إجْمَاعًا اهـ.
فَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْإِجَارَةَ الْبَيْعُ فَإِنَّهُمَا إذَا شَرَطَاهُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَسَدَ الْبَيْعُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ فِي الْخُلْعِ فَقَدَّمْنَاهُ فِي بَابِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عِنْدَهُ وَيَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ فِي الْكَفَالَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَيَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ لِلْمُحْتَالِ وَهُمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ فِي الْوَقْفِ فَجَائِزٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْغَلَّةِ لِنَفْسِهِ وَلَمَّا أَفْتَوْا بِقَوْلِهِ هُنَاكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ أَيْضًا فِي جَوَازِ اشْتِرَاطِهِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي الْوَقْفِ وَفِي الْمِعْرَاجِ خُذْهُ وَانْظُرْ إلَيْهِ الْيَوْمَ فَإِنْ رَضِيتَهُ أَخَذْتَهُ بِعَشَرَةٍ فَهُوَ خِيَارٌ وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَغُلَّهُ وَيَسْتَخْدِمَهُ جَازَ وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ وَعَلَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الثَّمَرَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ. اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هُوَ بَيْعٌ لَك إنْ شِئْت الْيَوْمَ كَانَ بَيْعًا بِخِيَارٍ (قَوْلُهُ فَإِذَا أَجَازَ فِي الثَّلَاثِ صَحَّ) لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ فَانْقَلَبَ صَحِيحًا وَالضَّمِيرُ يَعُودُ إلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ الْعَقْدِ فَقِيلَ انْعَقَدَ فَاسِدًا ثُمَّ يَعُودُ صَحِيحًا بِزَوَالِ الْمُفْسِدِ وَهُوَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ وَعِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ مَوْقُوفٌ عَلَى إسْقَاطِ الشَّرْطِ فَبِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ الرَّابِعِ يَفْسُدُ فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا وَهَذَا الطَّرِيقُ هِيَ الْأَوْجَهُ وَاخْتَارَهَا الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ كَمَا فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ فَإِنْ أَسْقَطَ الْخِيَارَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ أَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَحْدَثَ بِهِ مَا يُوجِبُ لُزُومَ الْبَيْعِ يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ جَائِزًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَإِنْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ عَيْبٌ إنْ كَانَ عَيْبًا يَحْتَمِلُ زَوَالُهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ كَالْمَرَضِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرَّدَّ قَبْلَ زَوَالِ الْعَيْبِ وَإِنْ حَدَثَ بِهِ مَا لَا يَحْتَمِلُ الزَّوَالَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ. اهـ.
وَفِي الْمِعْرَاجِ لَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ أَبَدًا أَوْ مُطْلَقًا أَوْ مُؤَقَّتًا بِوَقْتٍ مَجْهُولٍ فَسَدَ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ إلَى قُدُومِ فُلَانٍ أَوْ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ فَأَسْقَطَاهُ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ شَهْرٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي الشَّهْرِ وَلَهُ الْخِيَارُ بَعْدَهُ يَوْمًا كَذَا فِي الْمُجْتَبَى وَلَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوا لِلِاخْتِلَافِ السَّابِقِ ثَمَرَةً وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْقَوْلِ بِانْعِقَادِهِ فَاسِدًا وَيَصِحُّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ وَظَاهِرُ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ يَنْقَلِبُ جَائِزًا بِالْإِعْتَاقِ فَلَمْ تَظْهَرْ الثَّمَرَةُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ تَظْهَرُ فِي حِلِّ مُبَاشَرَتِهِ وَحُرْمَتِهَا كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْإِسْبِيجَابِيِّ الْأَصْلُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْفَسَادَ عَلَى ضَرْبَيْنِ فَسَادٍ قَوِيٍّ دَخَلَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَهُوَ الْبَدَلُ أَوْ الْمُبْدَلُ وَفَسَادٍ ضَعِيفٍ لَمْ يَدْخُلْ فِي صُلْبٍ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا دَخَلَ فِي شَرْطٍ مُسْتَعَارٍ زَائِدًا عَلَى الْعَقْدِ فَالْأَوَّلُ لَا يَنْقَلِبُ إلَى الْجَوَازِ بِرَفْعِ الْمُفْسِدِ كَمَا إذَا بَاعَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ ثُمَّ حَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي الْخَمْرَ لَا يَنْقَلِبُ إلَى الْجَوَازِ وَأَمَّا الْفَسَادُ الضَّعِيفُ فَكَمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَأَمَّا إذَا بَاعَ إلَى الْحَصَادِ أَوْ الدِّيَاسِ ثُمَّ أَبْطَلَ صَاحِبُ الْأَجَلِ الْأَجَلَ أَوْ نَقَدَ الثَّمَنَ انْقَلَبَ إلَى الْجَوَازِ وَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَجْهُولَةُ تَأَكَّدَ وَمِنْ الثَّانِي اشْتِرَاطُهُ فِي عَقْدِ السَّلَمِ فَإِنْ أَبْطَلَهُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ صَحَّ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ قَائِمًا اهـ.
(فَرْعٌ) لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالشَّرْطِ فَلَوْ بَاعَهُ حِمَارًا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ هَذَا النَّهْرَ فَرَدَّهُ يَقْبَلُهُ وَإِلَّا لَا لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا إذَا قَالَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ بِهِ إلَى الْغَدِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ صَحَّ وَإِلَى أَرْبَعَةٍ لَا) أَيْ لَا يَصِحُّ يَعْنِي عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ إلَى مَا سَمَّيَاهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ إذْ الْحَاجَةُ مَسَّتْ إلَى الِانْفِسَاخِ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْدِ تَحَرُّزًا عَنْ الْمُمَاطَلَةِ فِي الْفَسْخِ فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِهِ فَالْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْمُلْحَقِ بِهِ وَنَفْيِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ.
وَكَذَا مُحَمَّدٌ فِي تَجْوِيزِ الزِّيَادَةِ وَأَبُو يُوسُفَ أَخَذَ فِي الْأَصْلِ بِالْأَثَرِ وَفِي هَذَا بِالْقِيَاسِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قِيَاسٌ آخَرُ وَإِلَيْهِ مَالَ زُفَرُ وَهُوَ أَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فِي حِلِّ مُبَاشَرَتِهَا وَحُرْمَتِهَا) أَيْ وَحُرْمَةِ الْمُبَاشَرَةِ أَيْ مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ.