ابْنُ مُحَمَّدٍ فَإِنْ عُرِفَ، وَإِلَّا تَرَقَّى إلَى الْجَدِّ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ يُكْتَبُ فِي الْحَدِّ ثُمَّ يَنْتَهِي إلَى كَذَا أَوْ يُلَاصِقُ كَذَا أَوْ لَزِيقُ كَذَا، وَلَا يَكْتُبُ أَحَدَ حُدُودِهِ كَذَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَوْ كَتَبَ أَحَدَ حُدُودِهِ دِجْلَةَ أَوْ الطَّرِيقَ أَوْ الْمَسْجِدَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَا تَدْخُلُ الْحُدُودُ فِي الْبَيْعِ إذْ قَصْدُ النَّاسِ بِهِ إظْهَارُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ لَكِنْ قَالَ أَبُو يُوسُفَ الْبَيْعُ فَاسِدٌ إذْ الْحُدُودُ فِيهِ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ فَاخْتَرْنَا يَنْتَهِي أَوْ لَزِيقَ أَوْ يُلَاصِقُ تَحَرُّزًا عَنْ الْخِلَافِ؛ وَلِأَنَّ الدَّارَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ يَدْخُلُ الْحَدُّ فِي الْبَيْعِ هِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْتَهِي إلَيْهِ فَأَمَّا ذَلِكَ الْمَوْضِعُ الْمُنْتَهَى إلَيْهِ فَقَدْ جُعِلَ حَدًّا، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْبَيْعِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَا يَدْخُلُ الْحَدُّ فِي الْبَيْعِ فَالْمُنْتَهَى إلَى الدَّارِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ، وَلَكِنْ عِنْدَ ذِكْرِ قَوْلِنَا بِحُدُودِهِ يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ وِفَاقًا. اهـ.
ثُمَّ قَالَ الطَّرِيقُ يَصْلُحُ حَدًّا، وَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى بَيَانِ طُولِهِ وَعَرْضِهِ إلَّا عَلَى قَوْلٍ فَإِنَّهُ شَرَطَ أَنْ يُبَيِّنَهَا بِالذَّرْعِ، وَالنَّهْرُ لَا يَصْلُحُ حَدًّا عِنْدَ الْبَعْضِ، وَكَذَا السُّورُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَصْلُحُ حَدًّا وَالْخَنْدَقُ كَنَهْرٍ، وَلَوْ حُدَّ بِأَنَّهُ لَزِيقُ أَرْضِ فُلَانٍ، وَلِفُلَانٍ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ الَّتِي فِيهَا الْمُدَّعَاةُ أَرَاضٍ كَثِيرَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ مُخْتَلِفَةٌ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ ثُمَّ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَالْمَقَابِرِ وَالْحِيَاضِ الْعَامَّةِ لِتَتَمَيَّزَ، وَمَا يَكْتُبُونَ فِي زَمَانِنَا، وَقَدْ عَرَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ جَمِيعَ ذَلِكَ، وَأَحَاطَا بِهِ عِلْمًا فَقَدْ اسْتَرْذَلَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ إذْ الْمَبِيعُ لَا يَصِيرُ بِهِ مَعْلُومًا لِلْقَاضِي عِنْدَ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ. اهـ.
ثُمَّ قَالَ بَيِّنْ حُدُودَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ كَرْمٌ أَوْ أَرْضٌ أَوْ دَارٌ وَشَهِدَا كَذَلِكَ قِيلَ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَلَا الشَّهَادَةُ، وَقِيلَ تُسْمَعُ، وَلَوْ بَيَّنَ الْمِصْرَ وَالْمَحَلَّةَ وَالْمَوْضِعَ ثُمَّ قَالَ ادَّعَى سُكْنَى دَارٍ وَنَحْوِهِ وَبَيِّنْ حُدُودَهُ، وَلَا يَصِحُّ إذْ السُّكْنَى نَقْلِيٌّ فَلَا يُحَدُّ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ السُّكْنَى نَقْلِيًّا لَكِنْ لَمَّا اتَّصَلَ بِالْأَرْضِ اتِّصَالَ تَأْبِيدٍ كَانَ تَعْرِيفُهُ بِمَا بِهِ تَعْرِيفُ الْأَرْضِ إذْ فِي سَائِرِ النَّقْلِيَّاتِ إنَّمَا لَا يُعْرَفُ بِالْحُدُودِ لِإِمْكَانِ إحْضَارِهِ فَيُسْتَغْنَى بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ عَنْ الْحَدِّ أَمَّا السُّكْنَى فَنَقْلُهُ لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ فِي الْبِنَاءِ تَرْكِيبَ قَرَارٍ فَالْتَحَقَ بِمَا لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ أَصْلًا شَرَى عُلُوَّ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ سُفْلٌ يَحُدُّ السُّفْلُ لَا الْعُلُوَّ إذْ السُّفْلُ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَرَارَ الْعُلُوِّ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِهِ وَتَحْدِيدُهُ يُغْنِي عَنْ تَحْدِيدِ الْعُلُوِّ إذْ الْعُلُوُّ عُرِفَ بِتَحْدِيدِ السُّفْلِ؛ وَلِأَنَّ السُّفْلَ أَصْلٌ وَالْعُلُوَّ تَبَعٌ فَتَحْدِيدُ الْأَصْلِ أَوْلَى هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَوْلَ الْعُلُوِّ حُجْرَةٌ فَلَوْ كَانَتْ يَنْبَغِي أَنْ يُحَدَّ الْعُلُوُّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَبِيعُ فَلَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ، وَهُوَ يَحُدُّهُ، وَقَدْ أَمْكَنَ. اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْعَقَارُ كَسَلَامٍ كُلُّ مِلْكٍ ثَابِتٍ لَهُ أَصْلٌ كَالدَّارِ وَالنَّخْلِ وَرُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى الْمَتَاعِ، وَالْجَمْعُ عَقَارَاتٌ. اهـ.
وَفِي الْمُغْرِبِ الْعَقَارُ الضَّيْعَةُ، وَقِيلَ كُلُّ مَالٍ لَهُ أَصْلٌ كَالدَّارِ وَالضَّيْعَةِ. اهـ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ادَّعَى طَاحُونَةً وَحْدَهَا وَذَكَرَ أَدَوَاتِهَا الْعَامَّةَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ الْأَدَوَاتِ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّتَهَا فَقَدْ قِيلَ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى، وَقِيلَ تَصِحُّ إذَا ذَكَرَ جَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ الْأَدَوَاتِ الْقَائِمَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. اهـ. وَقَدْ صَرَّحَ مَشَايِخُنَا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ بِأَنَّ الْبِنَاءَ وَالنَّخْلَ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ، وَأَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِمَا إذَا بِيعَا بِلَا عَرْصَةٍ فَإِنْ بِيعَا مَعَهَا وَجَبَتْ تَبَعًا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا، وَقَدْ غَلِطَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ فَجَعَلَ النَّخِيلَ مِنْ الْعَقَارِ، وَأَفْتَى بِهِ وَنُبِّهَ فَلَمْ يَرْجِعْ كَعَادَتِهِ.
وَقَيَّدَ بِدَعْوَى الْمَحْدُودِ إذْ لَوْ ادَّعَى ثَمَنَ مَحْدُودٍ لَمْ يُشْتَرَطْ بَيَانُ حُدُودِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَلَوْ ادَّعَى ثَمَنَ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِ الْمَبِيعِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ حَتَّى يَثْبُتَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْقَاضِي بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى ثَمَنَ مَبِيعٍ قُبِضَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ إحْضَارُهُ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى الدَّيْنِ حَقِيقَةً. اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَفَتْ ثَلَاثَةٌ) لِوُجُودِ الْأَكْثَرِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُكْتَفَى بِاثْنَيْنِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا غَلِطَ فِي الرَّابِعِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ الْمُدَّعَى بِهِ، وَلَا كَذَلِكَ بِتَرْكِهِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْغَلَطُ بِإِقْرَارِ الشَّاهِدِ إنِّي غَلِطْت فِيهِ أَمَّا لَوْ ادَّعَاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ دَعْوَى غَلَطِ الشَّاهِدِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ أَجَابَ الْمُدَّعِي فَقَدْ صَدَّقَهُ أَنَّ الْمُدَّعِي بِهَذِهِ الْحُدُودِ فَيَصِيرُ الْمُدَّعِي بِدَعْوَى الْغَلَطِ مُنَاقِضًا بَعْدَهُ أَوْ نَقُولُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُؤَلِّفُ آنِفًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ ادَّعَى سُكْنَى دَارٍ) ضَمِيرُ قَالَ لِصَاحِبِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالسُّكْنَى مَا رُكِّبَ فِي الْأَرْضِ كَمَا يَظْهَرُ مِمَّا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ السُّكْنَى نَقْلِيًّا إلَخْ هَذَا قَوْلٌ آخَرُ رَمَزَ لَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (فش) بِعَلَامَةِ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِمَا إلَخْ) يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مُحْتَكَرَةً وَإِلَّا فَالْبِنَاءُ بِالْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ لِمَا لَهُ مِنْ حَقِّ الْقَرَارِ الْتَحَقَ بِالْعَقَارِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ غَلِطَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ إلَخْ) سَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَقِيلَ لِخَصْمِهِ أَعْطِهِ كَفِيلًا إلَخْ عَنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى لَوْ طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي وَضْعَ الْمَنْقُولِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَدْلًا لَا يُجِيبُهُ، وَإِنْ فَاسِقًا أَجَابَهُ وَفِي الْعَقَارِ لَا يُجِيبُهُ إلَّا فِي الشَّجَرِ الَّذِي عَلَيْهِ الثَّمَرُ لِأَنَّ الثَّمَرَ نَقْلِيٌّ. اهـ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّجَرَ مِنْ الْعَقَارِ، وَقَدَّمْنَا خِلَافَهُ، وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ هُنَاكَ أَقُولُ: نَقَلَ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ الشَّجَرَ عَقَارٌ. اهـ.
قُلْت وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُ الْمِصْبَاحِ نَعَمْ إذَا قِيلَ إنَّهُ عَقَارٌ يُبْتَنَى عَلَيْهِ وُجُوبُ التَّحْدِيدِ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَكَيْفَ يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي شَجَرَةِ بُسْتَانٍ بَيْنَ أَشْجَارٍ كَثِيرَةٍ (قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ الْمُدَّعِي بِدَعْوَى الْغَلَطِ مُنَاقِضًا بَعْدَهُ)