جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا فَقَالَ ذَلِكَ فَسَكَتَ الْمُوَكِّلُ فَالْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ رَضِيَ بِهِ الْمُوَكِّلُ أَمْ لَا وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَمْلِكُ فَسْخَهَا بِلَا رِضَا الْآخَرِ اهـ.
وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَمْلِكُ فَسْخَهَا بِلَا رِضَا الْآخَرِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ، وَقَدْ صَحَّحَ هُوَ انْفِرَادَ الشَّرِيكِ بِالْفَسْخِ وَالْمَالُ عُرُوضٌ وَالتَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّجْنِيسِ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لَا يَمْلِكُ تَغْيِيرَ مُوجَبِهَا إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ وَفِي الرِّضَا احْتِمَالٌ يَعْنِي إذَا كَانَ سَاكِتًا وَالْمُرَادُ بِمُوجَبِهَا وُقُوعُ الْمُشْتَرَى عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ فِي ثَلَاثَةٍ اشْتَرَكُوا شَرِكَةً صَحِيحَةً عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمْ فَخَرَجَ وَاحِدٌ إلَى نَاحِيَةٍ مِنْ النَّوَاحِي لِشَرِكَتِهِمْ فَشَارَكَ الْحَاضِرَانِ آخَرَ عَلَى أَنَّ ثُلُثَ الرِّبْحِ لَهُ وَالثُّلُثَيْنِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْحَاضِرَيْنِ وَثُلُثُهُ لِلْغَائِبِ فَعَمِلَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ سِنِينَ مَعَ الْحَاضِرَيْنِ، ثُمَّ جَاءَ الْغَائِبُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ فَاقْتَسَمُوا وَلَمْ يَزَلْ يَعْمَلُ مَعَهُمْ هَذَا الرَّابِعُ حَتَّى خَسِرَ الْمَالَ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ فَأَرَادَ الْغَائِبُ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَيْهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا وَعَمَلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ رِضَا بِالشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَخَصُّ مِنْ السُّكُوتِ السَّابِقِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَمَلِ. اهـ.
وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنْ لَا غَلَطَ فِي كَلَامِهِمْ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ فَقَوْلُهُمْ يَمْلِكُ فَسْخَهَا بِلَا رِضَا الْآخَرِ حَيْثُ أَعْلَمُهُ مَعْنَاهُ رَفْعُ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَقَوْلُهُمْ فِي تَعْلِيلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَمْلِكُ فَسْخَهَا بِلَا رِضَا الْآخَرِ مَعْنَاهُ رَفْعُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَهُمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا وَيَخْتَصَّ بِهِ وَلَا يَكُونُ عَلَى الشَّرِكَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا صَاحِبِهِ وَلَا يَكْفِي عِلْمُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَخَهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ لِمَنْ أَنْصَفَ مِنْ نَفْسِهِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مُتَفَاوِضُونَ غَابَ أَحَدُهُمْ وَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يَتَنَاقَضَا لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ بِدُونِ الْغَائِبِ وَلَا يُنْتَقَضُ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ جَحَدَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَضَمِنَ نِصْفَ جَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ إذَا ظَهَرَتْ الْمُفَاوَضَةُ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ جَحَدَ الْأَمَانَةَ فَصَارَ غَاصِبًا، وَكَذَلِكَ جُحُودُ وَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شَيْئًا، ثُمَّ افْتَرَقَا وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ قَبْضُ الْمَالِ كُلِّهِ فَإِلَى أَيِّهِمَا دَفَعَ بَرِئَ وَإِنْ عَلِمَ بِالْفُرْقَةِ لَمْ يَدْفَعْ إلَّا إلَى الْعَاقِدِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى شَرِيكِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ نَصِيبِ الْعَاقِدِ، وَكَذَا لَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يُخَاصِمُ بِهِ إلَّا الْبَائِعَ، وَلَوْ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ إلَخْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ: حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَبْقَى كَلَامَ الْخُلَاصَةِ عَلَى ظَاهِرِهِ كَانَ غَلَطًا لِمَا أَنَّهُ صَرَّحَ بِخِلَافِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ عِبَارَتِهِ إلَى مَا ذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَغْيِيرَ مُوجِبِهَا وَهُوَ اشْتِرَاكُ كُلِّ مُشْتَرِي بِأَنْ يَجْعَلَ بَعْضَ الْمُشْتَرَيَاتِ خَاصًّا مَعَ بَقَاءِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ رِضَا الْآخَرِ، وَكَوْنُهُ يَمْلِكُ بِانْفِرَادِهِ الْفَسْخَ وَرَفْعُ الْعَقْدِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ وَأَقُولُ: مِنْ هُنَا يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَبَيْنَ الشَّرِيكِ فَإِنَّ سُكُوتَ الْمُوَكِّلِ حِينَ قَالَ الْوَكِيلُ أُرِيدُ شِرَاءَ الْأَمَةِ لِنَفْسِي يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ عَزَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ بِعِلْمِ الْمُوَكِّلِ فَصَحَّ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَمَّا سَكَتَ مَعَ بَقَاءِ حُكْمِ الْوَكَالَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلشَّرِكَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مُعْتَمِدٌ عَلَى الشَّرِكَةِ الْبَاقِيَةِ وَأَنَّ حُكْمَهَا اشْتِرَاكُ كُلِّ مُشْتَرِي وَأَنَّ الشَّرْطَ الْمُفْسِدَ لَا يُفْسِدُهَا فَلَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ، وَالْوَكَالَةُ الْحُكْمِيَّةُ بَاقِيَةٌ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ الْمُفْرَدَةِ؛ لِأَنَّهَا ارْتَفَعَتْ بِقَوْلِ الْوَكِيلِ أُرِيدُ شِرَاءَهَا لِنَفْسِي أَيْ لَا لَك وَقَدْ سَكَتَ فَلَوْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي بَقَائِهِ لَمَنَعَهُ بِمَا يُشَاهَدُ، وَهَذَا فَرْقٌ لَطِيفٌ ظَهَرَ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْجَارِيَةِ السَّابِقَةِ أَيْ لَا يُعَلَّلُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ رَضِيَ الْمُوَكِّلُ أَمْ لَا وَالشَّرِيكُ لَا يَمْلِكُ فَسْخَهَا بِلَا رِضَا الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا صَحَّحَهُ مِنْ انْفِرَادِ الشَّرِيكِ بِالْفَسْخِ وَالْمَالُ عُرُوضٌ، قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَوْ حُمِلَ فَرْقُ الْخُلَاصَةِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ لَكَانَ أَوْلَى مِنْ نِسْبَةِ الْغَلَطِ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنْ لَا غَلَطَ فِي كَلَامِهِمْ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا التَّوْفِيقِ إرْجَاعُ تَعْلِيلِهِمْ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي التَّجْنِيسِ وَقَدْ جَعَلَهُ فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ مُؤَدَّى كَلَامِ الْفَتْحِ كَمَا عَلِمْته وَهُوَ بَعِيدٌ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْفَتْحِ بَيَانُ الْمُخَالَفَةِ لِمَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِعَدَمِهَا لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَغْيِيرَ مُوجِبِهَا لَا يُسَمَّى فَسْخًا. اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ لَا يُسَمَّى فَسْخًا لِلْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ فَمُسَلَّمٌ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَإِنْ أَرَادَ لَا يُسَمَّى فَسْخًا لِلِاشْتِرَاكِ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَى الْخَاصِّ فَمَمْنُوعٌ، نَعَمْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَمْلِكُ فَسْخَهَا بِلَا رِضَا الْآخَرِ أَنَّ الْمُرَادَ فَسْخُ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بِالْكُلِّيَّةِ لَا فَسْخُهَا فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَى الْخَاصِّ؛ وَلِذَا جَزَمَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ غَلَطٌ لَكِنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي إمْكَانِ التَّوْفِيقِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُمْكِنٌ بِمَا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِمْكَانِ مُشِيرٌ إلَى ذَلِكَ وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الْغَلَطِ وَكَذَا مَنْ حَمَلَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُهُ تَقْدِيمُ تَصْحِيحِ خِلَافِهِ.