وَيَطَأَهَا وَلَا يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ وَطْؤُهَا وَلَا يَحِلُّ لَهَا تَمْكِينُهُ وَمِنْ صُوَرِ التَّحْرِيمِ صَبِيٌّ وَصَبِيَّةٌ سُبِيَا فَكَبِرَا وَأُعْتِقَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ فَجَاءَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُمَا وَلَدَاهُ قَضَى الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِالْفُرْقَةِ فَإِنْ رَجَعَ الشُّهُودُ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ شُهُودُ زُورٍ لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْحُرْمَةِ نَفَذَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَمُحَمَّدٌ فِي هَذَا الْفَرْعِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ كَذِبِ الشُّهُودِ.
كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَأَثِمَ الشَّاهِدَانِ إثْمًا عَظِيمًا وَلِلنَّفَاذِ بَاطِنًا عِنْدَهُ شَرْطَانِ الْأَوَّلُ عَدَمُ عِلْمِ الْقَاضِي بِكَذِبِهِمْ فَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي كَذِبَ الشُّهُودِ لَمْ يَنْفُذْ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ النِّكَاحِ الثَّانِي كَوْنُ الْمَحَلِّ قَابِلًا فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَحْتَ زَوْجٍ أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ مُحَرَّمَةً بِمُصَاهَرَةٍ أَوْ بِرَضَاعٍ لَمْ يَنْفُذْ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْإِنْشَاءَ وَإِنَّمَا لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الشُّهُودِ لِلنِّكَاحِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ مُحَمَّدٌ حُضُورَ الشُّهُودِ وَذَكَرَ الزَّعْفَرَانِيُّ أَنَّهُ شَرْطٌ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. اهـ.
فَالْمُعْتَمَدُ الِاشْتِرَاطُ وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِهِ وَهُوَ أَوْجَهُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ النِّكَاحِ فَوَجْهُهُ أَنَّا نَجْعَلُ حُكْمَ الْحَاكِمِ إنْشَاءَ مُقْتَضٍ فِي ضِمْنِ صِحَّةِ الْقَضَاءِ وَالثَّابِتُ اقْتِضَاءً لَا تُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُهُ وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ وَبَدَلِ الصَّرْفِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ قُيِّدَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِشَهَادَتِهِمْ فَظَهَرَ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ أَوْ كُفَّارٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ لَمْ يَنْفُذْ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ أَصْلًا بِخِلَافِ الْفُسَّاقِ عَلَى مَا عُرِفَ وَلِإِمْكَانِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِمْ فَلَمْ تَكُنْ شَهَادَتُهُمْ حُجَّةً.
وَقَيَّدَ بِالشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ لَا يَنْفُذُ قَالُوا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا أَبَانَهَا بِثَلَاثٍ فَأَنْكَرَ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ وَالْمَرْأَةُ تَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَتْ لَا يَسَعُهَا الْإِقَامَةُ مَعَهُ وَلَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْئًا وَهَذَا لَا يُشْكِلُ إذَا كَانَ ثَلَاثًا لِبُطْلَانِ الْمَحَلِّيَّةِ لِلْإِنْشَاءِ قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ وَفِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ الْإِنْشَاءَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالنِّكَاحِ وَهُنَا لَمْ يَقْضِ بِهِ لِاعْتِرَافِهِمَا بِهِ وَإِنَّمَا ادَّعَتْ الْفُرْقَةَ كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا إجْمَاعًا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَبِيلَ الْإِيمَانِ سَمِعَتْ بِطَلَاقِ زَوْجِهَا إيَّاهَا ثَلَاثًا وَلَا تَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ إنْ عَلِمْت أَنَّهُ يَقْرَبُهَا تَقْتُلُهُ بِالدَّوَاءِ وَلَا تَقْتُلُ نَفْسَهَا وَذَكَرَ الْأُوزْجَنْدِيُّ أَنَّهَا تَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ تُحَلِّفُهُ فَإِنْ حَلَفَ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَتَلَتْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَالْبَائِنُ كَالثَّلَاثِ. اهـ.
وَأَطْلَقَ فِي الْعُقُودِ فَشَمِلَ عُقُودَ التَّبَرُّعَاتِ قَالُوا وَفِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ رِوَايَتَانِ وَكَذَا فِي الْبَيْعِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فِي رِوَايَةٍ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ التَّبَرُّعَاتِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَالْبَيْعُ بِالْأَقَلِّ تَبَرُّعٌ مِنْ وَجْهٍ وَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ النَّفَاذُ فِيهَا بَاطِنًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ النَّفَاذَ فِي ضِمْنِ صِحَّةِ الْقَضَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرَائِطُهُ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَحَلٍّ وَالْبَيْعُ بِالْأَقَلِّ يَمْلِكُهُ مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ كَالْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَفِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ أَرَادَ بِالْفَسْخِ إبْطَالَ الْعُقُودِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَيَعُمُّ الطَّلَاقَ اهـ.
وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ وَإِنَّمَا يَرْفَعُ الْقَيْدَ الثَّابِتَ بِالنِّكَاحِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْفَسْخِ مَا يَرْفَعُ حُكْمَ الْعَقْدِ فَيَشْمَلُ الطَّلَاقَ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْقُنْيَةِ ادَّعَى عَلَيْهِ جَارِيَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكَذَا فَأَنْكَرَ فَحَلَفَ فَنَكَلَ فَقَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ تَحِلُّ الْجَارِيَةُ لِلْمُدَّعِي دِيَانَةً وَقَضَاءً كَمَا فِي شَهَادَةِ الزُّورِ اهـ.
فَعَلَى هَذَا الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ كَالْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ وَظَاهِرٌ اقْتِصَارُهُ عَلَى نَفْيِ الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا فِي النَّسَبِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَنْفُذُ فِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ فَقَالَ إذَا شَهِدُوا زُورًا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ أَمَتَهُ بِنْتٌ لَهُ فَجَعَلَهَا الْقَاضِي بِنْتًا لَهُ تَثْبُتُ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْبِنْتِيَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأهَا وَتَرِثُ مِنْهُ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنَّسَبِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ هَلْ يَنْفُذُ بَاطِنًا فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ الْقَضَاءُ بِالنَّسَبِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا بِالْإِجْمَاعِ وَنَصَّ الْخَصَّافُ عَلَى أَنَّهُ يَنْفُذُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَفِي النَّسَبِ وَالْهِبَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ وَكَانَ هَذَا حِيلَةً لِمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَنْ يُثْبِتَ النَّسَبَ مِنْ نَفْسِهِ بِأَنْ يَدَّعِيَ شَخْصًا مَجْهُولَ النَّسَبِ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ ابْنَتُهُ وَيُقِيمُ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْ زُورٍ فَيَقْضِي الْقَاضِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .