فَكَذَا غُسْلُ الْمَيِّتِ وَأَمَّا الثَّانِي فَالْمَوْتَى ضَرْبَانِ مَنْ يُغَسَّلُ وَمَنْ لَا يُغَسَّلُ وَالْأَوَّلُ ضَرْبَانِ مَنْ يُغَسَّلُ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَمِنْ يُغَسَّلُ لَا لِلصَّلَاةِ فَالْأَوَّلُ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَلَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ وَالثَّانِي الْجَنِينُ الْمَيِّتُ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَكَذَا الْكَافِرُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ إذَا مَاتَ، وَلَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ كَمَا سَيَأْتِي وَالثَّانِي ضَرْبَانِ مَنْ لَا يُغَسَّلُ إهَانَةً وَعُقُوبَةً كَقَتْلَى أَهْلِ الْبَغْيِ وَالْحَرْبِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَضَرْبٌ لَا يُغَسَّلُ إكْرَامًا وَفَضِيلَةً كَالشُّهَدَاءِ

وَلَوْ اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ يُغَسَّلُونَ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَا، وَمَنْ لَا يُدْرَى أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ؟ إنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَا الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي بِقَاعِ دِيَارِ الْإِسْلَامِ يُغَسَّلُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ وُجِدَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ النِّصْفُ مَعَ الرَّأْسِ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا الْغَاسِلُ فَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَحِلَّ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْمَغْسُولِ فَلَا يُغَسِّلُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ، وَلَا الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ وَالْمَجْبُوبَ وَالْخَصِيَّ فَأَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ الْمُرَاهِقُ إذَا مَاتَ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُيَمَّمُ وَإِذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِي السَّفَرِ بَيْنَ الرِّجَالِ يُيَمِّمُهَا ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَفَّ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى يَدَيْهِ خِرْقَةً ثُمَّ يُيَمِّمُهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً يُيَمِّمُهَا الْأَجْنَبِيُّ بِغَيْرِ ثَوْبٍ، وَكَذَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ النِّسَاءِ تُيَمِّمُهُ ذَاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَوْ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ بِغَيْرِ ثَوْبٍ وَغَيْرُهُنَّ بِثَوْبٍ وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُشْتَهَى وَالصَّبِيَّةُ كَذَلِكَ غَسَّلَهُمَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَلَا يُغَسِّلُ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَالزَّوْجَةُ تُغَسِّلُ زَوْجَهَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا بِشَرْطِ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ عِنْدَ الْغُسْلِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُبَانَةً بِالطَّلَاقِ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ مُحَرَّمَةً بِرِدَّةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ لَمْ تُغَسِّلْهُ، وَلَمْ يُغَسِّلْ الْمَوْلَى أُمَّ وَلَدِهِ، وَكَذَا مُدَبَّرَتَهُ وَمُكَاتَبَتَهُ وَكَذَا عَلَى الْعَكْسِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْكُلُّ فِي الْمُجْتَبَى، وَفِي الْوَاقِعَاتِ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهِمَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ فَلَيْسَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنْ تُغَسِّلَهُ لِجَوَازِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُطَلَّقَةٌ، وَلَهُمَا الْمِيرَاثُ، وَعَلَيْهِمَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ

وَلَوْ مَاتَ عَنْ امْرَأَتِهِ، وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ لَمْ تُغَسِّلْهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَحِلُّ لَهُ الْمَسُّ حَالَ حَيَاتِهِ فَكَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ بِخِلَافِ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْحِلَّ قَائِمٌ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ أَنْ يُغَسَّلَ غَسَّلَتْهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْحَيَاةِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَأُخْتِهَا مِنْهُ فِي عِدَّتِهِ لَمْ تُغَسِّلْهُ، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ أَنْ يُغَسَّلَ غَسَّلَتْهُ لِمَا قُلْنَا اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إذَا ارْتَدَّتْ الْمَنْكُوحَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبَّلَتْ ابْنَهُ لَا تُغَسِّلُهُ، وَكَذَا إذَا وُطِئَتْ بِالشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تُنَافِي النِّكَاحَ وَتُحَرِّمُ الْمَسَّ، وَفِيهَا إذَا كَانَ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ مَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةٌ ذِمِّيَّةٌ يَعْلَمَانِ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَتَأَدَّى بِغُسْلِهِ وَلَكِنْ لَا يَهْتَدِي إلَى السُّنَّةِ فَيُعَلَّمُ، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَهِيَ حَامِلٌ فَوَضَعَتْ لَا تُغَسِّلُهُ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَفِي الْمُجْتَبَى وَأَمَّا مَا يُسْتَحَبُّ لِلْغَاسِلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ النَّاسِ إلَى الْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْغُسْلَ فَأَهْلُ الْأَمَانَةِ وَالْوَرَعِ لِلْحَدِيثِ، فَإِنْ كَانَ الْغَاسِلُ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ كَافِرًا جَازَ وَالْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ كَالْمُسْلِمَةِ فِي غُسْلِ زَوْجِهَا لَكِنَّهُ أَقْبَحُ، وَلَيْسَ عَلَى مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا غُسْلٌ، وَلَا وُضُوءٌ اهـ.

