بِالزَّمَانِ بِخِلَافِ تَطْيِيبِ الْعُضْوِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الزَّمَانُ حَتَّى لَوْ غَسَلَهُ مِنْ سَاعَتِهِ فَالدَّمُ وَاجِبٌ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلِذَا أَطْلَقَهُ فِي الْمَتْنِ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ تَطَيَّبَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَطَيَّبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ انْتَقَلَ بَعْدَهُ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ مِنْ بَدَنِهِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَإِذَا وَجَبَ الْجَزَاءُ بِالتَّطَيُّبِ فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِقْلَاعِ عَنْهَا، وَذَبْحُ الْهَدْيِ لَا يُبِيحُ بَقَاءَهُ فَلَوْ لَمْ يُزِلْهُ بَعْدَ مَا كَفَّرَ لَهُ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ دَمٍ آخَرَ لِبَقَائِهِ، وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ كَانَ مَحْظُورًا فَيَكُونُ لِبَقَائِهِ حُكْمُ ابْتِدَائِهِ، وَالرِّوَايَةُ تُوَافِقُهُ، وَهِيَ مَا فِي الْمُبْتَغَى عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا مَسَّ طِيبًا كَثِيرًا فَأَرَاقَ لَهُ دَمًا ثُمَّ تَرَكَ الطِّيبَ عَلَى حَالِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ دَمٌ آخَرُ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الَّذِي تَطَيَّبَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ ثُمَّ أَحْرَمَ وَتَرَكَ الطِّيبَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَحْظُورًا.

وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحِيطِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ بَيَانِهِ حُكْمُ الْعُضْوِ، وَمَا دُونَهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْعُضْوِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ ثُمَّ إنَّمَا تَجِبُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِتَطْيِيبِ كُلِّ الْبَدَنِ إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ فَلِكُلِّ طِيبٍ كَفَّارَةٌ كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ أَوْ لَا عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ دَاوَى قُرْحَةً بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ ثُمَّ خَرَجَتْ قُرْحَةٌ أُخْرَى فَدَاوَاهَا مَعَ الْأُولَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ مَا لَمْ تَبْرَأْ الْأُولَى، وَلَوْ كَانَ الطِّيبُ فِي أَعْضَاءٍ مُتَفَرِّقَةٍ يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنْ بَلَغَ عُضْوًا كَامِلًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ، وَفِي الْمُحِيطِ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

وَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِرَارًا كَثِيرَةً فَدَمٌ وَالْمُرَادُ بِالْمِرَارِ الْمَرَّتَانِ فَأَكْثَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ، وَقَالَ: لَوْ جَعَلَ الْمِلْحَ الَّذِي فِيهِ طِيبٌ فِي طَعَامٍ قَدْ طُبِخَ وَتَغَيَّرَ، وَأَكَلَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُطْبَخْ وَرِيحُهُ يُوجَدُ مِنْهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ جُعِلَ الزَّعْفَرَانُ فِي الْمِلْحِ فَإِنْ كَانَ الزَّعْفَرَانُ غَالِبًا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْحُ غَالِبًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. اهـ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ شَاةٌ إلَى أَنَّ سُبْعَ الْبَدَنَةِ لَا يَكْفِي فِي هَذَا الْبَابِ بِخِلَافِ دَمِ الشُّكْرِ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عُضْوُهُ بِالْإِضَافَةِ كَانَ أَوْلَى لِمَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِذَا أَلْبَسَ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا مَخِيطًا أَوْ طَيَّبَهُ بِطِيبٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ قَمْلَةً عَلَى غَيْرِهِ. اهـ.

وَقَوْلُهُ أَوْ خَضَّبَ رَأْسَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى طَيَّبَ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِالْحِنَّاءِ مَعَ دُخُولِهَا تَحْتَ الطِّيبِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْحِنَّاءُ طِيبٌ» لِلِاخْتِلَافِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الرَّأْسِ، وَلَمْ يَذْكُرْ اللِّحْيَةَ كَمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ لِيُفِيدَ أَنَّ الرَّأْسَ بِانْفِرَادِهَا مَضْمُونَةٌ، وَأَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ بِدَلِيلِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الرَّأْسِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَلَمَّا كَانَ مُصَرَّحًا فِيمَا يَأْتِي بِأَنَّ تَغْطِيَةَ الرَّأْسِ مُوجِبَةٌ لِلدَّمِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالزَّمَانِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّ الشَّعْرَ إلَخْ، وَفِي اللُّبَابِ لَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الطِّيبِ فِي الْبَدَنِ زَمَانًا لِوُجُوبِ الْجَزَاءِ وَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ فَلَوْ أَصَابَ جَسَدَهُ طِيبٌ كَثِيرٌ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ غَسَلَ مِنْ سَاعَتِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ فَيَغْسِلَهُ، وَإِنْ أَصَابَ ثَوْبَهُ فَحَكَّهُ أَوْ غَسَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَثُرَ، وَإِنْ مَكَثَ عَلَيْهِ يَوْمًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ إلَخْ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ أَيْ إنْ وَجَدَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَيَغْسِلُهُ لِئَلَّا يَصِيرَ عَاصِيًا بِاسْتِعْمَالِهِ حَالَ غَسْلِهِ، وَإِنْ زَالَ الطِّيبُ بِصَبِّ الْمَاءِ اكْتَفَى بِهِ شَرْحُ اللُّبَابِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَلَغَ عُضْوًا كَامِلًا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَصْغَرُ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الَّتِي أَصَابَهَا الطِّيبُ كَمَا فِي انْكِشَافِ أَعْضَاءِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَلْيُرَاجَعْ الْمَنْقُولُ (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ اللُّبَابِ: إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ إلَّا إذَا كَانَ عَنْ ضَرُورَةٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمِرَارِ الْمَرَّتَانِ فَأَكْثَرُ) تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: كَثِيرَةٌ عَلَى أَنَّ عِبَارَةَ قَاضِي خَانْ هَكَذَا، وَإِنْ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ فِيهِ طِيبٌ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ عَلَيْهِ الدَّمُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - انْتَهَتْ، وَهَكَذَا نَقَلَهَا عَنْهُ فِي الْفَتْحِ، وَفِيهِ عَنْ الْمَبْسُوطِ إذَا اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ فِيهِ طِيبٌ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا فَعَلَيْهِ الدَّمُ قَالَ: وَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ يُفِيدُ تَفْسِيرَ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا أَنَّهُ الْكَثْرَةُ فِي الْفِعْلِ لَا فِي نَفْسِ الطِّيبِ الْمُخَالِطِ فَلَا يَلْزَمُ الدَّمُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَ الطِّيبُ كَثِيرًا فِي الْكُحْلِ وَيُشْعِرُ بِالْخِلَافِ لَكِنْ مَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ يَعْنِي الْكُحْلَ فَفِيهِ صَدَقَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِرَارًا كَثِيرًا فَعَلَيْهِ دَمٌ لَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا، وَلَوْ كَانَ لَحَكَاهُ ظَاهِرًا كَمَا هُوَ عَادَةُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ مَا دُونَ الثَّلَاثِ كَمَا يُفِيدُهُ تَنْصِيصُهُ عَلَى الْمَرَّةِ وَالْمَرَّتَيْنِ، وَمَا فِي الْكَافِي الْمِرَارُ الْكَثِيرَةُ. اهـ.

وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْمُحِيطِ هُوَ مَا فِي الْكَافِي، وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ قَوْلُ الْإِمَامِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي السِّرَاجِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ مُطَيَّبٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِرَارًا كَثِيرَةً فَعَلَيْهِ فَقَدْ صَرَّحَ بِالْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ شَاةٌ إلَى أَنَّ سُبُعَ الْبَدَنَةِ لَا يَكْفِي إلَخْ) قَالَ فِي الشرنبلالية بَعْدَ نَقْلِهِ هَذِهِ الْعِبَارَةَ عَنْهُ لَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ فِيمَا لَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ بِجِمَاعٍ فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ أَنَّهُ يَقُومُ الشِّرْكُ فِي الْبَدَنَةِ مَقَامَهَا أَيْ الشَّاةِ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.

قُلْت: وَقَدْ نَقَلْت فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْقِرَانِ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ مَا هُوَ خِلَافُهُ أَيْضًا صَرِيحًا، وَمِثْلُهُ مَا يَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْهَدْيِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015