عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا قَدْ زَالَتْ بِمَرَّةٍ أَجْزَأَهُ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالثَّلَاثِ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ هُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِهِ وَفِي السِّرَاجِ اعْتِبَارُ غَلَبَةِ الظَّنِّ مُخْتَارُ الْعِرَاقِيِّينَ وَالتَّقْدِيرُ بِالثَّلَاثِ مُخْتَارُ الْبُخَارِيِّينَ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُوَسْوِسًا، وَإِنْ كَانَ مُوَسْوِسًا فَالثَّانِي. اهـ.
وَاشْتِرَاطُ الْعَصْرِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَخْرَجُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ يَكْتَفِي بِالْعَصْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهُوَ أَرْفَقُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْعَصْرُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، كَذَا فِي الْكَافِي، ثُمَّ اشْتِرَاطُ الْعَصْرِ فِيمَا يَنْعَصِرُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا غُسِلَ الثَّوْبُ فِي الْإِجَّانَةِ، أَمَّا إذَا غَمَسَ الثَّوْبَ فِي مَاءٍ جَارٍ حَتَّى جَرَى عَلَيْهِ الْمَاءُ طَهُرَ وَكَذَا مَا لَا يَنْعَصِرُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ فِيمَا لَا يَنْعَصِرُ وَلَا التَّجْفِيفُ فِيمَا لَا يَنْعَصِرُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَكْرَارُ الْغَمْسِ وَكَذَا الْإِنَاءُ النَّجِسُ إذَا جَعَلَهُ فِي النَّهْرِ وَمَلَأَهُ وَخَرَجَ مِنْهُ طَهُرَ، وَلَوْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ بِسَمْنٍ نَجِسٍ فَغَمَسَهَا فِي الْمَاءِ الْجَارِي وَجَرَى عَلَيْهَا طَهُرَتْ وَلَا يَضُرُّهُ بَقَاءُ أَثَرِ الدُّهْنِ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يُنَجَّسُ بِمُجَاوِرَةِ النَّجَاسَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الدُّهْنُ وَدَكَ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَةُ أَثَرِهِ، وَأَمَّا حُكْمُ الْغَدِيرِ فَإِنْ غَمَسَ الثَّوْبَ بِهِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ، وَإِنْ لَمْ يَنْعَصِرْ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَأَمَّا حُكْمُ الصَّبِّ فَإِنَّهُ إذَا صَبَّ الْمَاءَ عَلَى الثَّوْبِ النَّجِسِ إنْ أَكْثَرَ الصَّبَّ بِحَيْثُ يَخْرُجُ مَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْ الْمَاءِ وَخَلَفَهُ غَيْرُهُ ثَلَاثًا فَقَدْ طَهُرَ؛ لِأَنَّ الْجَرَيَانَ بِمَنْزِلَةِ التَّكْرَارِ وَالْعَصْرَ وَالْمُعْتَبَرُ غَلَبَةُ الظَّنِّ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً لَا يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ، وَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي التَّبْيِينِ وَالْمُعْتَبَرُ ظَنُّ الْغَاسِلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَيُعْتَبَرُ ظَنُّ الْمُسْتَعْمِلِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ. اهـ.
وَتُعْتَبَرُ قُوَّةُ كُلِّ عَاصِرٍ دُونَ غَيْرِهِ خُصُوصًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّ قُدْرَةَ الْغَيْرِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَلَوْ كَانَتْ قُوَّتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُبَالِغْ فِي الْعَصْرِ صِيَانَةً لِثَوْبِهِ عَنْ التَّمْزِيقِ لِرِقَّتِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَطْهُرُ قَالَ بَعْضُهُمْ يَطْهُرُ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لَكِنْ اخْتَارَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ عَدَمَ الطَّهَارَةِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْعَصْرِ فِيمَا يَنْعَصِرُ مَخْصُوصٌ مِنْهُ مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي إزَارِ الْحَمَّامِ إذَا صُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ كَثِيرٌ وَهُوَ عَلَيْهِ يَطْهُرُ بِلَا عَصْرٍ حَتَّى ذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ دَمًا أَوْ بَوْلًا وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ كَفَاهُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي إزَارِ الْحَمَّامِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ لِضَرُورَةِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ وَتُتْرَكُ الرِّوَايَاتُ الظَّاهِرَةُ فِيهِ وَقَالُوا فِي الْبِسَاطِ النَّجِسِ إذَا جُعِلَ فِي نَهْرٍ لَيْلَةً طَهُرَ وَفِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ عَصْرُ الْكِرْبَاسِ طَهُرَ كَالْبِسَاطِ. اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِزَارَ الْمَذْكُورَ إنْ كَانَ مُتَنَجِّسًا فَقَدْ جَعَلُوا الصَّبَّ الْكَثِيرَ بِحَيْثُ يَخْرُجُ مَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْ الْمَاءِ وَيَخْلُفُهُ غَيْرُهُ ثَلَاثًا قَائِمًا مَقَامَ الْعَصْرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ السِّرَاجِ فَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ إزَارِ الْحَمَّامِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ الِاكْتِفَاءُ بِهِ فِي الْإِزَارِ لِأَجْلِ ضَرُورَةِ السِّتْرِ كَمَا فَهِمَهُ الْمُحَقِّقُ بَلْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَظَاهِرُ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَنَّ الْإِزَارَ لَيْسَ مُتَنَجِّسًا، وَإِنَّمَا أَصَابَهُ مَاءُ الِاغْتِسَالِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَعَلَى رِوَايَةِ نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ طَاهِرٌ وَعَلَيْهِ بُنِيَ هَذَا الْفَرْعُ، وَأَمَّا عَلَى طَهَارَتِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى غَسْلِهِ أَصْلًا كَمَا لَا يَخْفَى وَالتَّقْدِيرُ بِاللَّيْلَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْبِسَاطِ لِقَطْعِ الْوَسْوَسَةِ وَإِلَّا فَالْمَذْكُورُ فِي الْمُحِيطِ قَالُوا الْبِسَاطُ إذَا تَنَجَّسَ فَأُجْرِيَ عَلَيْهِ الْمَاءُ إلَى أَنْ يُتَوَهَّمَ زَوَالُهَا طَهُرَ؛ لِأَنَّ إجْرَاءَ الْمَاءِ يَقُومُ مَقَامَ الْعَصْرِ. اهـ.
وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِاللَّيْلَةِ.
(قَوْلُهُ: وَبِتَثْلِيثِ الْجَفَافِ فِيمَا لَا يَنْعَصِرُ) أَيْ مَا لَا يَنْعَصِرُ فَطَهَارَتُهُ غَسْلُهُ ثَلَاثًا وَتَجْفِيفُهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّ لِلتَّجْفِيفِ أَثَرًا فِي اسْتِخْرَاجِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ التَّقَاطُرُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْيُبْسُ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا تَدَاخَلَهُ أَجْزَاءُ النَّجَاسَةِ أَوْ لَا، أَمَّا الثَّانِي فَيُغْسَلُ وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَالْجِلْدِ وَالْخُفِّ وَالْكَعْبِ وَالْجُرْمُوقِ وَالْخَزَفِ وَالْآجُرِّ وَالْخَشَبِ الْجَدِيدِ، وَأَمَّا الْقَدِيمُ فَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُوَسْوِسًا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَهُوَ تَوْفِيقٌ حَسَنٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَرْفَقُ) فِي قَالَ التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي النَّوَازِلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ: وَأَمَّا حُكْمُ الْغَدِيرِ إلَخْ) عِبَارَةُ السِّرَاجِ، وَأَمَّا حُكْمُ الْغَدِيرِ فَإِنْ غُمِسَ الثَّوْبُ فِيهِ ثَلَاثًا وَقُلْنَا بِقَوْلِ الْبَلْخِيِّينَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ أَنَّهُ يَطْهُرُ وَإِنْ لَمْ يُعْصَرْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَعَنْ أَبِي نَصْرٍ الصَّفَّارِ يَكْفِيهِ الْعَصْرُ مَرَّةً وَاحِدَةً. اهـ.
فَأَفَادَ أَنَّهُ عِنْدَ الْبَلْخِيِّينَ يُغْمَسُ ثَلَاثًا وَأَنَّ قَوْلَهُمْ هُوَ الْمُخْتَارُ لَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي الْعَصْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ لَا يُشْتَرَطُ أَصْلًا، يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، يُشْتَرَطُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ قُوَّةُ كُلِّ عَاصِرٍ إلَخْ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ حَتَّى إذَا انْقَطَعَ تَقَاطُرُهُ بِعَصْرِهِ، ثُمَّ قَطَرَ بِعَصْرِ رَجُلٍ آخَرَ أَقْوَى مِنْهُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ. اهـ.
أَيْ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَاحِبِهِ وَلَا يَطْهُرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّخْصِ الْأَقْوَى كَمَا ذَكَرَهُ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ قَالَ: لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مُكَلَّفٌ بِقُدْرَتِهِ وَوُسْعِهِ وَلَا يُكَلَّفُ أَحَدٌ أَنْ يَطْلُبَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ لِيَعْصِرَ ثَوْبَهُ عِنْدَ غَسْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى إلَخْ) أَقَرَّهُ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ أَخُوهُ فِي النَّهْرِ وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ.
(قَوْلُهُ: وَالْخَزَفُ وَالْآجُرُّ وَالْخَشَبُ الْجَدِيدُ) أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ صَاحِبُ الْفَتْحِ فِي هَذَا الْقِسْمِ بَلْ ذَكَرَ