الصَّغِيرَةُ تُشْتَهَى وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُشْتَهَى كَبِنْتِ سَنَةٍ مَثَلًا فَلَا مَنْعَ؛ لِأَنَّهُ لَا فِتْنَةَ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ تُشْتَهَى وَكَانَ مَأْمُونًا قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَارِيَةِ مِنْ عَصَبَاتِهَا غَيْرُ ابْنِ الْعَمِّ فَالِاخْتِيَارُ إلَى الْقَاضِي إنْ رَآهُ أَصْلَحَ تُضَمُّ إلَيْهِ وَإِلَّا تُوضَعُ عَلَى يَدٍ أَمِينَةٍ اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الدَّفْعَ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ قَالُوا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ عَصَبَةٌ يُدْفَعُ إلَى الْأَخِ لِأُمٍّ ثُمَّ إلَى وَلَدِهِ ثُمَّ إلَى الْعَمِّ لِأُمٍّ ثُمَّ إلَى الْخَالِ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّ لِهَؤُلَاءِ وِلَايَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي النِّكَاحِ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِذَوِي الْأَرْحَامِ هُنَا، وَفِي بَابِ وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ قَرَابَةٌ لَيْسَتْ بِعَصَبَةٍ لَا الْمَذْكُورُ فِي الْفَرَائِضِ أَنَّهُ قَرِيبٌ لَيْسَ بِذِي سَهْمٍ وَلَا عَصَبَةٍ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَقَارِبِ الْفُرُوضِ دَاخِلٌ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ هُنَا كَالْأَخِ لِأُمٍّ وَإِذَا اجْتَمَعَ مُسْتَحِقُّو الْحَضَانَةِ فِي دَرَجَةٍ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ فَأَصْلَحُهُمْ أَوْلَى، فَإِنْ تَسَاوَوْا فَأَوْرَعُهُمْ، فَإِنْ تَسَاوَوْا فَأَسَنُّهُمْ، وَفِي الْبَدَائِعِ لَا حَقَّ لِلرِّجَالِ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ مَنْ هُوَ مَوْجُودٌ.
(قَوْلُهُ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ أَحَقُّ بِالْغُلَامِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ وَقُدِّرَ بِسَبْعٍ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَغْنَى يَحْتَاجُ إلَى تَأْدِيبٍ وَالتَّخَلُّقِ بِآدَابِ الرِّجَالِ وَأَخْلَاقِهِمْ وَالْأَبُ أَقْدَرُ عَلَى التَّأْدِيبِ وَالتَّعْنِيفِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّقْدِيرِ بِسَبْعٍ قَوْلُ الْخَصَّافِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا بَلَغَ السَّبْعَ يَهْتَدِي بِنَفْسِهِ إلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَحْدَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْحَضَانَةِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ تَقْدِيرِ الِاسْتِغْنَاءِ بِالسِّنِّ وَبَيْنَ أَنْ يُقَدِّرَهُ عَلَى الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَحْدَهُ كَمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِنْجَاءَ فِي الْمَبْسُوطِ وَذَكَرَهُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَزَادَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ رَشِيدٍ وَيَتَوَضَّأُ وَحْدَهُ ثُمَّ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ تَمَامُ الطَّهَارَةِ بِأَنْ يُطَهِّرَ وَجْهَهُ وَحْدَهُ بِلَا مُعِينٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بَلْ مِنْ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَمَامِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْخَصَّافِ.
وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالتَّبْيِينِ وَالْكَافِي أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْخَصَّافِ مِنْ التَّقْدِيرِ بِالسَّبْعِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالصَّلَاةِ إذَا بَلَغَهَا وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْوَلَدُ عِنْدَهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ ابْنُ سَبْعٍ وَقَالَتْ ابْنُ سِتٍّ لَا يُحَلِّفُ الْقَاضِي أَحَدَهُمَا وَلَكِنْ يَنْظُرُ إنْ كَانَ يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَلْبَسُ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ دُفِعَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْأَكْلِ عَنْ الشُّرْبِ وَلِذَا ذَكَرَ الشُّرْبَ فِي الْخُلَاصَةِ وَجَمَعَ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ فِي التَّبْيِينِ، وَأَمَّا مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْخُلَاصَةِ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ الِاسْتِنْجَاءِ فَسَهْوٌ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِذِكْرِ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ إلَى أَنَّ غَيْرَهُمَا أَوْلَى فَلَوْ قَالَ وَالْحَاضِنَةُ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ لَكَانَ أَصْرَحَ.
(قَوْلُهُ وَبِهَا حَتَّى تَحِيضَ) أَيْ: الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ أَحَقُّ بِالصَّغِيرَةِ حَتَّى تَحِيضَ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ تَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ آدَابِ النِّسَاءِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ أَقْدَرُ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ تَحْتَاجُ إلَى التَّحْصِينِ وَالْحِفْظِ وَالْأَبُ فِيهِ أَقْوَى وَأَهْدَى وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ حَتَّى تَبْلُغَ لَكَانَ أَوْلَى وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا تُدْفَعُ إلَى الْأَبِ إذَا بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ لِتَحَقُّقِ الْحَاجَةِ إلَى الصِّيَانَةِ قَالَ فِي النُّقَايَةِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ لِفَسَادِ الزَّمَانِ، وَفِي نَفَقَاتِ الْخَصَّافِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلُهُ، وَفِي التَّبْيِينِ وَبِهِ يُفْتَى فِي زَمَانِنَا لِكَثْرَةِ الْفَسَادِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغِيَاثِ الْمُفْتِي وَالِاعْتِمَادُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَقَدْ صُرِّحَ فِي التَّجْنِيسِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا أَحَقُّ بِهَا حَتَّى تَحِيضَ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ الشَّهْوَةِ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَيْسَ لَهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَرْأَةِ، وَفِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ وَبِنْتُ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً مُشْتَهَاةٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَقَدَّرَهُ أَبُو اللَّيْثِ بِتِسْعِ سِنِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهَا لَوْ زُوِّجَتْ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ لَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا وَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ الصَّغِيرَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُشْتَهَاةً وَلَهَا زَوْجٌ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْأُمِّ فِي حَضَانَتِهَا مَا دَامَتْ لَا تَصْلُحُ لِلرِّجَالِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَانَتْ يُسْتَأْنَسُ بِهَا اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا صَلَحَتْ لِلرِّجَالِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْقَاضِي وَالْكَلَامُ فِي اسْتِحْقَاقِهَا لَا فِي جَوَازِ الدَّفْعِ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا هَذَا وَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ التُّحْفَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ، أَمَّا إذَا كَانَ كَالْأَخِ لِأُمٍّ تُدْفَعُ إلَيْهِ لَا إلَى ابْنِ الْعَمِّ، وَلَوْ رَآهُ أَصْلَحَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْأَخُ لِأُمٍّ فَاسِقًا وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى وَيُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ فِيمَنْ يَحْضُنُ الْوَلَدَ؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ مَلَكٍ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرُهُ وَالصَّغِيرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ اهـ.
قُلْت: وَفِي الْبَدَائِعِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ لِلْجَارِيَةِ ابْنُ عَمٍّ وَخَالٍ وَكِلَاهُمَا لَا بَأْسَ بِهِ فِي دِينِهِ جَعَلَهَا الْقَاضِي عِنْدَ الْخَالِ؛ لِأَنَّهُ مَحْرَمٌ فَكَانَ أَوْلَى وَالْأَخُ لِأَبٍ أَحَقُّ مِنْ الْخَالِ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ وَأَقْرَبُ.
(قَوْلُهُ يُدْفَعُ إلَى الْأَخِ لِأُمٍّ إلَخْ) ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ أَنَّ أَبَا الْأُمِّ أَوْلَى مِنْ الْأَخِ لِأُمٍّ وَالْخَالِ