زَوَّجَهَا أَبُوهَا فَإِنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِأُمِّهَا اتِّفَاقًا فَيَحْتَاجُ إطْلَاقُ الْمُخْتَصَرِ إلَى تَقْيِيدٍ نَعَمْ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ فَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا اخْتَلَفَ الْأَبُ وَالْأُمُّ فِي حَيْضِهَا فَقَالَتْ الْأُمُّ لَمْ تَحِضْ وَقَالَ الْأَبُ حَاضَتْ أَوْ فِي الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْأُمِّ كَمَا لَوْ ادَّعَى تَزَوُّجَهَا وَأَنْكَرَتْ بِجَامِعِ أَنَّهُ يَدَّعِي سُقُوطَ حَقِّهَا وَهِيَ تُنْكِرُ.
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا أَحَقُّ بِهَا حَتَّى تُشْتَهَى) أَيْ: غَيْرُ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ أَحَقُّ بِالصَّغِيرَةِ حَتَّى تُشْتَهَى فَيَأْخُذَهَا الْأَبُ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَتَّى تَسْتَغْنِيَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى اسْتِخْدَامِهَا وَلِهَذَا لَا تُؤَجِّرُهَا لِلْخِدْمَةِ فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِخِلَافِ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ لِقُدْرَتِهِمَا عَلَيْهِ شَرْعًا وَأُطْلِقَ فِي الْجَدَّةِ فَشَمِلَ جَدَّتَهُ مِنْ أُمِّهِ وَمِنْ أَبِيهِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِالصَّبِيِّ تَطْلُبُ النَّفَقَةَ مِنْ أَبِيهِ فَقَالَتْ هَذَا ابْنُ ابْنَتِي مِنْك وَقَدْ مَاتَتْ أُمُّهُ فَأَعْطِنِي نَفَقَتَهُ فَقَالَ الْأَبُ صَدَقْت هَذَا ابْنِي مِنْ ابْنَتِك فَأَمَّا أُمُّهُ فَلَمْ تَمُتْ وَهِيَ فِي مَنْزِلِي وَأَرَادَ أَخْذَ الصَّبِيِّ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَعْلَمَ الْقَاضِي أُمَّهُ وَتَحْضُرَ هِيَ فَتَأْخُذَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ أَنَّهَا جَدَّةُ الصَّبِيِّ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ لَهَا حَقَّ الْحَضَانَةِ ثُمَّ يَدَّعِي قِيَامَ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهَا وَذَا مُحْتَمَلٌ، فَإِنْ أَحْضَرَ الْأَبُ امْرَأَةً فَقَالَ هَذِهِ ابْنَتُك، وَهَذَا ابْنِي مِنْهَا وَقَالَتْ الْجَدَّةُ مَا هَذِهِ ابْنَتِي وَقَدْ مَاتَتْ ابْنَتِي أُمُّ هَذَا الصَّبِيِّ فَالْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهُ وَيُدْفَعُ الصَّبِيُّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُمَا فَيَكُونُ الْوَلَدُ لَهُمَا.
وَصَارَ هَذَا كَالزَّوْجَيْنِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: هُوَ ابْنِي مِنْ زَوْجٍ آخَرَ وَقَالَ الرَّجُلُ: هُوَ ابْنِي مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِكَوْنِهِ ابْنًا لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُمَا فَيَكُونُ الْوَلَدُ لَهُمَا وَكَذَلِكَ الْجَدَّةُ لَوْ حَضَرَتْ وَقَالَتْ: هَذَا ابْنُ ابْنَتِي مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَقَدْ مَاتَتْ أُمُّهُ فَقَالَ الرَّجُلُ هَذَا ابْنِي مِنْ غَيْرِ ابْنَتِك مِنْ امْرَأَةٍ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ الصَّبِيَّ مِنْهَا، وَلَوْ أَحْضَرَ الرَّجُلُ امْرَأَةً وَقَالَ هَذَا ابْنِي مِنْ هَذِهِ لَا مِنْ ابْنَتِك وَقَالَتْ الْجَدَّةُ مَا هَذِهِ أُمُّهُ بَلْ أُمُّهُ ابْنَتِي وَقَالَتْ الَّتِي أَحْضَرَهَا الرَّجُلُ صَدَقْتِ مَا أَنَا بِأُمِّهِ وَقَدْ كَذَبَ هَذَا الرَّجُلُ وَلَكِنِّي امْرَأَتُهُ فَإِنَّ الْأَبَ أَوْلَى بِهِ فَيَأْخُذُهُ، وَعَلَّلَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْكِتَابِ فَقَالَ: لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ هَذَا ابْنِي مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَقَدْ أَنْكَرَ كَوْنَهَا جَدَّةً لَهُ فَيَكُونُ مُنْكِرًا الْحَقَّ لَهَا فِي الْحَضَانَةِ أَصْلًا وَهِيَ أَقَرَّتْ لَهُ بِالْحَقِّ اهـ. .
