الْمُشْتَرَى الْمَنْقُولِ وَفِي الدَّيْنِ فَبَيْعُ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَاسِدٌ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَأْسِ الْمَالِ، وَلَوْ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَبَيْعُ شَيْءٍ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْبَائِعِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْبَدَلُ مُسَمًّى فِي أَحَدِ نَوْعَيْ الْمُبَادَلَةِ وَهِيَ الْقَوْلِيَّةُ، فَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ فَسَدَ وَمَلَكَ بِالْقَبْضِ، وَإِنْ نَفَاهُ قِيلَ فَسَدَ وَقِيلَ بَطَلَ فَلَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ وَفِي التَّتِمَّةِ بَاعَهُ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ، وَمِنْهَا الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْبَدَلَيْنِ فِي أَمْوَالِ الرِّبَا وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي بَابِهِ.
وَمِنْهَا الْخُلُوُّ عَنْ شُبْهَةِ الرِّبَا، وَمِنْهَا وُجُودُ شَرَائِطَ السَّلَمِ الْآتِيَةِ، وَمِنْهَا الْقَبْضُ فِي الصَّرْفِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ مَعْلُومًا فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ وَالْوَضِيعَةِ.
وَأَمَّا شَرَائِطُ اللُّزُومِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ وَالنَّفَاذِ فَخُلُوُّهُ مِنْ الْخِيَارَاتِ الْأَرْبَعَةِ الْمَشْهُورَةِ وَيُزَادُ خِيَارُ الْكَمِّيَّةِ وَخِيَارُ الْغَبْنِ إذَا كَانَ فِيهِ غُرُورٌ وَخِيَارُ اسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الْمَبِيعِ الْقِيَمِيِّ مُطْلَقًا وَالْمِثْلِيِّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَخِيَارُ الْخِيَانَةِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَخِيَارُ نَقْدِ الثَّمَنِ وَعَدَمِهِ وَخِيَارُ كَشْفِ الْحَالِ وَخِيَارُ فَوَاتِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ وَخِيَارُ إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَخِيَارُ هَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ فَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَقَدْ صَارَتْ جُمْلَةُ الشَّرَائِطَ سِتَّةً وَسَبْعِينَ فَشَرَائِطُ الِانْعِقَادِ أَحَدَ عَشَرَ وَشَرَائِطُ النَّفَاذِ اثْنَانِ وَشَرَائِطُ الصِّحَّةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَشَرْطُ اللُّزُومِ وَاحِدٌ بَعْدَ اجْتِمَاعِ الْكُلِّ فَعَلَى هَذَا شَرَائِطُ اللُّزُومِ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَالْكُلُّ مِنْ غَيْرِ تَدَاخُلٍ ثَمَانِيَةٌ وَسَبَبُ شَرْعِيَّتِهِ تَعَلُّقُ الْبَقَاءِ الْمَعْلُومِ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهٍ جَمِيلٍ.
وَأَمَّا أَحْكَامُهُ فَالْأَصْلِيُّ لَهُ الْمِلْكُ فِي الْبَدَلَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي بَدَلٍ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْقُوَّةُ وَالْقُدْرَةُ وَشَرْعًا مَا قَدَّمْنَاهُ وَالتَّابِعُ وُجُوبُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ وَوُجُوبُ اسْتِبْرَاءِ الْجَارِيَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَمُلْكُ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْجَارِيَةِ وَثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لَوْ كَانَ عَقَارًا وَعِتْقُ الْمَبِيعِ لَوْ كَانَ مَحْرَمًا مِنْ الْبَائِعِ. وَأَمَّا صِفَةُ ذَلِكَ الْحُكْمِ فَاللُّزُومُ عِنْدَ عَدَمِ خِيَارٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ فَالْبَيْعُ عِنْدَ عَدَمِ الْخِيَارِ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ وَالْعُقُودُ ثَلَاثَةٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَالسَّلَمُ وَالْإِجَارَةُ، وَإِنْ قُلْنَا بِفَسْخِهَا بِالْأَعْذَارِ وَالصُّلْحِ وَالْحَوَالَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْقَبُولِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَالنِّكَاحِ وَالصَّدَاقِ وَالصَّدَقَةِ الْمَقْبُوضَةِ وَالْهِبَةِ الْمَقْبُوضَةِ إذَا وُجِدَ مَانِعٌ مِنْ الْمَوَانِعِ السَّبْعَةِ الْآتِيَةِ وَلَازِمٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَهُوَ الرَّهْنُ، فَإِنَّهُ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ وَجَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُ وَهُوَ الشَّرِكَةُ وَالْوَكَالَةُ وَالْعَارِيَّةُ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ وَالْمُضَارِبَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْقَضَاءِ وَالْوِصَايَةِ قَبْلَ قَبُولِ الْوَصِيِّ.
وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَازِمَةٌ وَالْوَصِيَّةُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي.
وَأَمَّا أَنْوَاعُهُ فَبِالنَّظَرِ إلَى مُطْلَقِ الْبَيْعِ أَرْبَعَةٌ نَافِذٌ وَمَوْقُوفٌ وَفَاسِدٌ وَبَاطِلٌ فَالنَّافِذُ مَا أَفَادَ الْحُكْمَ لِلْحَالِ وَالْمَوْقُوفُ مَا أَفَادَهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَالْفَاسِدُ مَا أَفَادَهُ عِنْدَ الْقَبْضِ وَالْبَاطِلُ مَا لَمْ يُفِدْهُ أَصْلًا، كَذَا فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمَوْقُوفَ لَيْسَ مِنْ الْفَاسِدِ، وَإِنَّمَا هُوَ إمَّا مَنْ قِسْمِ الصَّحِيحِ أَوْ قِسْمٌ بِرَأْسِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَبِالنَّظَرِ إلَى الْمَبِيعِ أَرْبَعَةٌ مُقَايَضَةٌ وَهِيَ بَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ الصَّرْفُ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ وَهُوَ السَّلَمُ وَعَكْسُهُ وَهُوَ بَيْعُ الْعَيْنِ بِالدَّيْنِ كَأَكْثَرِ الْبِيَاعَاتِ وَبِالنَّظَرِ إلَى الثَّمَنِ خَمْسَةٌ مُرَابَحَةٌ وَتَوْلِيَةٌ وَإِشْرَاكٌ وَوَضِيعَةٌ وَمُسَاوَمَةٌ وَسَتَأْتِي الْبُيُوعُ الْمَكْرُوهَةُ.
وَأَمَّا مَحَاسِنُهُ فَمِنْهَا التَّوَصُّلُ إلَى الْأَغْرَاضِ وَإِخْلَاء الْعَالِمَ عَنْ الْفَسَادِ وَفِي آخِرِ بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ قِيلَ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ أَلَا تُصَنِّفُ فِي الزُّهْدِ قَالَ حَسْبُكُمْ كِتَابُ الْبُيُوعِ وَكَانَ التُّجَّارُ فِي الْقَدِيمِ إذَا سَافَرُوا اسْتَصْحَبُوا مَعَهُمْ فَقِيهًا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ وَعَنْ أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلتَّاجِرِ مِنْ فَقِيهٍ صَدِيقٍ اهـ.
قَالَ الشُّمُنِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ صَحَّ عِنْدَ أَصْحَابِ السِّيَرِ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّجَرَ لِخَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -» لَكِنْ قَبْلَ الْبِعْثَةِ بَخَمْسَةَ عَشَرَ سَنَةً، فَإِنَّهُ بُعِثَ عَلَى رَأْسِ الْأَرْبَعِينَ وَخَرَجَ تَاجِرًا إلَى الشَّامِ لِخَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لَمَّا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ سِتَّةً وَسَبْعِينَ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ شَرَائِطَ الِانْعِقَادِ وَالنَّفَاذِ وَالصِّحَّةِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ وَشَرَائِطُ اللُّزُومِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ مَعَ زِيَادَةِ الْخُلُوِّ مِنْ الْخِيَارَاتِ فَصَارَتْ سَبْعَةً وَسَبْعِينَ لَكِنْ عَلِمْتَ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ شَرَائِطَ الِانْعِقَادِ تِسْعَةٌ فَيَسْقُطُ مِنْهَا اثْنَانِ، وَمِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ اثْنَانِ أَيْضًا، وَمِنْ شَرَائِطِ اللُّزُومِ أَرْبَعَةٌ فَتَبْقَى الْجُمْلَةُ تِسْعَةً وَسِتِّينَ (قَوْلُهُ وَالْكُلُّ مِنْ غَيْرِ تَدَاخُلٍ ثَمَانِيَةٌ) لَمْ يَظْهَرْ لِي مُرَادُهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَوْ كَانَ مُحَرَّمًا مِنْ الْبَائِعِ) صَوَابُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي.