أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ اهـ.

[التَّكْبِير يَوْم الْعِيد]

(قَوْلُهُ غَيْرَ مُكَبِّرٍ وَمُتَنَفِّلٍ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ لَا جَهْرًا، وَلَا سِرًّا، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ فِي الْبَيْتِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي الْمُصَلَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ لَكِنْ أَفَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ أَحْكَامَ الْأَضْحَى كَالْفِطْرِ إلَّا أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي الطَّرِيقِ جَهْرًا فَصَارَ مَعْنَى كَلَامِهِ هُنَا أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ فِي الطَّرِيقِ جَهْرًا، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ الْمُرَادُ مِنْ نَفْيِ التَّكْبِيرِ بِصِفَةِ الْجَهْرِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ خَيْرُ مَوْضُوعٍ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ بِصِفَةِ الْإِخْفَاءِ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ مَا يُخَالِفُهُ قَالَ: وَلَا يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَعِنْدَهُمَا يُكَبِّرُ وَيُخَافِتُ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ اهـ.

فَأَفَادَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِهِ لَا فِي صِفَتِهِ وَأَنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ الْجَهْرِيَّةِ وَرَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ إذْ لَا يَمْنَعُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِسَائِرِ الْأَلْفَاظِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ بَلْ مِنْ إيقَاعِهِ عَلَى وَجْهِ الْبِدْعَةِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ بِدْعَةٌ وَيُخَالِفُ الْأَمْرَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} [الأعراف: 205] فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ، وَقَدْ وَرَدَ بِهِ فِي الْأَضْحَى، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّكْبِيرُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ اهـ.

وَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْخُلَاصَةِ أَعْلَمُ بِالْخِلَافِ مِنْهُ وَلِأَنَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا قُصِدَ بِهِ التَّخْصِيصُ بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ أَوْ بِشَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا حَيْثُ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْرُوعِ وَكَلَامُهُمْ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا خُصَّ يَوْمُ الْفِطْرِ بِالتَّكْبِيرِ؛ وَلِهَذَا قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ بَابِ الْمَهْرِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُتْعَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَا يُكَبِّرُ فِي طَرِيقِ الْمُصَلَّى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْ حُكْمًا لِلْعِيدِ وَلَكِنْ لَوْ كَبَّرَ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى يَجُوزُ وَيُسْتَحَبُّ اهـ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَهْرَ بِالتَّكْبِيرِ بِدْعَةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ إلَّا فِي الْمَوَاضِعِ الْمُسْتَثْنَاةِ وَصَرَّحَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ بِكَرَاهَةِ الذِّكْرِ جَهْرًا وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْمُسْتَصْفَى، وَفِي الْفَتَاوَى الْعَلَّامِيَّةِ وَتُمْنَعُ الصُّوفِيَّةُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ وَالصَّفْقِ وَصَرَّحَ بِحُرْمَتِهِ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ وَشَنَّعَ عَلَى مَنْ يَفْعَلهُ مُدَّعِيًا أَنَّهُ مِنْ الصُّوفِيَّةِ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فِي الْقُنْيَةِ مَا يَفْعَلُهُ الْأَئِمَّةُ فِي زَمَانِنَا فَقَالَ إمَامٌ يَعْتَادُ فِي كُلِّ غَدَاةٍ مَعَ جَمَاعَتِهِ قِرَاءَةَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَآخِرِ الْبَقَرَةِ وَ {شَهِدَ اللَّهُ} [آل عمران: 18] وَنَحْوَهُ جَهْرًا لَا بَأْسَ بِهِ وَالْأَفْضَلُ الْإِخْفَاءُ ثُمَّ قَالَ التَّكْبِيرُ جَهْرًا فِي غَيْرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يُسَنُّ إلَّا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ أَوْ اللُّصُوصِ وَقَاسَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ الْحَرِيقَ وَالْمَخَاوِفَ كُلَّهَا ثُمَّ رَقَمَ بِرَقْمٍ آخَرَ قَاصٌّ وَعِنْدَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ جُمْلَةً لَا بَأْسَ بِهِ وَالْإِخْفَاءُ أَفْضَلُ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ يُخْفُونَ وَالْإِخْفَاءُ أَفْضَلُ عِنْدَ الْفَزَعِ فِي السَّفِينَةِ أَوْ مُلَاعَبَتِهِمْ بِالسُّيُوفِ، وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ.

وَأَمَّا التَّكْبِيرُ خُفْيَةً، فَإِنْ قَصَدَ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ يَوْمِ الْفِطْرِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ أَيْضًا، وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَلَوْ كَانَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَأَمَّا الثَّانِي، وَهُوَ التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ فِي الْمُصَلَّى أَوْ فِي الْبَيْتِ وَلَا خِلَافَ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْمُصَلَّى وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا تَنَفَّلَ فِي الْبَيْتِ فَعَامَّتُهُمْ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بَعْدَهَا فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الْمُصَلَّى فَمَكْرُوهٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ فَلَا وَدَلِيلُ الْكَرَاهَةِ مَا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ فَصَلَّى بِهِمْ الْعِيدَ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا، وَلَا بَعْدَهَا» وَهَذَا النَّفْيُ بَعْدَهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الْمُصَلَّى لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا فَإِذَا رَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» اهـ.

قَالَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَهَا وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ صَلَاةَ الضُّحَى وَشَمَلَ مَنْ يُصَلِّي صَلَاةَ الْعِيدِ إمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ؛ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ النِّسَاءُ إذَا أَرَدْنَ أَنْ يُصَلِّينَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مَا يَفْعَلهُ يَوْم الْفِطْر]

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَرْدُودٌ إلَخْ) يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّ الْإِمَامَ الْمُحَقِّقَ لَهُ عِلْمٌ بِالْخِلَافِ أَيْضًا فَفِي الْبَدَائِعِ وَأَمَّا فِي عِيدِ الْفِطْرِ فَلَا يُكَبِّرُ جَهْرًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَجْهَرُ. اهـ.

وَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَمَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ وَدُرَرِ الْبِحَارِ وَقَالَ فِي النَّهْرِ غَيْرَ مُكَبِّرٍ أَيْ جَهْرًا وَهَذَا رِوَايَةُ الْمُعَلَّى عَنْ الْإِمَامِ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ الْبَغْدَادِيِّ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ جَهْرًا، وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي التَّرْجِيحِ فَقَالَ الرَّازِيّ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، وَمَا رَوَاهُ الْمُعَلَّى لَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ الْأَصَحُّ مَا رَوَاهُ الْمُعَلَّى كَذَا فِي الدِّرَايَةِ قَالَ الرَّازِيّ، وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَالْخِلَافُ فِي الْجَهْرِ وَعَدَمِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّجْنِيسِ، وَعَلَيْهِ جَرَى فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالشَّرْحِ. اهـ.

وَكَذَا جَرَى عَلَيْهِ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ وَشُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وَعَزَاهُ فِي النِّهَايَةِ إلَى الْمَبْسُوطِ وَتُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ وَزَادِ الْفُقَهَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015