الْجَانِبِ الْآخَرِ ضَرُورَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَوْلُهُ (: وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ) أَيْ يَثْبُتُ النَّسَبُ فِي شُبْهَةِ الْمَحَلِّ بِالدَّعْوَةِ وَلَا يَثْبُتُ فِي شُبْهَةِ الْفِعْلِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ تَمَحَّضَ زِنًا فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ سَقَطَ الْحَدُّ لِأَمْرٍ رَاجِعٍ إلَيْهِ وَهُوَ اشْتِبَاهُ الْأَمْرِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَمَحَّضْ فِي الْأَوَّلِ لِلشُّبْهَةِ فِي الْمَحَلِّ وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ نَسَبَ وَلَدِ الْمُعْتَدَّةِ الْبَتِّ يَثْبُتُ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ وَلِسَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالدَّعْوَةِ وَهُوَ بِعُمُومِهِ يَتَنَاوَلُ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ فَكَانَ مُخَصِّصًا لِقَوْلِهِ هُنَا فَقَطْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ فِي شُبْهَةِ الْفِعْلِ عِنْدَ الدَّعْوَةِ إلَّا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشُّبْهَةَ فِيهَا شُبْهَةٌ فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِ بَاقِي مَحَالِّ شُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ، فَإِنَّهُ لَا شُبْهَةَ عَقْدٍ فِيهَا فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِالدَّعْوَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّ مِنْ شُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ وَطْءَ امْرَأَةٍ زُفَّتْ وَقَالَتْ النِّسَاءُ هِيَ زَوْجَتُك وَلَمْ تَكُنْ زَوْجَتَهُ مُعْتَمِدًا خَبَرَهُنَّ وَصَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِيهِ بِالدَّعْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي فَتَحَرَّرَ أَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ فِي شُبْهَةِ الْفِعْلِ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ.
قَوْلُهُ (وَحُدَّ بِوَطْءِ أَمَةِ أَخِيهِ وَعَمِّهِ، وَإِنْ ظَنَّ حَلَّهُ وَامْرَأَةٍ وُجِدَتْ فِي فِرَاشِهِ) يَعْنِي سَوَاءٌ ظَنَّ الْحِلَّ أَوْ الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا انْبِسَاطَ فِي مَالِ الْأَخِ، وَالْعَمِّ وَكَذَا سَائِرُ الْمَحَارِمِ سِوَى الْأَوْلَادِ لِمَا بَيَّنَّا وَلَا اشْتِبَاهَ فِي الْمَرْأَةِ الْمَوْجُودَةِ عَلَى فِرَاشِهِ لِطُولِ الصُّحْبَةِ فَلَمْ يَكُنْ الظَّنُّ مُسْتَنِدًا إلَى دَلِيلٍ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنَامُ عَلَى فِرَاشِهِ غَيْرُهَا مِنْ الْمَحَارِمِ الَّتِي فِي بَيْتِهَا أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْبَصِيرَ، وَالْأَعْمَى؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّمْيِيزُ بِالسُّؤَالِ وَغَيْرِهِ إلَّا إذَا دَعَاهَا فَأَجَابَتْهُ وَقَالَتْ أَنَا زَوْجَتُك أَوْ أَنَا فُلَانَةُ بِاسْمِ زَوْجَتِهِ فَوَاقَعَهَا؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ دَلِيلٌ وَفِي التَّبْيِينِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ لِمَا نَذْكُرُهُ فِي الْمَرْقُوقَةِ وَلَوْ أَجَابَتْهُ فَقَطْ يُحَدُّ لِعَدَمِ مَا يُوجِبُ السُّقُوطَ وَأَطْلَقَ فِي الْمَرْأَةِ فَشَمِلَ الْمُكْرَهَةَ، وَالطَّائِعَةَ فَيُحَدُّ لَوْ أَكْرَهَهَا دُونَهَا وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ عِنْدَنَا.
