الْمُحْتَالُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ صَحَّ التَّمْلِيكُ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ لَمْ يَمْلِكْهَا فَكَيْفَ يَمْلِكُهَا وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ حَقُّ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَمْلِكَهَا. اهـ.

وَقُيِّدَ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِالْمَغْصُوبِ لَا تَبْطُلُ بِهَلَاكِهِ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الرَّهْنِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِالْهَلَاكِ لِلِانْتِقَالِ إلَى بَدَلِهِ مِثْلًا وَقِيمَتِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِالْغَصْبِ لَا تَبْطُلُ لِوُجُودِ الْخَلَفِ وَقُيِّدَ بِهَلَاكِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِدَيْنٍ ثُمَّ ارْتَفَعَ ذَلِكَ الدَّيْنُ لَمْ تَبْطُلْ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ فَلَوْ أَحَالَ الْمَوْلَى غَرِيمَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْمُكَاتَبَ لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَحَالَ غَرِيمًا بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَمَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ رُدَّ بِخِيَارٍ مِنْ الْخِيَارَاتِ الثَّلَاثِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تَبْطُلْ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ اُسْتُحِقَّ الدَّيْنُ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ الْحَوَالَةَ مِنْ جِهَةِ الْغُرَمَاءِ، أَوْ ظَهَرَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ كَانَ حُرًّا بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ إجْمَاعًا وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ سَقَطَ الدَّيْنُ بَعْدَ الْوُجُوبِ مَقْصُودًا فَلَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ، وَفِي الثَّانِي ظَهَرَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَقْتَ الْحَوَالَةِ فَبَطَلَتْ وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ وَأَدَّى فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ فَيَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ إنْ أَدَّاهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لَا قَبْلَهُ.

كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ قَالَ وَفِي الْمُنْتَقَى: رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى غَرِيمِهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُ الْحَوَالَةَ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَجَّلَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فَإِنَّ الْأَجَلَ يُنْتَقَضُ أَيْضًا إذَا كَانَ الرَّدُّ بِحُكْمٍ فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِغَيْرِ حُكْمٍ لَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْبَائِعَ بِهِ حَالًّا، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ اهـ.

فَقَدْ فَرَّقَ عَلَى رِوَايَةِ الْمُنْتَقَى بَيْنَ إحَالَةِ الْبَائِعِ غَرِيمَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ إحَالَةِ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى غَرِيمِهِ حَيْثُ لَا تَبْطُلُ فِي الْأُولَى بِالْفَسْخِ وَتَبْطُلُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِي الْأُولَى تَبَيَّنَ أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَهِيَ تَصِحُّ بِدُونِ دَيْنٍ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُحِيلَ لَيْسَ بِمَدْيُونٍ فَبَطَلَتْ ثُمَّ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَبْرَأَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ ثَوْبًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ جَازَتْ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ وَالْبَائِعُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَا لَوْ اسْتَحَقَّ بَعْدَهُ وَقَدْ أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَال أَوْ وَهَبَهُ لَهُ اهـ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَسْأَلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ إذَا اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنْ لَا دَيْنَ أَصْلًا فَلَمَّا بَطَلَتْ يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ مَا اُبْتُنِيَ عَلَيْهَا مِنْ الْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْ الْبَائِعِ، وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى فِي الْمَدْيُونِ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ دَائِنِهِ بِمِثْلِ الدَّيْنِ، ثُمَّ أَحَالَ عَلَيْهِ بِنَظِيرِ الثَّمَنِ أَوْ بِالثَّمَنِ فَهَلْ تَصِحُّ أَوْ لَا فَأَجَبْت إذَا وَقَعَ بِنَظِيرِهِ صَحَّتْ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُقَيَّدْ بِالثَّمَنِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا دَيْنٌ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَقَعَتْ بِالثَّمَنِ فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِالدَّيْنِ وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ لِوُقُوعِ الْمُقَاصَّةِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الدَّيْنَ إذَا اُسْتُحِقَّ لِلْغَيْرِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ) .

يَجُوزُ قَبُولُ الْحَوَالَةِ بِمَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ عَلَى أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمَا مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْمُلَاءَةِ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ، وَلَوْ احْتَالَا بِدَيْنِهِ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ لِكَوْنِهِ إبْرَاءً مُؤَقَّتًا فَيُعْتَبَرُ بِالْإِبْرَاءِ الْمُؤَبَّدِ، وَهَذَا إذَا كَانَ دَيْنًا وَرِثَهُ الصَّغِيرُ وَإِنْ وَجَبَ بِعَقْدِهِمَا جَازَ التَّأْجِيلُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَكَذَا قَبُولُ الْحَوَالَةِ مِنْ الْمُتَوَلِّي

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَزَّازِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي إعْتَاقِ الْمُكَاتَبِ وَمَوْتِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ أَوْرَدَهُ بِخِيَارٍ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ سُقُوطَ الدَّيْنِ بِمَوْتِ الْعَبْدِ لَيْسَ مَقْصُودًا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ إنَّ الدَّيْنَ فِي الْأَوَّلِ سَقَطَ بِأَمْرٍ عَارِضٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا إنْ سَقَطَ الدَّيْنُ الَّذِي قُيِّدَتْ بِهِ الْحَوَالَةُ بِأَمْرٍ عَارِضٍ وَلَمْ تَتَبَيَّنْ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مِنْهُ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ مِثْلَ أَنْ يَحْتَالَ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَهَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي سَقَطَ الثَّمَنُ عَنْهُ وَلَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ، وَلَكِنَّهُ إذَا أَدَّى رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِأَمْرِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ) أَيْ وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الْأُولَى تَبَيَّنَ أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي، وَهِيَ تَصِحُّ بِدُونِ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُطْلَقَةِ وَكَلَامُنَا فِي الْمُقَيَّدَةِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْجَوْهَرَةِ أَنَّ فِي الْأُولَى تَبَيَّنَ سُقُوطُ الدَّيْنِ بِأَمْرٍ عَارِضٍ وَهُوَ الْفَسْخُ بِالْعَيْبِ. (قَوْلُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُحِيلَ لَيْسَ بِمَدْيُونٍ فَبَطَلَتْ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ تَصِحُّ بِدُونِ دَيْنٍ عَلَى الْمُحِيلِ أَيْضًا كَمَا مَرَّ مَتْنًا، وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ وَفِي الثَّانِيَةِ ظَهَرَ أَنَّ الْحَوَالَةَ بِمَعْنَى الْوَكَالَةِ وَلِلْوَكِيلِ الِامْتِنَاعُ عَنْهَا اهـ. فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُحْتَالَ وَهُوَ الْبَائِعُ قَدْ صَارَ قَابِضًا مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِإِبْرَائِهِ أَوْ هِبَتِهِ قَبْضًا حُكْمِيًّا وَبِالشِّرَاءِ مِنْهُ صَارَ قَابِضًا قَبْضًا حَقِيقِيًّا قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذِهِ الْحَوَالَةَ بِمَعْنَى الْوَكَالَةِ فَصَارَ الْبَائِعُ كَالْوَكِيلِ عَنْ الْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ بَعْدَ بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ تَأَمَّلْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015