بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا لِلَّتِي لَهَا قَرَابَتَانِ سَهْمَانِ، وَلِلِابْنَةِ سَهْمَانِ وَلِلِابْنَةِ الْأُخْرَى سَهْمٌ عَلَى الْآبَاءِ، وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ الْعَمَّاتِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ فَنَقُولُ: أَقْرَبُهُمْ إلَى الْمَيِّتِ أَوْلَى فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ فَعِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ مَنْ كَانَ ذَا قَرَابَتَيْنِ يَكُونُ أَوْلَى.
وَإِنْ اخْتَلَفَتْ يُقْسَمُ الْمَالُ عَلَيْهِمْ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا بَيَانَهُ مِنْ الْمَسَائِلِ.
إذَا تَرَكَ ابْنَةَ خَالَةٍ وَابْنَةَ ابْنِ خَالَةٍ فَالْمِيرَاثُ لِابْنَةِ الْخَالَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ بِدَرَجَةٍ وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ ابْنَةَ عَمَّةٍ وَابْنَةَ ابْنَةِ خَالَةٍ فَإِنَّ ابْنَةَ الْعَمَّةِ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتَا مِنْ جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ بِدَرَجَةٍ.
وَإِنْ تَرَكَ بَنَاتِ الْعَمِّ مَعَ ابْنَةِ خَالَةٍ فَلِبَنَاتِ الْعَمِّ الثُّلُثَانِ وَلِابْنَةِ الْخَالَةِ الثُّلُثُ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ ذَا قَرَابَتَيْنِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ اتِّحَادِ الْجِهَةِ، وَاخْتِلَافِهَا، بَيَانُهُ: فِيمَا إذَا تَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنَاتِ عَمَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِابْنَةِ الْعَمَّةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ ثَلَاثَ بَنَاتِ خَالَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، وَإِنْ تَرَكَ ابْنَةَ خَالَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنَةَ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَلِابْنَةِ الْعَمِّ الثُّلُثَانِ وَلِابْنَةِ الْخَالَةِ الثُّلُثُ هَذَا؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا يَعْنِي بِهِ: الِاتِّصَالَ بِالْمَيِّتِ - مَوْجُودٌ حَقِيقَةً، وَلَكِنْ الْقَرَابَتَانِ أَقْوَى سَبَبًا فَعِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ يُجْعَلُ الْأَقْوَى فِي مَعْنَى الْأَقْرَبِ وَكَذَلِكَ يَنْعَدِمُ عِنْدَ اخْتِلَافِ السَّبَبِ وَالْجِهَةِ وَلِأَنَّ تَوْرِيثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْعُصُوبَةِ، وَقَرَابَةُ الْأَبِ فِي ذَلِكَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى قَرَابَةِ الْأُمِّ فَجُعِلَ قُوَّةُ السَّبَبِ كَزِيَادَةِ الْقُرْبِ عِنْدِ اتِّحَادِ الْجِهَةِ، وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ يَسْقُطُ اعْتِبَارُ هَذَا الْمَعْنَى، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا وَلَدَ عَصَبَةٍ وَوَلَدَ صَاحِبِ فَرْضٍ فَعِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ يُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ وَوَلَدُ صَاحِبِ الْفَرْضِ، وَعِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ لَا يُقَدَّمُ، وَتُعْتَبَرُ الْمُسَاوَاةُ فِي الِاتِّصَالِ بِالْمَيِّتِ وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُقَدَّمُ وَلَدُ الْعَصَبَةِ عَلَى وَلَدِ صَاحِبِ الْفَرْضِ حَتَّى إنَّهُ إذَا تَرَكَ ابْنَةَ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ، وَابْنَةَ عَمَّةٍ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِبِنْتِ الْعَمِّ وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْجِهَةَ هُنَا اتَّحَدَتْ، وَلَوْ تَرَكَ ابْنَةَ عَمٍّ وَابْنَةَ خَالٍ وَخَالَةٍ فَلِابْنَةِ الْعَمِّ الثُّلُثَانِ وَلِابْنَةِ الْخَالِ وَالْخَالَةِ الثُّلُثُ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ، وَلَا تُقَدَّمُ بِنْتُ الْعَمِّ لِكَوْنِهَا وَلَدَ عَصَبَةٍ؛ لِأَنَّ الْجِهَةَ مُخْتَلِفَةٌ هُنَا وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ: الْمَالُ كُلُّهُ لِابْنَةِ الْعَمِّ فَيُقَدَّمُ وَلَدُ الْعَصَبَةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْعَصَبَةِ أَقْرَبُ اتِّصَالًا بِوَارِثِ الْمَيِّتِ فَكَانَ أَقْرَبَ اتِّصَالًا بِالْمَيِّتِ فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعَمَّةُ أَحَقَّ بِجَمِيعِ الْمَالِ مِنْ الْخَالَةِ؛ لِأَنَّ الْعَمَّةَ وَلَدُ الْعَصَبَةِ وَهُوَ أَبٌ لِأَبٍ، وَالْخَالَةُ لَيْسَتْ بِوَلَدِ عَصَبَةٍ وَلَا وَلَدِ صَاحِبِ فَرْضٍ فَإِنَّهُمَا، وَلَدُ أَبِي الْأُمِّ قُلْنَا: الْخَالَةُ وَلَدُ أُمِّ الْأُمِّ، وَهِيَ صَاحِبَةُ فَرْضٍ فَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ تُحَقَّقُ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا فِي اتِّصَالِ الْوَارِثِ لِلْمَيِّتِ إلَّا أَنَّ اتِّصَالَ الْخَالَةِ بِوَارِثٍ وَهِيَ أُمٌّ فَتَسْتَحِقُّ فَرِيضَةَ الْأُمِّ.