وَأَمَّا حُكْمُهُ قَبْلَهُ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَقِيلَ إنَّهُ مُحْدَثٌ، وَهُوَ سَبَبُ وُجُوبِهِ لَا لِنَجَاسَةٍ حَلَّتْ بِهِ إنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ جَمِيعِ الْجَسَدِ لِعَدَمِ الْحَرَجِ وَقِيلَ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ قَبْلَ الْغُسْلِ نَجَّسَهُ، وَلَوْ صَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ لِلْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ فَيَجِبُ تَطْهِيرُهُ بِالْغُسْلِ شَرْعًا كَرَامَةً لَهُ وَشَرَفًا اهـ.

وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي وَنَسَبَهُ فِي الْبَدَائِعِ إلَى عَامَّةِ الْمَشَايِخِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُشْتَهَى وَالصَّبِيَّةُ كَذَلِكَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ قَدَّرَهُ فِي الْأَصْلِ بِأَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ مَجُوسِيَّةٌ إلَخْ) أَيْ لَوْ مَاتَ مَنْ كَانَ مَجُوسِيًّا فَأَسْلَمَ لَمْ تُغَسِّلْهُ إلَّا إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ أَنْ يُغَسَّلَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ مَاتَ عَنْ امْرَأَتِهِ إلَخْ) صُورَتُهَا وَطِئَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ بِشُبْهَةٍ حَتَّى حَرُمَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمَوْطُوءَةِ فَمَاتَ فَانْقَضَتْ قَبْلَ أَنْ يُغَسَّلَ غَسَّلَتْهُ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا خِلَافُ زُفَرَ قَالَ فِي الْفَتْحِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي حِلِّهِ عِنْدَنَا حَالَةَ الْغُسْلِ وَعِنْدَهُ حَالَةَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي إلَخْ) أَقُولُ: تَقَدَّمَ فِي بَحْثِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَفِي تَطْهِيرِ النَّجَاسَاتِ أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ غُسَالَةَ الْمَيِّتِ نَجِسَةٌ وَأَطْلَقَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ فَالْمَاءُ مُسْتَعْمَلٌ لَا نَجِسٌ وَأَنَّ مُحَمَّدًا إنَّمَا أَطْلَقَ؛ لِأَنَّ غُسَالَتَهُ لَا تَخْلُو عَنْ النَّجَاسَةِ غَالِبًا. اهـ.

فَهَذَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَيِّتِ لِلْحَدَثِ، وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْفَرْعَيْنِ يُخَالِفُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُحِيطِ جَعَلَهُمَا دَلِيلًا وَالدَّلِيلُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُسَلَّمًا عِنْدَ الْخَصْمِ فَمُفَادُهُ تَصْحِيحُ إطْلَاقِ كَلَامِ مُحَمَّدٍ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ

وَقَدْ يُقَالُ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يُخَصَّصُ بِمَا خُصِّصَ بِهِ كَلَامُ الْأَصْلِ أَيْ يَنْجُسُ الْمَاءُ، وَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ حَامِلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ النَّجَاسَةِ غَالِبًا فَلَوْ عُلِمَ عَدَمُ النَّجَاسَةِ فِيهِ لَا يَنْجُسُ الْمَاءُ وَتَجُوزُ صَلَاةُ حَامِلِهِ وَبِهِ يَتَرَجَّحُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ حَدَثٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015