سَيَأْتِي أَنَّ الْقَابِلَةَ لَهَا الْخُرُوجُ.

(قَوْلُهُ وَصَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ) أَيْ لَا نَفَقَةَ لِلصَّغِيرَةِ إذَا كَانَتْ لَا تُطِيقُ الْجِمَاعَ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الِاسْتِمْتَاعِ لِمَعْنًى فِيهَا وَالِاحْتِبَاسُ الْمُوجِبُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ وَسِيلَةً إلَى الْمَقْصُودِ الْمُسْتَحَقِّ بِالنِّكَاحِ وَلَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ الْمَرِيضَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَهَا النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ الْمِلْكِ عِنْدَهُ كَمَا فِي الْمَمْلُوكَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَنَا أَنَّ الْمَهْرَ عِوَضٌ عَنْ الْمِلْكِ وَلَا يَجْتَمِعُ الْعِوَضَانِ عَنْ مُعَوَّضٍ وَاحِدٍ فَلَهَا الْمَهْرُ دُونَ النَّفَقَةِ أَطْلَقَ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا لَهَا فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ أَوْ فِي بَيْتِ أَبِيهَا وَقَيَّدَ بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ لِلْأَبِ مُطَالَبَةَ الزَّوْجِ بِمَهْرِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً جِدًّا وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى دَفْعِ الْمَهْرِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ كُلُّهُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَحَقُّ الْقَبْضِ لِلْأَبِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَيَّدَ بِالصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ كَالْمَهْرِ لِلْكَبِيرَةِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا جِدًّا فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ مِنْ قِبَلِهِ كَالْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ امْرَأَةِ وَلَدِهِ وَيَسْتَدِينُ الْأَبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الِابْنِ إذَا أَيْسَرَ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا يَجِبُ عَلَى أَبِيهِ إلَّا إذَا ضَمِنَهَا كَمَا فِي الْمَهْرِ اهـ.

فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا أَبُوهُ، ثُمَّ وَلَدَتْ وَاعْتَرَفَتْ أَنَّهَا حَبِلَتْ مِنْ الزِّنَا فَإِنَّهَا لَا تَرُدُّ شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ الْحَبَلَ مِنْ الزِّنَا وَإِنْ مَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ لَا يَمْنَعُ مِنْ دَوَاعِيهِ وَمَنْ وَطِئَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَهَذَا كَافٍ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّتْ أَنَّهَا حِينَ تَزَوَّجَتْ كَانَتْ حُبْلَى فَإِنَّهَا تَرُدُّ نَفَقَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ حَمْلًا لِأَمْرِهَا عَلَى أَنَّ الْحَبَلَ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ سَابِقٌ فَتُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهَا إلَّا فِي حَقِّ الزَّوْجِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا تُوطَأُ لَا يَجِبُ لَهَا نَفَقَةٌ صَغِيرًا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ كَبِيرًا وَالْمُطِيقَةُ لِلْوَطْءِ تَجِبُ نَفَقَتُهَا صَغِيرًا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ كَبِيرًا وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْمُطِيقَةِ لَهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِالسِّنِّ وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ لِلِاحْتِمَالِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْجِمَاعِ، فَإِنَّ السَّمِينَةَ الضَّخْمَةَ تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةَ السِّنِّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَذَكَرَ الْعَتَّابِيُّ أَنَّهَا بِنْتُ تِسْعٍ وَاخْتَارَهُ مَشَايِخُنَا اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي الَّتِي لَا تُطِيقُ الْجِمَاعَ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ تَصْلُحُ لِلْخِدْمَةِ أَوْ الِاسْتِئْنَاسِ فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فِيمَا إذَا أَسْكَنَهَا فِي بَيْتِهِ فَإِنَّ لَهَا النَّفَقَةَ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ وَالتُّحْفَةِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَقَيَّدَ بِالصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ لِلْقَرْنَاءِ وَالرَّتْقَاءِ وَاَلَّتِي أَصَابَهَا مَرَضٌ يَمْنَعُ الْجِمَاعَ وَالْكَبِيرَةُ الَّتِي لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا لِكِبَرِهَا سَوَاءٌ أَصَابَتْهَا هَذِهِ الْعَوَارِضُ بَعْدَمَا انْتَقَلَتْ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا احْتِبَاسَ لِلْوَطْءِ فِيهِنَّ كَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ فَأَجَبْت بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ احْتِبَاسٌ يَنْتَفِعُ بِهِ الزَّوْجُ انْتِفَاعًا مَقْصُودًا بِالنِّكَاحِ وَهُوَ الْجِمَاعُ أَوْ الدَّوَاعِي وَالِانْتِفَاعُ مِنْ حَيْثُ الدَّوَاعِي مَوْجُودٌ فِي هَؤُلَاءِ بِأَنْ يُجَامِعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ مُشْتَهَاةً أَصْلًا قَالُوا فَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ إذَا كَانَتْ الصَّغِيرَةُ مُشْتَهَاةً يُمْكِنُ جِمَاعُهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ تَجِبُ النَّفَقَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ كَانَتْ بِحَيْثُ تُشْتَهَى لِلْجِمَاعِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَهِيَ مُطِيقَةٌ لِلْجِمَاعِ فِي الْجُمْلَةِ إلَى آخِرِ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْخُلَاصَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْأَقْضِيَةِ أَبُو الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا نَفَقَةَ لَهَا إذَا طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي فَرْضَ النَّفَقَةِ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ وَظَنَّ الزَّوْجُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَفَرَضَ لَهَا النَّفَقَةَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ وَالْفَرْضُ بَاطِلٌ اهـ.

وَنَظِيرُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ فَرَضَ لَهَا الْقَاضِي النَّفَقَةَ فَأَخَذَتْهَا أَشْهُرًا، ثُمَّ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْهُ مِنْ النَّفَقَةِ.

(قَوْلُهُ وَمَحْبُوسَةٍ بِدَيْنٍ وَمَغْصُوبَةٍ وَحَاجَّةٍ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجِ وَمَرِيضَةٍ لَمْ تُزَفَّ) أَيْ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ لِهَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّ فَوَاتَ الِاحْتِبَاسِ لَيْسَ مِنْهُ أَمَّا فِي الْمَحْبُوسَةِ بِدَيْنٍ فَلِأَنَّ فَوَاتَ الِاحْتِبَاسِ مِنْهَا بِالْمُمَاطَلَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا بِأَنْ كَانَتْ عَاجِزَةً، فَلَيْسَ مِنْهُ؛ وَلِذَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَتْ قَادِرَةً عَلَى أَدَائِهِ أَوْ لَا وَمَا إذَا حُبِسَتْ قَبْلَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الْقَابِلَةَ لَهَا الْخُرُوجُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَيَّدَهُ فِي الْخَانِيَّةِ بِإِذْنِ الزَّوْجِ، وَأَمَّا بِدُونِ إذْنِهِ فَلَا فَانْظُرْهُ فِي هَذَا الشَّرْحِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَهُمْ النَّظَرُ وَالْكَلَامُ مَعَهَا.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَهَا النَّفَقَةُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ قَالَهُ فِي الْقَدِيمِ أَمَّا فِي الْجَدِيدِ فَمَذْهَبُهُ كَمَذْهَبِنَا فَاعْلَمْ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: وَالزَّيْلَعِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْكُتُبِ اهـ.

وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ، وَكَذَا مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْخُلَاصَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِأَبَوَيْهِ وَأَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ.

(قَوْلُهُ: فَتُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهَا) أَيْ تُصَدَّقُ أَنَّهَا حُبْلَى فِي حَقِّ نَفْسِهَا مَعَ حَمْلِ أَمْرِهَا عَلَى الْأَصْلَحِ وَهُوَ كَوْنُهَا حُبْلَى مِنْ زَوْجٍ سَابِقٍ فَتَرُدُّ نَفَقَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ فَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015