عَبْدُهُ وَمَوْلَاهُ حَاضِرٌ فَالْوِلَايَةُ لِلْمُكَاتَبِ لَكِنَّهُ يُقَدِّمُ مَوْلَاهُ احْتِرَامًا وَمَوْلَى الْعَبْدِ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِنْ ابْنِهِ الْحُرِّ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ حُكْمًا، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَفَاءٍ، فَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً، فَإِنْ أُدِّيَتْ كِتَابَتُهُ أَوْ كَانَ الْمَالُ حَاضِرًا لَا يَخَافُ عَلَيْهِ التَّوَى وَالتَّلَفَ، فَالِابْنُ أَحَقُّ وَإِلَّا فَالْمَوْلَى وَسَائِرُ الْقَرَابَات أَوْلَى مِنْ الزَّوْجِ، وَكَذَا مَوْلَى الْعَتَاقَةِ وَابْنُهُ وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ انْقَطَعَتْ بَيْنَهُمَا بِالْمَوْتِ، وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْجَارُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِلْوَلِيِّ الْإِذْنُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْإِذْنُ فِي التَّقَدُّمِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَيَمْلِكُ إبْطَالَهُ وَقَدَّمْنَا أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلِيٌّ غَيْرُهُ أَوْ كَانَ وَهُوَ بَعِيدٌ أَمَّا إذَا كَانَا وَلِيَّيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ فَأَذِنَ أَحَدُهُمَا أَجْنَبِيًّا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَمْنَعَهُ ثَانِيهِمَا أَنْ يَأْذَنَ لِلنَّاسِ فِي الِانْصِرَافِ بَعْدَ الصَّلَاةِ قَبْلَ الدَّفْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَنْصَرِفُوا إلَّا بِإِذْنِهِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ مَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِمَوْتِهِ لِيُصَلُّوا عَلَيْهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ يُتَبَرَّكُ بِهِ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُنَادَى عَلَيْهِ فِي الْأَزِقَّةِ وَالْأَسْوَاقِ؛ لِأَنَّهُ نَعْيُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْمُصَلِّينَ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ لَهُ وَتَحْرِيضَ النَّاسِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَالِاعْتِبَارَ بِهِ وَالِاسْتِعْدَادَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ نَعْيُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَبْعَثُونَ إلَى الْقَبَائِلِ يَنْعَوْنَ مَعَ ضَجِيجٍ وَبُكَاءٍ وَعَوِيلٍ وَتَعْدِيدٍ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ اهـ.

وَهِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ لِلْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» «وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَعَنَ اللَّهُ الْحَالِقَةَ وَالصَّالِقَةَ وَالشَّاقَّةَ» وَالصَّالِقَةَ الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالْمُصِيبَةِ، وَلَا بَأْسَ بِإِرْسَالِ الدَّمْعِ وَالْبُكَاءِ مِنْ غَيْرِ نِيَاحَةٍ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ الْوَلِيِّ وَالسُّلْطَانُ أَعَادَ الْوَلِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَالْمُرَادُ مِنْ السُّلْطَانِ مَنْ لَهُ حَقُّ التَّقَدُّمِ عَلَى الْوَلِيِّ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَ عَلَى الْوَلِيِّ مَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ التَّقَدُّمِ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْإِعَادَةُ إذَا صَلَّى الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ أَوْ إمَامُ الْحَيِّ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ والولوالجية وَالظَّهِيرِيَّةِ وَالتَّجْنِيسِ وَالْوَاقِعَاتِ، وَلَوْ صَلَّى رَجُلٌ وَالْوَلِيُّ خَلْفَهُ، وَلَمْ يَرْضَ بِهِ إنْ صَلَّى مَعَهُ لَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى مَرَّةً، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ، فَإِنْ كَانَ الْمُصَلِّي السُّلْطَانَ أَوْ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ فِي الْبَلْدَةِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْوَالِي عَلَى الْبَلْدَةِ أَوْ إمَامَ حَيٍّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيدَ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمْ فَلَهُ الْإِعَادَةُ اهـ.

وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالتَّقَدُّمِ لَيْسَ بِمُقَدَّمٍ عَلَى الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَصْحَابُ الْفَتَاوَى قَالُوا، وَلَوْ أَعَادَهَا الْوَلِيُّ لَيْسَ لِمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْوَلِيِّ مَرَّةً أُخْرَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا لَمْ يُعِدْ فَلَا إثْمَ عَلَى أَحَدٍ لِمَا أَنَّ الْفَرْضَ، وَهُوَ قَضَاءُ حَقِّ الْمَيِّتِ قَدْ تَأَدَّى بِصَلَاةِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْإِعَادَةُ إنَّمَا هِيَ لِأَجْلِ حَقِّهِ لَا لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ حُكْمَ الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّيْت بِلَا إذْنِ الْوَلِيِّ مَوْقُوفٌ إنْ أَعَادَ الْوَلِيُّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْفَرْضَ مَا صَلَّى الْوَلِيُّ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ سَقَطَ الْفَرْضُ بِالْأُولَى اهـ.

فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ لِمَنْ صَلَّى أَوَّلًا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْوَلِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ ظَهَرَ ضَعْفُ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ إمَامَ الْحَيِّ إذَا صَلَّى بِلَا إذْنِ الْوَلِيِّ، فَإِنْ لِلْوَلِيِّ الْإِعَادَةَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعِدْ إذَا صَلَّى السُّلْطَانُ لِخَوْفِ الِازْدِرَاءِ بِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ بِأَنَّ إمَامَ الْحَيِّ كَالسُّلْطَانِ فِي عَدَمِ إعَادَةِ الْوَلِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَلِّ غَيْرُهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَا صَلَّى الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدْ تَأَدَّى بِالْأُولَى وَالتَّنَفُّلُ بِهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ إلَّا لِمَنْ لَهُ الْحَقُّ، وَهُوَ الْوَلِيُّ عِنْدَ تَقَدُّمِ الْأَجْنَبِيِّ إنْ قُلْنَا إنَّ إعَادَةَ الْوَلِيِّ نَفْلٌ وَإِلَّا فَلَا اسْتِثْنَاءَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي إعَادَةِ مَنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَلِيِّ إذَا صَلَّى الْوَلِيُّ كَالسُّلْطَانِ وَالْقَاضِي فَذَهَبَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِ مَنْ لَيْسَ لَهُ تَقَدُّمٌ عَلَى الْوَلِيِّ أَمَّا مَنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَلِيِّ فَلَهُ الْإِعَادَةُ بَعْدَ صَلَاةِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إذَا كَانَ لَهُ الْإِعَادَةُ إذَا صَلَّى غَيْرُهُ مَعَ أَنَّهُ أَدْنَى فَالسُّلْطَانُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015