(قَوْلُهُ وَلَا حَقَّ لِلْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ مَا لَمْ يُعْتَقَا) لِعَجْزِهِمَا عَنْ الْحَضَانَةِ بِالِاشْتِغَالِ بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى وَإِذَا أُعْتِقَتَا صَارَتَا حُرَّتَيْنِ أَوَانَ ثُبُوتُ الْحَقِّ وَدَخَلَ تَحْتَ الْأَمَةِ الْمُدَبَّرَةُ لِوُجُودِ الرِّقِّ فِيهَا، وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْأَمَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَلَدِ الْمَوْلُودِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا إذَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَهِيَ أَوْلَى بِحَضَانَتِهِ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ دَاخِلًا فِي كِتَابَتِهَا وَأَرَادَ بِالْحَقِّ الْمَنْفِيِّ حَقَّ الْحَضَانَةِ قَالُوا وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْحَقَّ فِي حَضَانَةِ وَلَدِ الْأَمَةِ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ، فَإِنْ كَانَ الصَّغِيرُ رَقِيقًا فَمَوْلَاهُ أَحَقُّ بِهِ حُرًّا كَانَ أَبُوهُ أَوْ عَبْدًا، وَكَذَا لَوْ عَتَقَتْ أُمُّهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي حَضَانَتِهِ إنَّمَا الْحَقُّ لِلْمَوْلَى سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ أَبِيهِ أَوْ فَارَقَهَا؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ حُرًّا فَالْحَضَانَةُ لِأَقْرِبَائِهِ الْأَحْرَارِ إنْ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً لَا لِمَوْلَاهَا وَلَا لِمَوْلَاهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَإِنْ أُعْتِقَتْ كَانَتْ الْحَضَانَةُ لَهَا.
(قَوْلُهُ وَالذِّمِّيَّةُ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَعْقِلْ الْأَدْيَانَ) ؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ تُبْتَنَى عَلَى الشَّفَقَةِ وَهِيَ أَشْفَقُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الدَّفْعُ إلَيْهَا أَنْظَرَ لَهُ، فَإِذَا عَقَلَ الْأَدْيَانَ يُنْزَعُ مِنْهَا لِاحْتِمَالِ الضَّرَرِ وَأَطْلَقَ الذِّمِّيَّةَ فَشَمِلَ الْكِتَابِيَّةَ وَالْمَجُوسِيَّةَ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَقُيِّدَ بِهَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُرْتَدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِيهَا؛ لِأَنَّهَا تُحْبَسُ وَتُضْرَبُ فَلَا تَتَفَرَّغُ لَهُ وَلَا فِي دَفْعِهِ إلَيْهَا نَظَرٌ، فَإِذَا أَسْلَمَتْ وَتَابَتْ يُسَلَّمُ الْوَلَدُ إلَيْهَا وَقَدْ جَمَعَ فِي الْهِدَايَةِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَقَالَ: مَا لَمْ يَعْقِلْ الْأَدْيَانَ أَوْ يُخَفْ أَنْ يَأْلَفَ الْكُفْرَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ أَنْ يَأْلَفَ الْكُفْرَ نُزِعَ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ دِينًا وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ الْمُقْتَصِرِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لَوْ خِيفَ أَنْ تُغَذِّيَهُ بِلَحْمِ خِنْزِيرٍ أَوْ خَمْرٍ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهَا بَلْ يُضَمُّ إلَى نَاسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْأُمِّ اتِّفَاقِيٌّ؛ إذْ كُلُّ حَاضِنَةٍ ذِمِّيَّةٍ كَذَلِكَ كَمَا صُرِّحَ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهَا بَلْ يُضَمَّ إلَى نَاسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) لَيْسَ فِي الْفَتْحِ وَالنَّهْرِ قَوْلُهُ لَمْ يُنْزَعْ مِنْهَا وَأَيْضًا فَظَاهِرُ أَنَّهُ يُضَمُّ إلَى نَاسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى يُضَمُّ إلَيْهِمْ عِنْدَهَا تَأَمَّلْ