بِحِفْظِهِمَا لَا بِحِفْظِ أَحَدِهِمَا قَيَّدَ بِضَمَانِ الدَّافِعِ لِأَنَّ الْقَابِضَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُودِعُ الْمُودَعِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ اقْتَسَمَاهُ لِأَنَّ فِيمَا يُقَسَّمُ لَوْ أَبَيَا الْقِسْمَةَ وَأَوْدَعَاهُ فَهَلَكَ ضَمِنَاهُ لِتَرْكِهِمَا مَا الْتَزَمَاهُ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْمُرْتَهِنَيْنِ والمُسْتَبْضِعِين وَالْوَصِيَّيْنِ وَالْعَدْلَيْنِ فِي الرَّهْنِ وَالْوَكِيلَيْنِ بِالشِّرَاءِ إذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا الْقِسْمَةُ فِيمَا لَا يُقَسَّمُ كَانَ لَهُمَا التَّهَايُؤُ فِي الْحِفْظِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لَهُ لَا تَدْفَعُ إلَى عِيَالِك أَوْ احْفَظْ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَدَفَعَهَا إلَى مَنْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ أَوْ حَفِظَهَا فِي بَيْتٍ آخَرَ مِنْ الدَّارِ لَمْ يَضْمَنْ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْحِفْظُ مَعَ مُرَاعَاةِ شَرْطِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُفِيدًا وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْوَدِيعَةُ مِمَّا تُحْفَظُ فِي يَدِ مَنْ مَنَعَهُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ فَرَسًا فَمَنَعَهُ مِنْ دَفْعِهَا إلَى امْرَأَتِهِ أَوْ عَقْدَ جَوْهَرٍ فَمَنَعَهُ مِنْ دَفْعِهِ إلَى غُلَامِهِ فَدَفَعَ ضَمِنَ وَإِلَى أَنَّ بُيُوتَ الدَّارِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُسْتَوِيَةً فِي الْحِفْظِ حَتَّى لَوْ مَنَعَهُ مِنْ وَضْعِهَا فِي بَيْتٍ فِيهِ خَلَلٌ فَوَضَعَهَا فِيهِ ضَمِنَ وَكَذَا إذَا كَانَ ظَهْرُ الْبَيْتِ عَلَى السِّكَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ بُدٌّ أَوْ حَفِظَهَا فِي دَارٍ أُخْرَى ضَمِنَ) فَالْأُولَى صَادِقَةٌ بِصُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ تَكُونَ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا خَفِيفًا يُمْكِنُ الْمُودَعَ اسْتِصْحَابُهُ بِنَفْسِهِ كَالْخَاتَمِ فَدَفَعَهَا إلَى عِيَالِهِ ضَمِنَ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِيَالٌ سِوَى مَنْ مَنَعَهُ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ وَالثَّانِيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ الْأُخْرَى مِثْلَهَا فِي الْحِرْزِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ مِثْلَهَا أَوْ أَحْرَزَ مِنْهَا لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
(قَوْلُهُ وَضَمِنَ مُودَعُ الْغَاصِبِ لَا مُودَعُ الْمُودِعِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مُودَعَ الْغَاصِبِ غَاصِبٌ لِعَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً وَفِي الثَّانِي لَيْسَ بِغَاصِبٍ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ مَا لَمْ يُفَارِقْهُ وَإِذَا ضَمِنَ مُودَعُ الْغَاصِبِ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ مُطْلَقًا عَلِمَ أَنَّهُ غَاصِبٌ أَوْ لَا وَإِذَا ضَمِنَ مُودَعُ الْغَاصِبِ ضَمِنَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرَى مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنَّ الْمُضَارِبَ لَوْ دَفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً بِلَا إذْنٍ لَا يَضْمَنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَبْلَ عَمَلِ الثَّانِي
(قَوْلُهُ مَعَهُ أَلْفٌ فَادَّعَى رَجُلَانِ كُلٌّ أَنَّهُ لَهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ فَنَكَلَ لَهُمَا فَالْأَلْفُ لَهُمَا وَغَرِمَ أَلْفًا آخَرَ بَيْنَهُمَا) أَشَارَ بِقَوْلِهِ نَكَلَ إلَى أَنَّ الْمُودَعَ يَحْلِفُ إذَا أَنْكَرَ الْإِيدَاعَ كَمَا يَحْلِفُ إذَا ادَّعَى رَدَّهَا أَوْ هَلَاكَهَا إمَّا لِنَفْيِ التُّهْمَةِ أَوْ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِيَمِينِهِ حَتَّى لَا يَضْمَنَ الْوَصِيُّ لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَيْهِ وَحَلَفَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا