ثُمَّ افْتَرَقَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَقَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهمَا شَاءَ. اهـ.
وَفِيهِ قَبْلَهُ، وَلَوْ أَبْضَعَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا فَاشْتَرَى الْمُسْتَبْضَعُ بِالْبِضَاعَةِ شَيْئًا بَعْدَ تَفَرُّقِهِمَا فَإِنْ عَلِمَ بِتَفَرُّقِهِمَا فَالْمُشْتَرَى لِلْمُبْضِعِ خَاصَّةً وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا إلَى الْمُسْتَبْضَعِ نَفَذَ الشِّرَاءُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ فَالْمُشْتَرَى لِلْمُبْضِعِ اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَهَا إذَا جُنَّ أَحَدُهُمَا، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ شَرِيكَيْنِ جُنَّ أَحَدُهُمَا وَعَمِلَ الْآخَرُ بِالْمَالِ حَتَّى رَبِحَ أَوْ وَضَعَ، قَالَ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا قَائِمَةٌ إلَى أَنْ يَتِمَّ إطْبَاقُ الْجُنُونِ عَلَيْهِ فَإِذَا قَضَى ذَلِكَ الْوَقْتَ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فَإِذَا عَمِلَ بِالْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَالْغَصْبِ لِمَالِ الْمَجْنُونِ فَيَطِيبُ لَهُ رِبْحُ مَالِهِ وَلَا يَطِيبُ لَهُ مَا رَبِحَ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ. اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا اشْتَرَيَا بِالْمَالِ مَتَاعًا، ثُمَّ أَرَادَا الْقِسْمَةَ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ ذَلِكَ يَوْمَ اشْتَرَيَاهُ وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِهِ، وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي الْعُرُوضِ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حِصَّةَ مَالِهِ فَاشْتَرَيَا بِهَا مَتَاعًا، ثُمَّ بَاعَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِ الدَّرَاهِمَ عَلَى قِيمَةِ الْعُرُوضِ يَوْمَ اشْتَرَيَاهُ، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ اخْتِلَافِهِمَا وَلَا بَأْسَ بِبَيَانِهِ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ ادَّعَى أَنَّهُ شَارَكَهُ مُفَاوَضَةً وَالْمَالُ فِي يَدِ الْجَاحِدِ، فَالْقَوْلُ لِلْجَاحِدِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ أَقَامَهَا فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا أَوْ مِنْ شَرِكَتِهِمَا قُبِلَتْ وَقَضَى بِهِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ فَقَطْ ذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ قَبُولَهَا وَذَكَرَ خواهر زاده قَبُولَهَا إنْ شَهِدُوا فِي مَجْلِسِ الدَّعْوَى وَإِنْ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا لَا يَقْضِي مَا لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ شَرِكَتِهِمَا أَوْ يُقِرُّ الْجَاحِدُ أَنَّ الْمَالَ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ إذَا قَضَى بِهِ بَيْنَهُمَا فَادَّعَى ذُو الْيَدِ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِ لِنَفْسِهِ مِيرَاثًا أَوْ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَ شُهُودُ مُدَّعِي الْمُفَاوَضَةِ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَأَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَأَنَّ الْمَالَ مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِهِ أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَلَمْ يَزِيدُوا قُبِلَتْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِ بِطَرِيقِ التَّلَقِّي مِنْ الْمُدَّعِي تُسْمَعُ وَتُقْبَلُ مُطْلَقًا، وَإِذَا افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ، ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ شَرِيكَهُ كَانَ بِالنِّصْفِ وَادَّعَى الْآخَرُ بِالثُّلُثِ، وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُفَاوَضَةِ فَجَمِيعُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَتَمَامُهُ فِيهَا.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُزَكَّ مَالُ الْآخَرِ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ التِّجَارَةِ فَلَا يَكُونُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي أَدَائِهَا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ كُلٌّ وَأَدَّيَا مَعًا ضَمِنَا، وَلَوْ مُتَعَاقِبًا ضَمِنَ الثَّانِي) أَيْ إنْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ عَنْهُ فَأَدَّيَا مَعًا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ وَإِنْ أَدَّيَا عَلَى التَّعَاقُبِ كَانَ الثَّانِي ضَامِنًا لِلْأَوَّلِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا عَلِمَ بِأَدَاءِ صَاحِبِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا لَا ضَمَانَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ الْمَأْمُورُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ بَعْدَمَا أَدَّى الْآمِرُ بِنَفْسِهِ لَهُمَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّمْلِيكِ مِنْ الْفَقِيرِ، وَقَدْ أَتَى بِهِ فَلَا يَضْمَنُ لِلْمُوَكِّلِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ فِي وُسْعِهِ التَّمْلِيكَ لَا وُقُوعَهُ زَكَاةً لِتَعَلُّقِهِ بِنِيَّةِ الْمُوَكِّلِ وَإِنَّمَا يَطْلُبُ مِنْهُ مَا فِي وُسْعِهِ وَصَارَ كَالْمَأْمُورِ بِذَبْحِ دَمِ الْإِحْصَارِ إذَا ذَبَحَ بَعْدَمَا زَالَ الْإِحْصَارُ وَحَجَّ الْآمِرُ لَمْ يَضْمَنْ الْمَأْمُورُ عَلِمَ أَوْ لَا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَالْمُؤَدَّى لَمْ يَقَعْ زَكَاةً فَصَارَ مُخَالِفًا، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْآمِرِ إخْرَاجُ النَّفْسِ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَلْتَزِمُ الضَّرَرَ إلَّا لِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ حَصَلَ بِأَدَائِهِ فَعَرَى أَدَاءُ الْمَأْمُورِ عَنْهُ فَصَارَ مَعْزُولًا عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ، وَأَمَّا دَمُ الْإِحْصَارِ فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَقِيلَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ الدَّمَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَزُولَ الْإِحْصَارُ وَفِي مَسْأَلَتِنَا الْأَدَاءُ وَاجِبٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .