أَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ بِلَا سَبَبٍ فَحَلَفَ ثُمَّ بَرْهَنَ ظَهَرَ كَذِبُهُ، وَلَوْ ادَّعَاهُ بِسَبَبٍ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى السَّبَبِ لَا يَظْهَرُ كَذِبُهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ وَجَدَ الْقَرْضَ ثُمَّ وَجَدَ الْإِبْرَاءَ وَالْإِيفَاءَ. اهـ.

فَإِنْ قُلْت هَلْ يُقْضَى بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ كَالْأَمِينِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ فَحَلَفَ فَنَكَلَ وَعَنْ الْيَمِينِ الَّتِي لِلِاحْتِيَاطِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قُلْت أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَعَمْ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَمْ أَرَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعَرَضَ الْيَمِينَ ثَلَاثًا نَدْبًا) أَيْ وَعَرَضَ الْقَاضِي عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي إنِّي أَعْرِضُ عَلَيْك ثَلَاثًا فَإِنْ حَلَفْت، وَإِلَّا قَضَيْت عَلَيْك بِمَا ادَّعَاهُ، وَهَذَا الْإِنْذَارُ لِإِعْلَامِهِ بِالْحُكْمِ إذْ هُوَ مَوْضِعُ الْخَفَاءِ وَتَكْرَارُ الْعَرْضِ لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي إبْدَاءِ الْعُذْرِ، وَأَمَّا الْمَذْهَبُ فَإِنَّهُ لَوْ قَضَى بِالنُّكُولِ بَعْدَ الْعَرْضِ مَرَّةً جَازَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَحْلَفُ فِي نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَفَيْءٍ وَاسْتِيلَادٍ وَرِقٍّ وَنَسَبٍ وَوَلَاءٍ وَحَدٍّ وَلِعَانٍ) وَقَالَا يُسْتَحْلَفُ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَاللِّعَانِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ كَاذِبًا فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فَكَانَ إقْرَارًا أَوْ بَدَلًا عَنْهُ وَالْإِقْرَارُ يَجْرِي فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَكِنَّهُ إقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةٌ وَالْحُدُودُ تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَاللِّعَانُ فِي مَعْنَى الْحَدِّ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ بَدَلٌ؛ لِأَنَّ مَعَهُ لَا تَبْقَى الْيَمِينُ وَاجِبَةً لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَإِنْزَالُهُ بَاذِلًا أَوْلَى كَيْ لَا يَصِيرَ كَاذِبًا فِي الْإِنْكَارِ وَالْبَذْلُ لَا يَجْرِي فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَفَائِدَةُ الِاسْتِحْلَافِ الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ فَلَا يُسْتَحْلَفُ إلَّا أَنَّ هَذَا بَذْلٌ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ فَيَمْلِكُهُ الْمُكَاتَبُ، وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِمَنْزِلَةِ الضِّيَافَةِ الْيَسِيرَةِ وَصِحَّتُهُ فِي الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى زَعْمِ الْمُدَّعِي، وَهُوَ يَقْبِضُهُ حَقًّا لِنَفْسِهِ وَالْبَذْلُ مَعْنَاهُ هَا هُنَا تَرْكُ الْمَنْعِ، وَأَمْرُ الْمَالِ هَيِّنٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي الْقُنْيَةِ يُسْتَحْلَفُ فِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ بِأَنَّهُ اتِّفَاقٌ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ تَفْسِيرُ الْبَذْلِ عِنْدَهُ تَرْكُ الْمُنَازَعَةِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا ثُمَّ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ تُتَصَوَّرُ مِنْ إحْدَى الْخَصْمَيْنِ أَيَّهُمَا كَانَ إلَّا بِالْحَدِّ وَاللِّعَانِ وَالِاسْتِيلَادِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي فِيهَا إلَّا الْمَقْذُوفَ وَالْمَوْلَى كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ وَالصَّوَابُ وَالْأَمَةُ دُونَ الْمَوْلَى، وَفِي الْهِدَايَةِ وَصُورَةُ الِاسْتِيلَادِ أَنْ تَقُولَ الْجَارِيَةُ أَنَا أُمُّ وَلَدٍ لِمَوْلَايَ، وَهَذَا ابْنِي مِنْهُ، وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمَوْلَى ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهَا. اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَصُورَةُ النِّكَاحِ أَنْكَرَ هُوَ أَوْ هِيَ نِكَاحًا وَالرَّجْعَةُ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ رَجْعَةً فَفِي الْعِدَّةِ تَثْبُتُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى أَمْرًا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ لِلْحَالِ وَبَعْدَهَا لَوْ صَدَّقَتْهُ ثَبَتَ بِتَصَادُقِهِمَا، وَلَوْ كَذَّبَتْهُ، وَلَا بَيِّنَةَ فَعَلَى قَوْلِهِمَا يَحْلِفُ لَا عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا وَكَذَّبَهَا وَصُورَةُ الْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ قَالَ فِئْتُ، وَأَنْكَرَتْ فَلَوْ ادَّعَاهُ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّهَا فَإِنْ صَدَّقَتْهُ ثَبَتَ، وَإِلَّا وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ فَاءَ إلَيْهَا فِي الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ.

وَصُورَةُ الرِّقِّ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولِ الْحَالِ أَنَّهُ قِنُّهُ أَوْ ادَّعَى مَجْهُولُ الْحَالِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ، وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى وَصُورَةُ النَّسَبِ ادَّعَى مَجْهُولُ النَّسَبِ أَنَّهُ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ وَصُورَةُ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ أَنْ تَدَّعِيَ أُمُّ الْوَلَدِ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ مِنْ سَيِّدِهَا، وَصُورَةُ الْوَلَاءِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ مَوْلَاهُ الْأَسْفَلُ أَوْ الْأَعْلَى. اهـ.

أُطْلِقَ فِي الْوَلَاءِ فَشَمِلَ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءَ الْمُوَالَاةِ كَمَا فِي الْكَافِي، وَفِيهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ يَقْبَلُ الْإِبَاحَةَ بِالْإِذْنِ ابْتِدَاءً يُقْضَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ، وَمَا لَا فَلَا. اهـ.

وَإِذَا لَمْ يُسْتَحْلَفْ فِي النِّكَاحِ عِنْدَهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي لَهُ الزَّوْجَ أَوْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ، وَقَالَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ امْرَأَتُهُ فَيَقُولُ لَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْأَرَبِ إلَّا أَنْ تَكُونَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ. اهـ. مَا قَالَهُ فِي أَوَاخِرِ الْخَامِسَ عَشَرَ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَمْ أَرَهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَالْوَجْهُ يَقْتَضِي الْقَضَاءَ بِالنُّكُولِ فِيهَا أَيْضًا إذْ فَائِدَةُ الِاسْتِحْلَافِ الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَذْهَبُ فَإِنَّهُ لَوْ قَضَى إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ مَعَ أَنَّهُ عَيَّنَهُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ التَّكْرَارَ حَتْمٌ حَتَّى لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالنُّكُولِ مَرَّةً لَا يَنْفُذُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْفُذُ وَالْعَرْضُ ثَلَاثًا مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ نَظِيرُ إمْهَالِ الْمُرْتَدِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَكَذَا هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْإِنْذَارِ. اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْكِفَايَةِ

(قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ وَالْأَمَةُ دُونَ الْمَوْلَى) بَقِيَ أَنْ يُقَالَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهَا ادَّعَتْ الِاسْتِيلَادَ مُجَرَّدًا عَنْ دَعْوَى اعْتِرَافِهِ وَاَلَّذِي فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ هَذَا الْوَلَدَ وَادَّعَاهُ أَيْ ادَّعَتْ أَنَّهُ ادَّعَاهُ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِهَا كَمَا ذَكَرَهُ أَخِي جَلْبِي وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا بَلْ يُبْتَنَى عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِثُبُوتِ نَسَبِ وَلَدِ الْأَمَةِ وُجُودُ الدَّعْوَةِ مِنْ السَّيِّدِ وَعَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ يَكْفِي عَدَمُ نَفْيِهِ وَكَذَا ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ ادَّعَتْ أَمَةٌ يُفِيدُ الِاحْتِرَازَ عَنْ دَعْوَى الزَّوْجَةِ، وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الْقُهُسْتَانِيِّ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَاسْتِيلَادٍ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ الْأَمَةِ وَالْمَوْلَى أَوْ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَلَكِنْ فِي الْمَشَاهِيرِ أَنَّ دَعْوَى الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى لَا تُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا عِبْرَةَ لِإِنْكَارِهَا بَعْدَهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لَمْ يَدَّعِ النَّسَبَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَصْوِيرُهُمْ. اهـ. كَذَا فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ أَبِي السُّعُودِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015