بَنَاتِ أَعْمَامٍ مُتَفَرِّقِينَ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِابْنَةِ الْعَمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ ابْنَةَ الْعَمِّ لِأَبٍ، وَابْنَةَ الْعَمِّ لِأُمٍّ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَيْسَ بِوَلَدِ عَصَبَةٍ وَلَا وَلَدَ صَاحِبِ فَرْضٍ، وَكُلَّمَا تَرَجَّحَ ابْنَةُ الْعَمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ عَلَى ابْنَةِ الْعَمَّةِ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ فَكَذَلِكَ يَتَرَجَّحُ عَلَى ابْنَةِ الْعَمَّةِ لِأَبٍ فَلَا يَتَغَيَّرُ هَذَا الِاسْتِحْقَاقُ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَقِلَّةِ الْعَدَدِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ الْمُدْلَى بِهِ وَهُوَ الْأَبُ وَالْأُمُّ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْعَدَدِ وَكَثْرَتِهِ وَهُوَ سُؤَالُ أَبِي يُوسُفَ عَلَى مُحَمَّدٍ فِي أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فَإِنَّ هُنَاكَ لَوْ كَانَ الْمُدْلَى بِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ لَمَا اخْتَلَفَ الْقِسْمَةُ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَقِلَّتِهِ كَمَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ هُنَاكَ تَتَعَدَّدُ الْفُرُوعُ بِتَعَدُّدِ الْمُدْلَى بِهِ حُكْمًا وَهُنَا لَا يَتَعَدَّدُ الْمُدْلَى بِهِ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَدَّدُ الشَّيْءُ حُكْمًا إذَا تُصُوِّرَ حَقِيقَةً وَلَا يَثْبُتُ التَّعَدُّدُ حُكْمًا بِتَعَدُّدِ الْقَرَابَاتِ.

وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي أَوْلَادِ الْعَمَّاتِ وَأَوْلَادِ الْخَالَاتِ إذَا تَرَكَ بِنْتَ بِنْتِ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنَ بِنْتِ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْأُصُولَ قَدْ اتَّفَقَتْ.

تَرَكَ ابْنَةَ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنَةَ خَالَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَلِابْنَةِ الْعَمَّةِ الثُّلُثَانِ وَلِبِنْتِ الْخَالَةِ الثُّلُثُ وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا إذَا تَرَكَ بِنْتَ ابْنِ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَابْنَةَ ابْنَةِ خَالَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَلِبِنْتِ ابْنِ الْعَمَّةِ الثُّلُثَانِ، وَلِابْنَةِ ابْنِ الْخَالَةِ الثُّلُثُ.

أَمَّا الْكَلَامُ فِي أَعْمَامِ الْأُمِّ وَعَمَّاتِهَا وَأَعْمَامِ الْأَبِ وَعَمَّاتِهِ وَأَخْوَالِ الْأُمِّ وَخَالَاتِهَا إذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ خَالَةً لِأُمِّ وَارِثَةً لَهَا فَخَالُهَا وَخَالَتُهَا بِمَنْزِلَةِ خَالِهِ وَخَالَتِهِ فَإِنْ تَرَكَ خَالَةَ الْأُمِّ وَعَمَّةَ الْأُمِّ فَقَدْ ذَكَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثٌ ثُلُثَاهُ لِلْعَمَّةِ وَثُلُثُهُ لِلْخَالَةِ وَجَعَلَهُمَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِمَنْزِلَةِ خَالَةِ الْمَيِّتِ وَعَمَّتِهِ وَذَكَرَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِلْعَمَّةِ وَذَكَرَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِخَالَةِ الْأُمِّ، وَجْهُ رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ: إنْ فِي تَوْرِيثِ هَذَا النَّوْعِ الْمُدْلَى بِهِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَيِّتِ فَعَمَّةُ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ عَمَّةِ الْمَيِّتِ، وَكَذَلِكَ خَالَةُ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ خَالَةِ الْمَيِّتِ وَفِي عَمَّةِ الْمَيِّتِ وَخَالَتِهِ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَكَذَا هَذَا، وَإِنْ تَرَكَ عَمَّ الْأَبِ وَعَمَّةَ الْأَبِ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِعَمِّ الْأَبِ.

وَلَوْ تَرَكَ عَمَّ الْأَبِ وَعَمَّتَهُ وَخَالَ الْأَبِ وَخَالَتَهُ فَالْمَالُ كُلُّهُ لَهُ إذَا انْفَرَدَ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ، وَإِنْ كَانَ لِأُمٍّ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى الْأَبْدَانِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَعَلَى الْمُدْلَى بِهِ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عَمَّةُ الْأَبِ وَخَالَتُهُ فَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] كَمَا بَيَّنَّا، وَعَلَى رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ أَبَانَ وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ: الْمَالُ كُلُّهُ لِعَمَّةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا وَلَدُ الْعَصَبَةِ وَهُوَ وَلَدُ أَبِي الْأَبِ وَلِأَنَّهَا تُدْلِي بِقَرَابَةِ الْأَبِ، وَقَرَابَةُ الْأَبِ فِي مَعْنَى الْعُصُوبَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَرَابَةِ الْأُمِّ، وَإِنْ اجْتَمَعَ الْفَرِيقَانِ يَعْنِي عَمَّةَ الْأَبِ وَخَالَةَ الْأَبِ وَعَمَّةَ الْأُمِّ وَخَالَةَ الْأُمِّ لِقَوْمِ الْأَبِ الثُّلُثَانِ وَلِقَوْمِ الْأُمِّ الثُّلُثُ، ثُمَّ قِسْمَةُ كُلِّ جُزْءٍ بَيْنَ كُلِّ فَرِيقٍ فِي هَذَا الْفَصْلِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا ذَا قَرَابَتَيْنِ وَالْآخَرِ ذَا قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْقِسْمَةِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ لَكِنْ فِي نَصِيبِ كُلِّ فَرِيقٍ يَتَرَجَّحُ ذُو الْقَرَابَتَيْنِ، وَالْآخَرُ ذُو قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا فِي الْفَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِنْ اجْتَمَعَ عَمُّ الْأَبِ وَعَمَّتُهُ وَخَالَةُ الْأُمِّ وَخَالُهَا فَالْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّ نَصِيبَ الْأُمِّ وَهُوَ الثُّلُثُ فَيُقْسَمُ بَيْنَ خَالَتِهَا وَخَالِهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ بِفَضْلِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى إنْ كَانَتْ مِنْ أُمِّهِ؛ لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ أَوْلَادِ الْأُمِّ إذَا كَانُوا يَتَّصِلُونَ بِالْمَيِّتِ، وَهُمْ إخْوَةُ الْمَيِّتِ وَأَخَوَاتُهُ إذَا كَانُوا لِأَبٍ وَأُمٍّ إذَا كَانُوا يَتَّصِلُونَ بِوَارِثِ الْمَيِّتِ فَلَا تَسْوِيَةَ بَلْ يَفْضُلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ.

وَنَصِيبُ الْأَبِ يُقْسَمُ بَيْنَ قَرَابَتِهِ أَثْلَاثًا وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَلَوْ اجْتَمَعَ ثَلَاثَةُ أَخْوَالٍ مُتَفَرِّقِينَ أُمٌّ وَعَمٌّ وَعَمَّةُ أَبٍ مِنْ أُمٍّ فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَهُمْ الْمُوَرَّثُونَ مِنْ جِهَتَيْنِ يُقَدَّمُ مَنْ هُوَ لِأَبٍ، وَلَوْ تَرَكَ خَالَتِي أُمٍّ وَعَمَّتَيْ أُمٍّ لِأَبٍ فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ الثُّلُثُ لِخَالَتَيْ الْأُمِّ وَالثُّلُثَانِ بَيْنَ الْعَمَّتَيْنِ وَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْأُمَّ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ أَبَوَيْنِ فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ سَهْمٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثَانِ سَهْمَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ مَا أَصَابَ الْأُمَّ فَهِيَ لِمَنْ يُدْلِي بِهَا وَأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ، وَلَمَّا أَصَابَ الْأَبَ يَنْتَقِلُ إلَى مَنْ يُدْلِي بِهِ، وَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ: خَالُ أُمِّ الْأَبِ وَأُمُّ عَمَّةِ أُمِّ الْأَبِ فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْأُمَّ مَاتَتْ عَنْ أَبَوَيْنِ فَفَرِيضَتُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِلْأُمِّ يَنْتَقِلُ إلَى أُخْتِهَا وَسَهْمَانِ لِلْأَبِ تَنْتَقِلُ إلَى أُخْتِهِ فَتَصِيرُ فِي الْحَاصِلِ كَفَالَةٌ لِلْأُمِّ سَهْمٌ وَلِلْأَبِ عَمِّ أُمِّ الْأَبِ سَهْمَانِ، وَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ أَخْوَالٍ لِأَبٍ مُنْفَرِدِينَ وَثَلَاثَ عَمَّاتِ أَبٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَثَلَاثَ خَالَاتِ أُمٍّ مُتَفَرِّقَاتٍ فَعَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ مِنْ أَهْل الْعِرَاقِ يُجْعَلُ كَأَنَّ الْأُمَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015