شَيْءَ لَهُمَا عَلَيْهِ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا وَنَكَلَ لِلْآخَرِ قُضِيَ بِهِ لِمَنْ نَكَلَ لَهُ فَقَطْ وَإِلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْدَأَ لِأَيِّهِمَا شَاءَ بِالتَّحْلِيفِ وَالْأَوْلَى الْقُرْعَةُ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ نَكَلَ لِلْأَوَّلِ يَحْلِفُ لِلثَّانِي وَلَا يُقْضَى بِالنُّكُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ بِنَفْسِهِ فَيُقْضَى بِهِ أَمَّا النُّكُولُ فَإِنَّمَا يَصِيرُ حُجَّةً عِنْدَ الْقَضَاءِ فَجَازَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ لِيَحْلِفَ لِلثَّانِي فَيَنْكَشِفَ وَجْهُ الْقَضَاءِ فَإِنْ حَلَفَ لِلثَّانِي فَالْكُلُّ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ نَكَلَ فَهِيَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ قُضِيَ لِلْأَوَّلِ حِينَ نَكَلَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ لِلثَّانِي لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ خِلَافًا لِلْخَصَّافِ وَذِكْرُ الْأَلْفِ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا كَمَا أَنَّ الْعَبْدَ فِي كَلَامِ الْخَصَّافِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا وَفِي التَّحْلِيفِ لِلثَّانِي يَقُولُ بِاَللَّهِ مَا هَذِهِ الْعَيْنُ لَهُ وَلَا قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِهَا لِلْأَوَّلِ ثَبَتَ الْحَقُّ فِيهَا لَهُ فَلَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ بِهَا لِلثَّانِي فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ كَانَ صَادِقًا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهَا لِإِنْسَانٍ ثُمَّ قَالَ بَلْ هِيَ لِهَذَا اخْتَصَّ بِهَا الْأَوَّلُ وَضَمِنَ لِلْآخَرِ قِيمَتَهَا إنْ دَفَعَهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَإِنْ كَانَ بِقَضَاءٍ لَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَلَوْ قَالَ أَوْدَعَنِيهَا أَحَدُكُمَا وَلَا أَدْرِي أَيُّكُمَا فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَخْذِهَا بَيْنَهُمَا فَلَهُمَا ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّسْلِيمِ بَعْدَ الصُّلْحِ وَإِلَّا وَادَّعَاهَا كُلٌّ وَأَرَادَ أَخْذَهَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَهُ مَجْهُولٌ وَلِكُلٍّ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ فَإِنْ حَلَفَ قَطَعَ دَعْوَاهُمَا وَإِنْ نَكَلَ فَكَمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ أَلْفٍ لِهَذَا أَوْ لِهَذَا. اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ كِتَابُ الْعَارِيَّةِ)
أَخَّرَهَا عَنْ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ فِيهَا تَمْلِيكًا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْأَمَانَةِ، وَمَحَاسِنُهَا النِّيَابَةُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي إجَابَةِ الْمُضْطَرِّ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا لِمُحْتَاجٍ كَالْقَرْضِ فَلِذَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةٍ وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَهِيَ بِالتَّشْدِيدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَكَانَ هُوَ الْمُخْتَارُ) تَعَقَّبَهُ الْمَقْدِسِيَّ فَقَالَ كَيْفَ يَكُونُ هُوَ الْمُخْتَارُ مَعَ أَنَّ سَائِرَ الْمُتُونِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَقَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ اخْتَارَ النَّسَفِيُّ قَوْلَ الْإِمَامِ وَالْمَحْبُوبِيِّ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَقَالَ الْمَقْدِسِيَّ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ عَدَمُ الضَّمَانِ هُوَ الْمُخْتَارُ مُسْتَدِلًّا بِكَوْنِهِ الِاسْتِحْسَانَ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَعْيَانُ بَلْ غَالِبُ الْمُتُونِ عَلَيْهِ مُتَّفِقُونَ حَمَوِيٌّ كَذَا فِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ
(كِتَابُ الْعَارِيَّةِ)