مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ وَالْوَلْوالِجِيَّة فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَقَالَ لَهُ الْمَطْلُوبُ إنْ لَمْ آتِك غَدًا فَهُوَ عَلَيَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ غَدًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْإِقْرَارِ بِالْخَطَرِ وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ. اهـ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِكَذَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ كَذَا لَوْ قَالَ قَدْ ابْتَعْت مِنْ فُلَانٍ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلِفُلَانٍ عَلَيَّ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ إنْ أَقَرَّ رَبُّ الْعَبْدِ بِبَيْعِ الْعَبْدِ لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَإِنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ صَارَ رَادًّا لِإِقْرَارِهِ حِينَ أَنْكَرَ بَيْعَ الْعَبْدِ مِنْهُ وَإِقْرَارُهُ بِالْخَمْسِمِائَةِ كَانَ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ وَهُوَ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ. اهـ.
وَقَالَ فِي بَابِ الْيَمِينِ وَالْإِقْرَارِ رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ حَلَفَ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ أَوْ إذَا حَلَفَ أَوْ مَتَى يَحْلِفُ أَوْ حِينَ حَلَفَ أَوْ مَعَ يَمِينِهِ أَوْ فِي يَمِينِهِ أَوْ بَعْدَ يَمِينِهِ فَحَلَفَ فُلَانٌ عَلَى ذَلِكَ وَجَحَدَ الْمُقِرُّ الْمَالَ لَمْ يُؤْخَذْ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُخَاطَرَةٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِشَرْطٍ فِيهِ خَطَرٌ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخَصْمِ وَالتَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ يُخْرِجُ كَلَامَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا. اهـ.
فَإِنْ قُلْتُ: هَلْ يَدْخُلُ فِي الْإِقْرَارِ الْإِقْرَارُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنَا مُقِرٌّ بِطَلَاقِهَا أَوْ بِعِتْقِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِهِمَا وَبَيْنَ الْإِنْشَاءِ قُلْتُ: ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ الدُّخُولُ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَيَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مَا نَقَلْنَاهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إنْشَاءِ الطَّلَاقِ فَطَلَّقَ وَقَعَ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ فَأَقَرَّ لَمْ يَقَعْ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِقْرَارِ ادَّعَى مَالًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كُلُّ مَا يُوجَدُ فِي تَذْكِرَةِ الْمُدَّعِي بِخَطِّهِ فَقَدْ الْتَزَمْته لَا يَكُونُ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ كُلُّ مَا أَقَرَّ فُلَانٌ عَلَيَّ فَأَنَا مُقِرٌّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَخْذٌ وَعَطَاءٌ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لِلطَّالِبِ مَا تَقُولُ فَهُوَ كَذَلِكَ أَوْ مَا يَكُونُ فِي جَرِيدَتِك فَهُوَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا إلَّا إذَا كَانَ فِي الْجَرِيدَةِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ أَوْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي شَيْئًا مَعْلُومًا فَقَالَ الْمُدَّعِي مَا ذَكَرْنَا يَكُونُ تَصْدِيقًا لِأَنَّ التَّصْدِيقَ لَا يَلْحَقُ بِالْمَجْهُولِ وَكَذَا إذَا أَشَارَ لِلْجَرِيدَةِ، وَقَالَ مَا فِيهَا فَهُوَ عَلَيَّ كَذَلِكَ يَصِحُّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُشَارًا إلَيْهِ لَا يَصِحُّ لِلْجَهَالَةِ. اهـ.
وَقَدْ حَكَى الشَّارِحُ الِاخْتِلَافَ فِيمَا إذَا عَلَّقَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِشَرْطٍ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ فَنُقِلَ عَنْ النِّهَايَةِ كَمَا هُنَا أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُعَلَّقَ بَاطِلٌ وَنُقِلَ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ الْإِقْرَارَ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَنُقِلَ عَنْ الْمَبْسُوطِ مَا يَشْهَدُ لِلْمُحِيطِ فَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُهُ وَالْحَقُّ تَضْعِيفُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ هُنَا بِأَنَّ الْإِقْرَارَ وَالْوَقْفَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ.
قَوْلُهُ (وَالْوَقْفُ) بِأَنْ قَالَ وَقَفْت دَارِي إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَوْ وَقَفْت دَارِي عَلَيْك إنْ أَخْبَرْتنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ أَيْضًا فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ كَذَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْوَقْفُ فِي رِوَايَةٍ فَظَاهِرُهُ أَنَّ فِي صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ رِوَايَتَيْنِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ، فَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ وَلَدِي فَدَارِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَاءَ وَلَدُهُ لَا يَصِيرُ وَقْفًا. اهـ.
وَفِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ، وَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ قَالَ إذَا كَلَّمْت فُلَانًا أَوْ إذَا تَزَوَّجْت فُلَانَةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَأَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ يَكُونُ الْوَقْفُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالْوَقْفُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالْخَطَرِ لِكَوْنِهِ مِمَّا لَا يُحْلَفُ بِهِ بِخِلَافِ النَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ وَيُحْلَفُ بِهِ، فَلَوْ قَالَ إنْ بَرِئْت مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهَا إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ، وَلَوْ قَالَ هِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ إنْ شِئْت أَوْ أَحْبَبْت أَوْ رَضِيت أَوْ هَوِيت كَانَ بَاطِلًا اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَيْنِيُّ صُورَةَ بُطْلَانِهِ بِالشَّرْطِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَقَالَ الْمَطْلُوبُ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ بَابِ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ عَلَى خَطَرٍ وَلَمْ يَتَضَمَّنْ دَعْوَى أَجَلٍ بَاطِلٌ وَأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ كَائِنٍ تَنْجِيزٌ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْ مَسَائِلِ تَعْلِيقِ الْإِقْرَارِ فِي بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ (قَوْلُهُ فَقَالَ الْمُدَّعِي مَا ذَكَرْنَا) لَعَلَّهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَكَى الشَّارِحُ الِاخْتِلَافَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا النَّقْلُ عَنْ الشَّارِحِ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الَّذِي نَقَلَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ تَعْلِيقَ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ النِّهَايَةِ فَرْعًا هُوَ غَصَبْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ أَمْسِ إنْ شَاءَ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِحْسَانًا يَعْنِي لِبُطْلَانِ الْإِقْرَارِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ بَاطِلٌ وَذَكَرَ عِلَّةَ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ، وَقَالَ بَعْدَهُ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى مَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ يَعْنِي لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا فَكَيْفَ يَقُولُ وَقَدْ حَكَى الِاخْتِلَافَ إلَخْ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْ. اهـ.
أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُحِيطِ يُفِيدُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ لَازَمَ بُطْلَانَ التَّعْلِيقِ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي عِبَارَةِ الزَّيْلَعِيِّ هُنَاكَ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ يُفِيدُ صِحَّةَ التَّعْلِيقِ فَبَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ تَضْعِيفُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ هُنَا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ وَالِاعْتِكَافِ. اهـ. أَيْ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَزِمَ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِيهِمَا وَإِنْ صَرَّحَ غَيْرُهُمْ بِخِلَافِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَيْنِيُّ صُورَةَ بُطْلَانِهِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ إلَخْ) أَقُولُ: فِي كَوْنِهِ مِمَّا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ نَظَرٌ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ أَنَّ مَا كَانَ مُبَادَلَةَ