أَيْ: مَبْدَأُ الْعِدَّةِ وَقَالَ زُفَرُ مِنْ آخِرِ الْوَطَآتِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ هُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ وَلَنَا أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ وُجِدَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ يَجْرِي مَجْرَى الْوَطْأَةِ الْوَاحِدَةِ لِاسْتِنَادِ الْكُلِّ إلَى حُكْمِ عَقْدٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا يُكْتَفَى فِي الْكُلِّ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ فَقَبْلَ الْمُتَارَكَةِ أَوْ الْعَزْمِ لَا تَثْبُتُ الْعِدَّةُ مَعَ جَوَازِ وُجُودِ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ التَّمَكُّنَ عَلَى وَجْهِ الشُّبْهَةِ أُقِيمَ مَقَامَ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ لِخَفَائِهِ وَمِسَاسِ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُتَارَكَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْقَوْلِ كَقَوْلِهِ تَرَكْتُكِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَتَرَكْتُهَا أَوْ خَلَّيْتُ سَبِيلَهَا أَمَّا عَدَمُ الْمَجِيءِ فَلَا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ لَا تَكُونُ مُتَارَكَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ تَعُودُ، وَلَوْ أَنْكَرَ نِكَاحَهَا لَا تَكُونُ مُتَارَكَةٌ اهـ.

وَقَدَّمْنَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الدُّخُولِ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي الْمَهْرِ فَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْعِدَّةِ عِدَّةُ الْمُتَارَكَةِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِمَوْتِهِ إلَّا الْحَيْضُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَأَنَّهُ لَا حِدَادَ وَلَا نَفَقَةَ فِيهَا وَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْتَ امْرَأَتِهِ فَاسِدًا تَحْرُمُ عَلَيْهِ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَأَنَّ وُجُوبَهَا فِيهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَضَاءِ أَمَّا فِي الدِّيَانَةِ لَوْ عَلِمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ بَعْدَ آخِرِ وَطْءٍ ثَلَاثًا حَلَّ لَهَا التَّزَوُّجُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَأَنَّ الطَّلَاقَ فِيهِ مُتَارَكَةٌ وَأَنَّ إنْكَارَ النِّكَاحِ إنْ كَانَ بِحَضْرَتِهَا فَمُتَارَكَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَإِنَّ عِلْمَ غَيْرِ الْمُتَارَكَةِ بِالْمُتَارَكَةِ شُرِطَ عَلَى قَوْلٍ وَصُحِّحَ وَقِيلَ لَا وَصُحِّحَ وَرَجَّحْنَا الثَّانِيَ وَأَنَّ الْمُتَارَكَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ بَلْ تَكُونُ مِنْ الْمَرْأَةِ أَيْضًا وَلِذَا ذَكَرَ مِسْكِينٌ فِي شَرْحِهِ مِنْ صُوَرِهَا أَنْ تَقُولَ لَهُ تَرَكْتُكَ وَقَدَّمْنَا كَثِيرًا مِنْ أَحْكَامِهِ هُنَاكَ فَارْجِعْ إلَيْهِ.

وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْعَزْمِ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِخْبَارِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ الْعَزْمُ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ وَلَهُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِهِ فَلَوْ قَالَ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ أَوْ إظْهَارِ عَزْمِهِ لَكَانَ أَوْلَى وَالْمُرَادُ بِالتَّفْرِيقِ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ لَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ وَطِئَهَا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَيْهِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَهُ بِمَا إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَوَطْءُ الْمُعْتَدَّةِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَجَعَلَ فِي التَّتِمَّةِ قَوْلَ زُفَرَ قَوْلَ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ الْبَلْخِيّ وَأَنَّ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ الْبَلْخِيّ يَقُولُ مِنْ وَقْتِ الْفُرْقَةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ تَزَوَّجَهَا فَاسِدًا فَأَحْبَلَهَا فَوَلَدَتْ لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْمُتَارَكَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا انْقَضَتْ اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَتْ مَضَتْ عِدَّتِي وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ لَهَا مَعَ الْحَلِفِ) ؛ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ اُتُّهِمَتْ بِالْكَذِبِ فَتَحْلِفُ كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ وَالْهَلَاكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ عَشْرَ مَسَائِلَ لَا يَحْلِفُ فِيهَا الْأَمِينُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيهَا مَسْأَلَةً لَا يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْأَمِينِ فِي الدَّفْعِ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ قَيْدًا لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ كَوْنُ الْمُدَّةِ تَحْتَمِلُ الِانْقِضَاءَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ شَهْرَانِ عِنْدَهُ وَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَحْتَمِلْهُ الْمُدَّةُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِيمَا لَا يُخَالِفُهُ الظَّاهِرُ أَمَّا إذَا خَالَفَهُ فَلَا كَالْوَصِيِّ إذَا قَالَ: أَنْفَقْتُ عَلَى الْيَتِيمِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَلْفَ دِينَارٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْحُرَّةِ أَمَّا الْأَمَةُ فَأَقَلُّ مُدَّةٍ تُصَدَّقُ فِيهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْحُرَّةِ عَلَى السِّتِّينَ عَنْ الْإِمَامِ.

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقُهَا مُعَلَّقًا بِوِلَادَتِهَا أَمَّا إذَا طَلَّقَهَا عَقِيبَ الْوِلَادَةِ فَلَا تُصَدَّقُ الْحُرَّةُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ يَوْمًا وَيُجْعَلُ النِّفَاسُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَعَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ أَقَلُّهَا مِائَةُ يَوْمٍ بِزِيَادَةِ أَكْثَرِ النِّفَاسِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَلِذَا ذَكَرَ مِسْكِينٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ قَدَّمْنَا مَا يَدْفَعُهُ أَيْ: فِي بَابِ الْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ هُنَاكَ.

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ حُكْمُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَالْفَاسِدُ أَوْلَى فَلَوْ كَانَ مُرَادُهُمْ التَّنْبِيهَ عَلَى حُكْمِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي الرَّدِّ عَلَى زُفَرَ أَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلْعِدَّةِ شُبْهَةُ النِّكَاحِ وَرَفْعُ هَذِهِ الشُّبْهَةِ بِالتَّفْرِيقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ وَبَعْدَهُ يَجِبُ فَلَا تَصِيرُ شَارِعَةً فِي الْعِدَّةِ مَا لَمْ تَرْتَفِعْ الشُّبْهَةُ بِالتَّفْرِيقِ كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ فَحَيْثُ ارْتَفَعَتْ الشُّبْهَةُ بِمُجَرَّدِ التَّفْرِيقِ لَمْ يَبْقَ مَا يَمْنَعُ الْحَدَّ وَأَيْضًا فَإِنَّ دَرْءَ الْحَدِّ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا بَعْدَ رَفْعِهِ فَالْعِدَّةُ تَكُونُ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ وَهِيَ غَيْرُ دَارِئَةٍ لِلْحَدِّ بِخِلَافِ الْوَطْءِ فِي عِدَّةِ الثَّلَاثِ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ إذَا ظُنَّ الْحِلُّ فَإِنَّهَا شُبْهَةُ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ فِي بَيْتِهِ وَنَفَقَتُهُ دَارَّةٌ عَلَيْهَا وَهُنَا لَا نَفَقَةَ وَلَا احْتِبَاسَ.

(قَوْلُهُ لَا تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) فِيهِ كَلَامٌ سَيَذْكُرُهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا وَخَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا يَأْتِي وَلِمَا فِي الْبَدَائِعِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015