قَوْلُهُ (: لَا بِأَجْنَبِيَّةٍ زُفَّتْ وَقِيلَ هِيَ زَوْجَتُك) أَيْ لَا يُحَدُّ بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ زُفَّتْ إلَيْهِ وَقَالَ النِّسَاءُ: هِيَ زَوْجَتُك قَضَى بِذَلِكَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِأَنَّهُ اعْتَمَدَ دَلِيلًا وَهُوَ الْإِخْبَارُ فِي مَوْضِعِ الِاشْتِبَاهِ إذْ الْإِنْسَانُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبِين غَيْرِهَا فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ فَصَارَ كَالْمَغْرُورِ وَلَكِنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُنْعَدِمٌ حَقِيقَةً فَبَطَلَ بِهِ إحْصَانُهُ كَوَطْءِ جَارِيَةِ ابْنِهِ، فَإِنَّهُ مُسْقِطٌ لِإِحْصَانِهِ حَبِلَتْ أَوْ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ إخْبَارَ وَاحِدَةٍ لَهُ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ يَكْفِي لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ عَنْهُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَكِنْ عِبَارَةُ الْقُدُورِيِّ وَقُلْنَ النِّسَاءُ بِالْجَمْعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ، وَالْوَاحِدُ فِيهَا يَكْفِي. اهـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْبَصِيرَ وَالْأَعْمَى إلَخْ) نَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَا هُنَا عَنْ الْمُنْتَقَى وَالْأَصْلِ ثُمَّ قَالَ الْخُلَاصَةُ وَلَوْ أَنَّ أَعْمَى وَجَدَ فِي فِرَاشِهِ أَوْ حُجْرَتِهِ امْرَأَةً فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا امْرَأَتِي قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُعْذَرُ وَقَالَ زُفَرُ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ الظَّهِيرِيَّةُ رَجُلٌ وَجَدَ فِي بَيْتِهِ امْرَأَةً فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ فَغَشِيَهَا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا امْرَأَتِي لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ نَهَارًا يُحَدُّ الْحَاوِي.
وَعَنْ زُفَرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ وَجَدَ فِي حَجْلَتِهِ أَوْ بَيْتِهِ امْرَأَةً فَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا امْرَأَتِي إنْ كَانَ نَهَارًا يُحَدُّ، وَإِنْ كَانَ لَيْلًا لَا يُحَدُّ وَعَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا قَالَ أَبُو اللَّيْثِ الْكَبِيرُ وَبِرِوَايَةِ زُفَرَ يُؤْخَذُ اهـ.
قُلْت وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْأَعْمَى لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِمَا نَذْكُرُهُ فِي الْمَرْقُوقَةِ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِقَافَيْنِ بَعْدَ الرَّاءِ وَالصَّوَابُ الْمَزْفُوفَةُ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَفَاءَيْنِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ الَّتِي زُفَّتْ إلَيْهِ الْآتِيَةِ تِلْوَ هَذِهِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ إلَى آخِرِ مَا إذَا دَعَاهَا فَأَجَابَتْهُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِتَحَقُّقِ الْحِلِّ مِنْ وَجْهٍ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الشُّبْهَةِ أَصْلًا فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ
[وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ زُفَّتْ إلَيْهِ وَقَالَ النِّسَاءُ هِيَ زَوْجَتُك]
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَقُولُ: ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِخْبَارِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ زِفَافِهَا إلَيْهِ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فِي الْكَافِي تُفِيدُ عَدَمَ اشْتِرَاطِهِ حَيْثُ قَالَ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَزُفَّتْ إلَيْهِ أُخْرَى فَوَطِئَهَا قَالَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى قَاذِفِهِ ثُمَّ عَلَّلَهُ بِأَنَّ الزِّفَافَ شُبْهَةٌ وَلِذَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ اهـ.
فَجَعَلَ الشُّبْهَةَ نَفْسَ الزِّفَافِ وَلَعَلَّ هَذَا رِوَايَةٌ أُخْرَى وَعَلَيْهَا مَشَى فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا وَيَكُونُ مَا فِي الْمُتُونِ رِوَايَةٌ غَيْرُهَا وَيَنْبَغِي عَلَى الثَّانِيَةِ أَنَّ مَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ رَآهَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا مَا لَمْ تَقُلْ لَهُ النِّسَاءُ هَذِهِ زَوْجَتُك لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَكُونُ غَيْرَهَا وَفِي ذَلِكَ حَرَجٌ، فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَفْعَلُهُ الْآنَ فَيَلْزَمُ تَأْثِيمُ النَّاسِ عَلَى أَنَّ احْتِمَالَ كَوْنِهَا غَيْرَهَا احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ رُبَّمَا لَا يَقَعُ فِي سِنِينَ عَدِيدَةٍ إلَّا نَادِرًا وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ فِي بَيْتِهِ لَيْلَةَ الزِّفَافِ وَاجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَهْلُهُ وَأَقَارِبُهُ وَغَيْرُهُنَّ وَزَيَّنُوهَا وَأَفْرَدُوهَا فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ ثُمَّ أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ احْتِمَالَ كَوْنِهَا غَيْرَهَا أَبْعَدُ مَا يَكُونُ فَوُجُوبُ السُّؤَالِ بَعِيدٌ أَيْضًا.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي مُجَرَّدُ زِفَافِهَا عَمَلًا بِهَذَا الظَّاهِرِ بَلْ هُوَ أَقْوَى مِمَّا لَوْ جَاءَتْ بِهَا امْرَأَةٌ مِنْ بَيْتِ أَهْلِهَا ثُمَّ أَدْخَلَتْهَا عَلَيْهِ وَقَالَتْ لَهُ هَذِهِ زَوْجَتُك، فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ كَذِبُهَا.