ثَلَاثًا دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ لَمْ يَجِفَّ كَذَا ذَكَرَهُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْخَزَفَةِ بِمَا إذَا تَنَجَّسَتْ وَهِيَ رَطْبَةٌ، أَمَّا لَوْ تُرِكَتْ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ حَتَّى جَفَّتْ فَإِنَّهَا كَالْجَدِيدَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشَاهِدُ اجْتِذَابَهَا حَتَّى يَظْهَرَ مِنْ ظَاهِرِهَا. اهـ.

وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي أَصَابَهُ النَّجَاسَةُ صُلْبًا كَالْحَجَرِ وَالْآجُرِّ وَالْخَشَبِ وَالْأَوَانِي فَإِنَّهُ يُغْسَلُ مِقْدَارَ مَا يَقَعُ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ قَدْ طَهُرَ وَلَا تَوْقِيتَ فِيهِ، وَإِنَّمَا حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ إذَا كَانَ لَا يُوجَدُ بَعْدَ ذَلِكَ طَعْمُ النَّجَاسَةِ وَلَا رَائِحَتُهَا وَلَا لَوْنُهَا فَإِذَا وُجِدَ مِنْهَا أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ فَلَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْآنِيَةُ مِنْ الْخَزَفِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ جَدِيدًا كَانَ أَوْ غَيْرَ جَدِيدٍ وَعَزَاهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ إلَى أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْأَثَرَ فِيهِ غَيْرُ مُغْتَفَرٍ، وَإِنْ كَانَ يَشُقُّ زَوَالُهُ بِخِلَافِ مَا ذَكَرُوا فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا فِي هَذِهِ لَا تَعْرَى عَنْ شَيْءٍ، وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ بَقَاءَ الْأَثَرِ هُنَا دَالٌّ عَلَى قِيَامِ شَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الِاكْتِسَابُ فِيهِ بِسَبَبِ الْمُجَاوَرَةِ وَاسْتَمَرَّتْ قَائِمَةً بَعْدَ اضْمِحْلَالِ الْعَيْنِ مِنْهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَيَدُلُّ لِلتَّفْرِقَةِ مَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ بَقِيَ أَثَرُ الْخَمْرِ يُجْعَلُ فِيهِ الْخَلُّ حَتَّى لَا يَبْقَى أَثَرُهَا فَيَطْهُرُ. اهـ.

وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَالْأَوَانِي ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: خَزَفٌ وَخَشَبٌ وَحَدِيدٌ وَنَحْوُهَا وَتَطْهِيرُهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ حَرْقٌ وَنَحْتٌ وَمَسْحٌ وَغَسْلٌ، فَإِنْ كَانَ الْإِنَاءُ مِنْ خَزَفٍ أَوْ حَجَرٍ وَكَانَ جَدِيدًا وَدَخَلَتْ النَّجَاسَةُ فِي أَجْزَائِهِ يُحْرَقُ، وَإِنْ كَانَ عَتِيقًا يُغْسَلُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خَشَبٍ وَكَانَ جَدِيدًا يُنْحَتُ، وَإِنْ كَانَ عَتِيقًا يُغْسَلُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ صُفْرٍ أَوْ زُجَاجٍ أَوْ رَصَاصٍ وَكَانَ صَقِيلًا يُمْسَحُ، وَإِنْ كَانَ خَشِنًا يُغْسَلُ. اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ وَحَكَى عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَافِظِ أَنَّهُ إذَا أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ الْبَدَنَ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ؛ لِأَنَّ الْعَصْرَ مُتَعَذِّرٌ فَقَامَ التَّوَالِي فِي الْغَسْلِ مَقَامَ الْعَصْرِ وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ كُلًّا مِنْ التَّوَالِي وَالتَّرْكِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْبَدَنِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ بَعْدَ التَّفْرِيعِ عَلَى اشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي النَّوَازِلِ وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا يُوَافِقُهُ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ فَعَدَمُ اشْتِرَاطِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَظْهَرُ. اهـ.

وَفِي عُمْدَةِ الْفَتَاوَى نَجَاسَةٌ يَابِسَةٌ عَلَى الْحَصِيرِ تُفْرَكُ وَفِي الرَّطْبَةِ يُجْرَى عَلَيْهَا الْمَاءُ ثَلَاثًا وَالْإِجْرَاءُ كَالْعَصْرِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْبَرْدِيُّ إذَا تَنَجَّسَ إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً تُغْسَلُ بِالْمَاءِ ثَلَاثًا وَيُقَوَّمُ الْحَصِيرُ حَتَّى يَخْرُجَ الْمَاءُ مِنْ أَثْقَابِهِ، وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ قَدْ يَبِسَتْ فِي الْحَصِيرِ تُدْلَكُ حَتَّى تَلِينَ النَّجَاسَةُ فَتَزُولَ بِالْمَاءِ وَلَوْ كَانَ الْحَصِيرُ مِنْ الْقَصَبِ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يُغْسَلُ ثَلَاثًا فَيَطْهُرُ. اهـ.

وَحَمَلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَلَى الْحَصِيرِ الصَّقِيلَةِ كَأَكْثَرِ حُصْرِ مِصْرَ، أَمَّا الْجَدِيدَةُ الْمُتَّخَذَةُ مِمَّا يَتَشَرَّبُ فَسَيَأْتِي وَفِي الْمُجْتَبَى مَعْزِيًّا إلَى صَلَاةِ الْبَقَّالِي أَنَّ الْحَصِيرَ تَطْهُرُ بِالْمَسْحِ كَالْمِرْآةِ وَالْحَجَرِ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ أَعْنِي مَا يَتَدَاخَلُهُ أَجْزَاءُ النَّجَاسَةِ فَلَا يَطْهُرُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ أَبَدًا وَيَطْهُرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَالْخَزَفَةِ الْجَدِيدَةِ وَالْخَشَبَةِ الْجَدِيدَةِ وَالْبَرْدِيِّ وَالْجِلْدِ دُبِغَ بِنَجَسٍ وَالْحِنْطَةِ انْتَفَخَتْ مِنْ النَّجَاسَةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ تُغْسَلُ ثَلَاثًا وَتُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقِيلَ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَطْ وَالسِّكِّينُ الْمُمَوَّهَةُ بِمَاءٍ نَجِسٍ تُمَوَّهُ ثَلَاثًا بِطَاهِرٍ وَاللَّحْمُ وَقَعَ فِي مَرَقِهِ نَجَاسَةٌ حَالَ الْغَلَيَانِ يُغْلَى ثَلَاثًا فَيَطْهُرُ وَقِيلَ لَا يَطْهُرُ وَفِي غَيْرِ حَالَةِ الْغَلَيَانِ يُغْسَلُ ثَلَاثًا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْمَرَقَةُ لَا خَيْرَ فِيهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ تِلْكَ النَّجَاسَةُ خَمْرًا فَإِنَّهُ إذَا صُبَّ فِيهَا خَلٌّ حَتَّى صَارَتْ كَالْخَلِّ حَامِضَةً طَهَّرَتْهُ وَفِي التَّجْنِيسِ طُبِخَتْ الْحِنْطَةُ فِي الْخَمْرِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ تُطْبَخُ بِالْمَاءِ ثَلَاثًا وَتُجَفَّفُ كُلَّ مَرَّةٍ وَكَذَا اللَّحْمُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا طُبِخَتْ بِالْخَمْرِ لَا تَطْهُرُ أَبَدًا وَبِهِ يُفْتَى. اهـ.

وَالْكُلُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَطْهُرُ أَبَدًا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ صُبَّتْ الْخَمْرُ فِي قِدْرٍ فِيهَا لَحْمٌ إنْ كَانَ قَبْلَ الْغَلَيَانِ يَطْهُرُ اللَّحْمُ بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْغَلَيَانِ لَا يَطْهُرُ وَقِيلَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّرَفَيْنِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْآتِي مُقَيَّدَيْنِ بِكَوْنِهِمَا جَدِيدَيْنِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ أَيْضًا وَذَكَرَ الْوَسَطَ هُنَا مُقَيَّدًا بِالْقَدِيمِ وَجَعَلَ حُكْمَهُ كَالْخَزَفَةِ الْقَدِيمَةِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَالسِّكِّينُ الْمُمَوَّهَةُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمُنْيَةِ وَلَوْ مَوَّهَ الْحَدِيدَ النَّجِسَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ، ثُمَّ يُمَوِّهُ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَطْهُرُ قَالَ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا يَطْهُرُ أَبَدًا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِي الْحَمْلِ فِي الصَّلَاةِ، أَمَّا فِي حَقِّ الِاسْتِعْمَالِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَوْ غَسَلَ بَعْدَ التَّمْوِيهِ بِالنَّجِسِ ثَلَاثًا وَلَوْ وَلَاءً، ثُمَّ قُطِعَ بِهِ بِطِّيخٌ أَوْ غَيْرُهُ لَا يَتَنَجَّسُ الْمَقْطُوعُ، وَكَذَا لَوْ وَقَعَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُنَجِّسُهُ كَمَا فِي الْخِضَابِ وَنَحْوِهِ عَلَى مَا مَرَّ، أَمَّا لَوْ صَلَّى مَعَهُ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ التَّمْوِيهِ ثَلَاثًا بِالطَّاهِرِ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَالْغُسْلُ يُطَهِّرُ ظَاهِرَهُ إجْمَاعًا وَالتَّمْوِيهُ يُطَهِّرُ بَاطِنَهُ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بَلْ لَوْ قِيلَ يَكْفِي التَّمْوِيهُ مَرَّةً لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ؛ لِأَنَّ النَّارَ تُزِيلُ أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، ثُمَّ يَخْلُفُهَا الْمَاءُ الطَّاهِرُ وَلَكِنْ التَّكْرَارُ يُزِيلُ الشُّبْهَةَ عَنْ أَصْلٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبَّ الْخَمْرَ فِي قِدْرٍ فِيهَا لَحْمٌ إلَخْ) قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ يُفْهَمُ مِنْهُ وَمِمَّا تَقَدَّمَ وَاللَّحْمُ وَقَعَ فِي مَرَقَةٍ نَجِسَةٍ إلَخْ أَنَّ الْحُكْمَ مُخْتَلَفٌ بَيْنَمَا إذَا طُبِخَ بِخَمْرٍ وَبَيْنَمَا إذَا وَقَعَ فِي مَرَقَةٍ نَجِسَةٍ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015