي اللُّبَابِ (قَوْلُهُ: الثَّانِي أَنْ يَتَّحِدَ الْمَجْلِسُ) هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ فَلَوْ أَسْقَطَ أَوَّلًا مِنْ كَلَامِهِ: قَوْلُهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَاسْتَقَامَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ) أَنْ وَصْلِيَّةٌ، وَلَوْ حَذَفَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ لَكَانَ أَقْرَبَ لِلْفَهْمِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ اتَّحَدَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ، وَهُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ وَحُكْمُ مَا إذَا اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا حَلَقَ الرَّأْسَ فِي مَجَالِسَ) قَالَ فِي اللُّبَابِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا، وَكَذَا نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ الِاتِّفَاقَ فِيمَا سَيَأْتِي عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَصِّ الْأَظْفَارِ قَالَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ: لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ مُتَّفِقَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ فِي مَجَالِسَ مُخْتَلِفَةٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَمَنْسَكِ الْفَارِسِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْكَافِي وَشَرْحِ الْكَنْزِ، وَفِي الْبَحْرِ الزَّاخِرِ فَدَمٌ وَاحِدٌ بِالْإِجْمَاعِ وَيُخَالِفُهُ بِظَاهِرِهِ مَا ذَكَرَهُ الْخَبَّازِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ إذَا حَلَقَ رُبْعَ الرَّأْسِ ثُمَّ حَلَقَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ فِي أَزْمَانٍ مُتَفَرِّقَةٍ تَجِبُ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ دِمَاءٍ؛ لِأَنَّ حَلْقَ كُلِّ رُبْعٍ جِنَايَةٌ مُوجِبَةٌ لِلدَّمِ فَإِذَا اخْتَلَفَ أَزْمَانُ وُجُودِهَا نَزَلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ الْمَكَانِ فِي تِلَاوَةِ آيَةِ السَّجْدَةِ فَلَا يَتَدَاخَلُ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْأَزْمَانِ الْأَيَّامُ لَا الْمَجَالِسُ الْمُتَعَدِّدَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَخَالَفَ مُحَمَّدٌ فِيمَا إذَا تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا الْمَجْلِسُ بَدَلُ الْمَحَلِّ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ خِلَافَهُ فِيمَا إذَا تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ وَالْمَجْلِسُ (قَوْلُهُ: فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ مُحْرِمًا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ إنَّ فِي كَلَامِهِ اشْتِبَاهًا أَيْضًا وَذَلِكَ أَنَّ الْمَحْلُوقَ رَأْسُهُ لَوْ كَانَ حَلَالًا، وَكَانَ الْحَالِقُ مُحْرِمًا تَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ، وَفِي غَيْرِهِ نِصْفُ صَاعٍ. اهـ.

وَسَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ أَوْ قَصَّ أَظْفَارَ يَدَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَلَالًا) أَيْ أَوْ كَانَ الْحَالِقُ حَلَالًا وَالْمَحْلُوقُ رَأْسُهُ مُحْرِمٌ فَتَلْزَمُهُ صَدَقَةٌ، وَمَشَى فِي اللُّبَابِ عَلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِقِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ وَنَقَلَ شَارِحُهُ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي اللُّبَابِ عَنْ الْبَدَائِعِ وَالْكَرْمَانِيِّ وَالْعِنَايَةِ وَالْحَاوِي وَنَقَلَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَابْنِ الْهُمَامِ وَالشُّمُنِّيِّ ثُمَّ قَالَ: وَوَجْهُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ الْحَلَالُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي مُوجِبَاتِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ، وَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَوْ يُبَاحُ فِعْلُهُ هَذَا أَوْ يُكْرَهُ الظَّاهِرُ الْآخَرُ وَذَكَرَ وَجْهَهُ وَذَكَرَ أَيْضًا وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَ غَيْرِهِ حَيْثُ تَجِبُ الْجِنَايَةُ وَبَيْنَ مَا إذَا أَلْبَسَ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا لِبَاسًا مَخِيطًا حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ إذْ لَا شَكَّ فِي تَأَذِّي الْإِنْسَانِ بِتَفَثِ غَيْرِهِ يَجِدُهُ مَنْ رَأَى إنْسَانًا ثَائِرَ الرَّأْسِ شَعِثَهَا وَسِخَ الثَّوْبِ تَفِلَ الرَّائِحَةِ، وَمَا سُنَّ غُسْلُ الْجُمُعَةِ إلَّا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ أَنَّ شَعْرَ الْمُحْرِمِ اُسْتُحِقَّ إلَّا مِنْ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَلْبَسَ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا مَخِيطًا أَوْ طَيَّبَهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَكَذَا لَوْ غَطَّى رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ كَمَا فِي اللُّبَابِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ الْأَمْنُ عَنْ مُسْتَحَقِّهِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا فِي عِبَارَةِ الظَّهِيرِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ قَوْلِهِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَ قَمْلَةً عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ إلَّا مَنْ تَأَمَّلَ، وَأَمَّا لَوْ قَلَّمَ أَظَافِيرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015