الْمَأْمُومَ إذَا تَذَكَّرَ فَائِتَةً عَلَى إمَامِهِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْهَا الْإِمَامُ فَسَدَ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ لَا أَصْلُهَا، وَكَذَا إذَا تَذَكَّرَ فَائِتَةً عَلَيْهِ فَإِنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ لَمْ يَبْطُلْ، وَإِنَّمَا انْقَلَبَتْ نَفْلًا لِمَا عُرِفَ أَنَّ بُطْلَانَ الْوَصْفِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْأَصْلِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، ثُمَّ هَذِهِ الصَّلَاةُ لَا تَبْطُلُ قَطْعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَلْ تَبْقَى مَوْقُوفَةً إنْ صَلَّى بَعْدَهَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَهُوَ يَذْكُرُ الْفَائِتَةَ فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ جَائِزَةً اهـ.
فَذِكْرُ الْمُصَنِّفَ لَهَا فِي سِلْكِ الْبَاطِلِ اعْتِمَادٌ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْفَوَائِتِ.
(قَوْلُهُ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا) يَعْنِي عِنْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ عَدَمُ صَلَاحِيَّتِهِ لِلْإِمَامَةِ فِي حَقِّ الْقَارِئِ لَا بِالِاسْتِخْلَافِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ حَتَّى جَازَ اسْتِخْلَافُهُ الْقَارِئَ وَاخْتَارَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا فَسَادَ بِالِاسْتِخْلَافِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ بِالْإِجْمَاعِ وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي وَغَايَةِ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّ اسْتِخْلَافَ الْأُمِّيِّ فِعْلٌ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ فَيَكُونُ مُخْرَجًا مِنْهَا وَكَوْنُهُ لَيْسَ بِمُنَافٍ لَهَا إنَّمَا هُوَ فِي مُطْلَقِ الِاسْتِخْلَافِ، وَأَمَّا الِاسْتِخْلَافُ الْمُقَيَّدُ وَهُوَ اسْتِخْلَافُ الْأُمِّيِّ فَهُوَ مُنَافٍ لَهَا (قَوْلُهُ أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي الْفَجْرِ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهَا مُفْسِدَةٌ لِلصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ عَدَمُ فَسَادِهَا بِطُلُوعِهَا تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» وَلَنَا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ النَّهْيِ عَنْهَا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ بِطَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ الْفَسَادَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِذَا تَعَارَضَا قُدِّمَ النَّهْيُ، فَيَجِبُ حَمْلُ مَا رَوَوْا عَلَى مَا قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ فِي الْبُطْلَانِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّ الدُّخُولَ عِنْدَهُ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا إذَا صَارَ مِثْلَهُ قُلْنَا هَذَا عَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ وَقْتًا مُهْمَلًا بَيْنَ خُرُوجِ الظُّهْرِ وَدُخُولِ الْعَصْرِ فَإِذَا صَارَ الظِّلُّ مِثْلَهُ يَتَحَقَّقُ الْخُرُوجُ عِنْدَهُمَا وَالصَّلَاةُ تَامَّةٌ وَعِنْدَهُ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي الْكَافِي، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَلَمْ يَقُولُوا أَوْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَقِيلَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْعُدَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ مِقْدَارَ مَا صَارَ الظِّلُّ مِثْلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ
وَالظَّاهِرُ فِي الْجَوَابِ مَا نَقَلَهُ فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمُسْتَصْفَى بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ أَنَّ هَذَا عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ فَعِنْدَهُمَا إذَا صَارَ الظِّلُّ مِثْلَهُ وَعِنْدَهُ إذَا صَارَ مِثْلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ عَنْ بُرْءٍ أَوْ زَالَ عُذْرُ الْمَعْذُورِ) قَيَّدَ بِالْبُرْءِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَهَا لَا عَنْ بُرْءٍ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ اتِّفَاقًا لِمَا بَيَّنَّاهُ فِي بَابِهِ وَالْمُرَادُ بِزَوَالِ الْعُذْرِ اسْتِمْرَارُ انْقِطَاعِهِ وَقْتًا كَامِلًا فَإِذَا