بِالْحُرِّ قَالُوا يَعْتِقُ، وَكَذَا عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنِدَاءٍ بِاسْمِ عَلَمِهِ فَيُعْتَبَرُ إخْبَارًا عَنْ الْوَصْفِ اهـ.
وَشَرَطَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ الْإِشْهَادَ وَقْتَ تَسْمِيَتِهِ بِحُرٍّ وَفِي الْمَبْسُوطِ إذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا الِاسْمُ مَعْرُوفًا لَهُ يَعْتِقُ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ نَادَاهُ بِوَصْفٍ يَمْلِكُ إيجَابَهُ بِهِ وَفَرَّقَ فِي التَّنْقِيحِ بَيْنَ تَسْمِيَتِهِ بِحُرٍّ حَيْثُ لَا يَقَعُ إذَا نَادَاهُ وَبَيْنَ تَسْمِيَةِ الْمَرْأَةِ بِطَالِقٍ حَيْثُ يَقَعُ إذَا نَادَاهَا؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ التَّسْمِيَةُ بِحُرٍّ كَالْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ بِخِلَافِ طَالِقٍ لَمْ تُعْهَدْ التَّسْمِيَةُ بِهِ وَفِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْهُودًا وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا أَشْهَدَ وَقْتَ التَّسْمِيَةِ فِيهِمَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ بَعَثَ غُلَامَهُ إلَى بَلَدٍ، وَقَالَ لَهُ إذَا اسْتَقْبَلَك أَحَدٌ فَقُلْ إنِّي حُرٌّ فَذَهَبَ الْغُلَامُ فَاسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ فَأَجَابَهُ بِمَا قَالَ الْمَوْلَى فَإِنْ قَالَ لَهُ سَمَّيْتُك حُرًّا فَقُلْ إنِّي حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ أَصْلًا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ الْمَوْلَى ذَلِكَ يَعْتِقُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً اهـ.
وَفِي الْمُجْتَبَى بَعَثَ غُلَامَهُ إلَى بَلَدٍ فَقَالَ لَهُ إذَا اسْتَقْبَلَك أَحَدٌ فَقُلْ إنِّي حُرٌّ فَفَعَلَ عَتَقَ أَوْ بَعَثَهُ مَعَ جَمَاعَةٍ فَقَالَ لَهُمْ مَنْ سَأَلَ عَنْهُ عَاشِرٌ أَوْ غَيْرُهُ فَقُولُوا لَهُ إنَّهُ حُرٌّ فَفَعَلُوا عَتَقَ وَلَا يَعْتِقُ قَبْلَهُ قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى قَالَ لَهُمْ سَمَّيْته حُرًّا فَقُولُوا لَهُ إنَّهُ حُرٌّ فَقَالُوا لَا يَعْتِقُ اهـ.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ إذَا سَمَّاهُ حُرًّا لَا يَعْتِقُ بِالْإِخْبَارِ أَيْضًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولُوا لَهُ يَا حُرُّ أَوْ هَذَا حُرٌّ
(قَوْلُهُ لَا بِيَا ابْنِي وَيَا أَخِي وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك وَأَلْفَاظِ الطَّلَاقِ وَأَنْتَ مِثْلُ الْحُرِّ) أَيْ لَا يَقَعُ الْعِتْقُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَمَّا فِي النِّدَاءِ بِيَا ابْنِي وَيَا أَخِي؛ لِأَنَّ النِّدَاءَ إعْلَامُ الْمُنَادَى إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ بِوَصْفٍ يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَتِهِ كَانَ لِتَحْقِيقِ ذَلِكَ الْوَصْفِ فِي الْمُنَادَى اسْتِحْضَارًا لَهُ بِالْوَصْفِ الْمَخْصُوصِ كَمَا فِي قَوْلِهِ يَا حُرُّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَإِنْ كَانَ النِّدَاءُ بِوَصْفٍ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَتِهِ كَانَ لِلْإِعْلَامِ الْمُجَرَّدِ دُونَ تَحْقِيقِ الْوَصْفِ لِتَعَذُّرِهِ وَالْبُنُوَّةُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا حَالَةَ النِّدَاءِ مِنْ جِهَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْخَلَقَ مِنْ مَاءِ غَيْرِهِ لَا يَكُونُ ابْنًا لَهُ بِهَذَا النِّدَاءِ فَكَانَ لِمُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ، وَيُرْوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ شَاذًّا أَنَّهُ يَعْتِقُ فِيهِمَا وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الظَّاهِرِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلِابْنِ وَالْأَخِ، بَلْ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ يَا أَبِي يَا جَدِّي يَا خَالِي يَا عَمِّي أَوْ لِجَارِيَتِهِ يَا عَمَّتِي يَا خَالَتِي يَا أُخْتِي كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفِيهِمَا عَنْ تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ إلَّا بِالنِّيَّةِ فَحِينَئِذٍ لَا يَنْبَغِي الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ النِّدَاءِ يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ وَفِي لَا سُلْطَانَ وَفِي أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ لَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى كَمَا سَنُبَيِّنُهُ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ يَا ابْنُ بِغَيْرِ إضَافَةٍ لَا يَعْتِقُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ كَمَا أَخْبَرَ فَإِنَّهُ ابْنُ أَبِيهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ يَا بُنَيَّ أَوْ يَا بُنَيَّةَ؛ لِأَنَّهُ تَصْغِيرُ الِابْنِ وَالْبِنْتِ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ وَالْأَمْرُ كَمَا أَخْبَرَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْ الَّذِينَ يَثْبُتُ بِهِمْ النَّسَبُ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ ثَلَاثَةً الِابْنَ وَالْأَبَ وَالْأُمَّ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَخَ وَنَحْوَهُ.
فَلَوْ قَالَ هَذَا أَخِي لَا يَعْتِقُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَعْتِقُ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْأُخُوَّةُ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ يُرَادُ بِهَا الْأُخُوَّةُ فِي الدِّينِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] ، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا الِاتِّحَادُ فِي الْقَبِيلَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [الأعراف: 65] ، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا الْأُخُوَّةُ فِي النَّسَبِ وَالْمُشْتَرَكُ لَا يَكُونُ حُجَّةً فَإِنْ قِيلَ الْأُبُوَّةُ وَالْبُنُوَّةُ قَدْ تَكُونُ بِالرَّضَاعِ فَلِمَ أَثْبَتُّمْ الْعِتْقَ بِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؟ قِيلَ لَهُ الْبُنُوَّةُ عَنْ الرَّضَاعِ مَجَازٌ وَالْمَجَازُ لَا يُعَارِضُ الْحَقِيقَةَ بِخِلَافِ الْأُخُوَّةِ فَإِنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ هَذِهِ عَمَّتِي أَوْ هَذِهِ خَالَتِي أَوْ قَالَ لِغُلَامِهِ هَذَا خَالِي أَوْ عَمِّي فَإِنَّهُ يَعْتِقُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّ الْأُخُوَّةَ تَحْتَمِلُ الْإِكْرَامَ وَالنَّسَبَ بِخِلَافِ الْعَمِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ لِلْإِكْرَامِ عَادَةً، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا أَخِي مِنْ أَبِي أَوْ مِنْ أُمِّي أَوْ مِنْ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ يَكُونُ مِنْ الْكِنَايَاتِ فَيَعْتِقُ بِالنِّيَّةِ، أَمَّا عَدَمُ الْعِتْقِ بِقَوْلِهِ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك، وَلَوْ نَوَى بِهِ الْعِتْقَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ عِبَارَةٌ عَنْ السَّيِّدِ وَسُمِّيَ السُّلْطَانُ بِهِ لِقِيَامِ يَدِهِ، وَقَدْ يَبْقَى الْمِلْكُ دُونَ الْيَدِ كَمَا فِي الْمُكَاتَبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .