وَإِلَّا فَدَمُ التَّمَتُّعِ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّ دَمَ التَّمَتُّعِ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ طَوَافِ الرُّكْنِ وَلَا مِثْلَهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ التَّطَوُّعَ أَجْزَأَهُ عَنْ الرُّكْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدَّمُ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ وَلَوْ حَاضَتْ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَتَتْ بِغَيْرِ الطَّوَافِ) «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعَائِشَةَ حِينَ حَاضَتْ بِسَرِفَ افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» فَأَفَادَ أَنَّ طَوَافَهَا حَرَامٌ، وَهُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ دُخُولُهَا الْمَسْجِدَ وَتَرْكُ وَاجِبِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّ الطَّهَارَةَ وَاجِبَةٌ فِي الطَّوَافِ فَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَطُوفَ حَتَّى تَطْهُرَ فَإِنْ طَافَتْ كَانَتْ عَاصِيَةً مُسْتَحِقَّةً لِعِقَابِ اللَّهِ وَلَزِمَهَا الْإِعَادَةُ فَإِنْ لَمْ تُعِدْ كَانَ عَلَيْهَا بَدَنَةٌ، وَتَمَّ حَجُّهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ عِنْدَ الصَّدْرِ تَرَكَتْهُ كَمَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ) يَعْنِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ عُذْرٌ وَكَذَا إذَا أَخَّرَتْ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إلَى وَقْتِ طُهْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِلْعُذْرِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي طَوَافِ الصَّدْرِ وَأَطْلَقَ فِي سُقُوطِهِ عَمَّنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ فَشَمِلَ مَا إذَا أَقَامَ بَعْدَمَا حَلَّ النَّفْرُ الْأَوَّلُ أَوْ لَا وَفِيهِ اخْتِلَافٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ هُنَاكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تُجْزِهِ الْأُضْحِيَّةُ عَنْ الْمُتْعَةِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي النَّهْرِ التَّصْرِيحَ بِهَذَا الْمُسْتَفَادِ عَنْ الدِّرَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الشرنبلالية مِثْلَهُ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ قَالَ لَكِنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ طَوَافُ الرُّكْنِ مُتَعَيِّنًا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وُجُوبًا كَانَ النَّظَرُ لِإِيقَاعِ مَا طَافَهُ عَنْهُ وَتَلْغُو نِيَّةُ غَيْرِهِ، وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ فَهِيَ مُتَعَيِّنَةٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَالْمُتْعَةِ فَلَا تَقَعُ الْأُضْحِيَّةُ مَعَ تَعَيُّنِهَا عَنْ غَيْرِهَا اهـ.
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ مُتَعَيِّنَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِ ذَلِكَ الْمُتَمَتِّعِ فَمُسَلَّمٌ وَلَا كَلَامَ فِيهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا مُتَعَيِّنَةٌ فِي حَقِّهِ أَيْضًا فَلَا يُسَلَّمُ إذْ هِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُسَافِرًا، أَمَّا الْمُتْعَةُ فَهِيَ مُتَعَيِّنَةٌ عَلَيْهِ فَسَاوَتْ الطَّوَافَ اهـ.
فَالْأَوْلَى مَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ طَوَافَ الرُّكْنِ لَمَّا كَانَ الْوَقْتُ مُتَعَيِّنًا لَهُ لَا يَسَعُ غَيْرَهُ أَجْزَأَتْهُ نِيَّةُ التَّطَوُّعِ بِخِلَافِ دَمِ التَّمَتُّعِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَا فِي الشرنبلالية وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الِاعْتِرَاضُ الْمَارُّ خِلَافًا لِمَا زَعَمَهُ الْمُعْتَرِضُ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا أَخَّرَتْ طَوَافَ الزِّيَارَةِ) أَيْ إذَا حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْدِرَ عَلَى أَكْثَرِ الطَّوَافِ قَالَ فِي اللُّبَابِ وَلَوْ حَاضَتْ فِي وَقْتٍ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَطُوفَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فَلَمْ تَطُفْ لَزِمَهَا دَمٌ لِلتَّأْخِيرِ، وَلَوْ حَاضَتْ فِي وَقْتٍ تَقْدِرُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ فَقَوْلهمْ لَا شَيْءَ عَلَى الْحَائِضِ وَكَذَا النُّفَسَاءُ لِتَأْخِيرِ الطَّوَافِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا حَاضَتْ فِي وَقْتٍ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى أَكْثَرِ الطَّوَافِ، أَوْ حَاضَتْ قَبْلَ أَيَّامِ النَّحْرِ وَلَمْ تَطْهُرْ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ اهـ.
لِمَا ذَكَرَهُ فِي اللُّبَابِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهَا لَوْ طَهُرَتْ فِي آخِرِ أَيَّامِ النَّحْرِ وَيُمْكِنُهَا طَوَافُ الزِّيَارَةِ كُلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَلَمْ تَطُفْ فَعَلَيْهَا دَمٌ لِلتَّأْخِيرِ، وَإِنْ أَمْكَنَهَا أَقَلُّهُ فَلَمْ تَطُفْ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.