انْقَطَعَ عُذْرُهُ بَعْدَ الْقُعُودِ فَالْأَمْرُ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ دَامَ وَقْتًا كَامِلًا بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ وَوَقَعَ الِانْقِطَاعُ فِيهِ فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ أَنَّهُ انْقِطَاعٌ هُوَ بُرْءٌ فَيَظْهَرُ الْفَسَادُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَقْضِيهَا وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الِانْقِطَاعِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي فَالصَّلَاةُ الْأُولَى صَحِيحَةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ هُنَا اثْنَيْ عَشَرَ مَسْأَلَةً وَلَقَبُهَا اثْنَا عَشَرِيَّةٍ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهِيَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَهُمْ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ غَيْرُ جَائِرٍ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْسَبُ إلَى صَدْرِ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ فِي مِثْلِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَلَمًا عَلَى مَا عُرِفَ فِي فَنِّهِ فَيُقَالُ فِي النِّسْبَةِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَمًا عَلَى رَجُلٍ أَوْ غَيْرِهِ خَمْسِيٌّ
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى بِهِ وَأُرِيدَ بِهِ الْعَدَدُ فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْجُزْأَيْنِ حِينَئِذٍ مَقْصُودَانِ بِالْمَعْنَى فَلَوْ حُذِفَ أَحَدُهُمَا اخْتَلَّ الْمَعْنَى، وَلَوْ لَمْ يُحْذَفْ اُسْتُثْقِلَ، قَالُوا وَقَدْ زِيدَ عَلَيْهَا مَسَائِلُ فَمِنْهَا إذَا كَانَ يُصَلِّي بِالثَّوْبِ النَّجِسِ فَوَجَدَ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَجَدَ الْعَارِي ثَوْبًا، وَمِنْهَا مَا إذَا كَانَ يُصَلِّي الْقَضَاءَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْأَوْقَاتُ الْمَكْرُوهَةُ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ مَسْأَلَةِ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الْفَجْرِ، وَمِنْهَا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ عَلَى الْمَعْذُورِ وَهِيَ تَرْجِعُ إلَى ظُهُورِ الْحَدَثِ السَّابِقِ، وَمِنْهَا الْأَمَةُ إذَا كَانَتْ تُصَلِّي بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَأُعْتِقَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ تَسْتَتِرْ مِنْ سَاعَتِهَا وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِمَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا فَسَادَ بِالِاسْتِخْلَافِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ) الْأَصْوَبُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ شَامِلٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا حُكْمًا لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخْلَافَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ فِيهِ خِلَافُ زُفَرَ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ هَذَا الْبَابِ وَاَلَّذِي فِيهِ خِلَافُ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ مَا لَوْ كَانَ بَعْدَهُ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ قَالُوا وَقَدْ زِيدَ عَلَيْهَا مَسَائِلُ) الْقَائِلُ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْهُمَامِ وَصَاحِبُ الدُّرَرِ لَكِنَّهُمْ اقْتَصَرُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهَا وَهِيَ مَا عَدَا الثَّالِثَةَ، وَكَذَا ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ كَمَا ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ قَالَ وَنَوَّعَ دُخُولَ الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ عَلَى مُصَلِّي الْقَضَاءِ بِالزَّوَالِ وَتَغَيُّرِ الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ طُلُوعُهَا وَنَقَلَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ أَيْضًا عَنْ الذَّخِيرَةِ لَوْ سَلَّمَ الْأُمِّيُّ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ السَّهْوِ فَعَادَ إلَيْهِ فَلَمَّا سَجَدَ تَعَلَّمَ سُورَةً فَسَدَتْ عِنْدَ الْإِمَامِ لَا عِنْدَهُمَا فَتَصِيرُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةِ وَلَوْ سَلَّمَ ثُمَّ تَعَلَّمَ سُورَةً ثُمَّ تَذَكَّرَ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةِ اهـ كَلَامُ الذَّخِيرَةِ