وَاتِّصَالُ الْعَمَّةِ بِوَارِثٍ، وَهُوَ أَبٌ فَتَسْتَحِقُّ نَصِيبَ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ قَوْمُ هَؤُلَاءِ مِنْ قَوْمِ الْأُمِّ مِنْ بَنَاتِ الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَقَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ مِنْ بَنَاتِ الْعَمَّاتِ وَالْأَعْمَامِ فَالْمَالُ مَقْسُومٌ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَثْلَاثًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جَانِبٍ ذُو قَرَابَتَيْنِ أَوْ كَانَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ ذُو قَرَابَتَيْنِ وَمِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ ذُو قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ مَا أَصَابَ كُلَّ فَرِيقٍ يَتَرَجَّحُ فِيهِ مَنْ كَانَ ذَا قَرَابَتَيْنِ لِأَبٍ عَلَى مَنْ قَرَابَتُهُ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ فَرِيقٍ الِاسْتِحْقَاقُ لَهُ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إذَا انْفَرَدَا اسْتَحَقَّ جَمِيعَ ذَلِكَ فَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ تُرَاعَى قُوَّةُ السَّبَبِ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ لِلْقَرَابَةِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقَرَابَةِ فَالْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْأَبْدَانِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ: الْقِسْمَةُ عَلَى أَوَّلِ مَنْ يَقَعُ الْخِلَافُ بِهِ مِنْ الْآبَاءِ بَيَانُهُ فِيمَا إذَا تَرَكَ ابْنَ خَالَةٍ وَابْنَةَ خَالَةٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْآبَاءَ قَدْ اتَّفَقَتْ، وَإِنْ تَرَكَ ابْنَ عَمَّةٍ وَابْنَةَ عَمٍّ فَإِنْ كَانَتْ ابْنَةَ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا وَلَدُ عَصَبَةٍ، وَابْنُ الْعَمَّةِ لَيْسَ بِوَلَدِ عَصَبَةٍ وَلَا وَلَدَ صَاحِبِ فَرْضٍ، وَإِنْ كَانَتْ بِنْتُ الْعَمِّ لِأُمٍّ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا بِاعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ الثُّلُثَانِ لِابْنِ الْعَمَّةِ وَالثُّلُثُ لِبِنْتِ الْعَمِّ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الثُّلُثَانِ لِبِنْتِ الْعَمِّ وَالثُّلُثُ لِابْنِ الْعَمَّةِ لِأُمٍّ فَإِذَا كَانَ ابْنَ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَهُوَ أَوْلَى بِجَمِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ ذُو قَرَابَتَيْنِ.
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ ابْنَ عَمَّةٍ لِأَبٍ؛ لِأَنَّهُ أَدْلَاهُ بِقَرَابَةِ الْأَبِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ مَعْنَى الْعُصُوبَةِ يُقَدَّمُ قَرَابَةُ الْأَبِ عَلَى قَرَابَةِ الْأُمِّ فَإِنْ تَرَكَ ثَلَاثَ بَنَاتِ أَخْوَالٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَثَلَاثَ بَنَاتِ خَالَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ وَثَلَاثَ بَنَاتِ عَمَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فَالثُّلُثَانِ لِبَنَاتِ الْعَمَّاتِ، ثُمَّ نَشْرَحُ فِي ذَلِكَ ابْنَ الْخَالَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنَةَ الْخَالَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَيَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَبْدَانِ لِابْنِ الْخَالَةِ الثُّلُثَانِ وَلِابْنَةِ الْخَالَةِ الثُّلُثُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مَعَ هَؤُلَاءِ ثَلَاثُ