الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْمُخْتَارُ خَمْسٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ، وَفِي الْمَنَافِعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: قَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ: حَدُّهُ خَمْسُونَ سَنَةً وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقِيلَ سِتُّونَ وَقِيلَ لَا تَلِدُ لِسِتِّينَ إلَّا قُرَشِيَّةٌ وَقَالَ الصَّفَّارُ سَبْعُونَ سَنَةً وَقَدَّرَ مُحَمَّدٌ فِي الرُّومِيَّاتِ خَمْسًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَفِي غَيْرِهِنَّ سِتِّينَ وَعَنْهُ سَبْعِينَ، وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرُّومِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ خَمْسٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي الِاخْتِيَارِ الْمَرْأَةُ إذَا لَمْ تَحِضْ أَبَدًا حَتَّى بَلَغَتْ مَبْلَغًا لَا يَحِيضُ فِيهِ أَمْثَالُهَا غَالِبًا حُكِمَ بِإِيَاسِهَا وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ تَحِضْ حُكِمَ بِإِيَاسِهَا، وَفِي الْقُنْيَةِ طَلَّقَ الْمَدْخُولَ بِهَا وَعُمْرُهَا خَمْسٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً ثُمَّ مَضَى عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَا تَحِيضُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ أَخِيهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْحَبَلِ ثُمَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لِلِاحْتِيَاطِ اهـ
(قَوْلُهُ وَالْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَأُمِّ الْوَلَدِ الْحَيْضُ لِلْمَوْتِ وَغَيْرِهِ) أَيْ: عِدَّةُ هَؤُلَاءِ ثَلَاثُ حِيَضٍ فِي الْحُرَّةِ الَّتِي تَحِيضُ وَحَيْضَتَانِ فِي الْأَمَةِ وَوَضْعُ الْحَمْلِ إنْ كَانَتْ حَامِلًا وَالْأَشْهُرُ إنْ كَانَتْ آيِسَةً وَتَرَكَهُ لِظُهُورِهِ وَفَهْمِهِ مِمَّا قَدَّمَهُ، وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِتَعَرُّفِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لَا لِقَضَاءِ حَقِّ النِّكَاحِ؛ إذْ لَا نِكَاحَ صَحِيحٌ وَالْحَيْضُ هُوَ الْمُعَرِّفُ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْتَفَ بِحَيْضَةِ كَالِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مُلْحَقٌ بِالصَّحِيحِ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ إنَّمَا وَجَبَتْ لِإِظْهَارِ الْحُزْنِ عَلَى فَوَاتِ زَوْجٍ عَاشَرَهَا إلَى الْمَوْتِ وَلَا زَوْجِيَّةَ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: " وَغَيْرِهِ " الْفُرْقَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَهِيَ إمَّا بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي أَوْ بِالْمُتَارَكَةِ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ الْفُرْقَةِ، وَفِي الْمَوْتِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ وَدَخَلَ تَحْتَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ النِّكَاحُ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَنِكَاحُ الْمَحَارِمِ مَعَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ الْحِلِّ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَمِثَالُ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أَنْ تُزَفَّ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ وَالْمَوْجُودَةُ لَيْلًا عَلَى فِرَاشِهِ إذَا دَعَاهَا فَأَجَابَتْهُ.
وَفِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ إذَا أَدْخَلَتْ مَنِيًّا فَرْجَهَا ظَنَّتْهُ مَنِيَّ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَلَمْ أَرَهُ لِأَصْحَابِنَا وَالْقَوَاعِدُ لَا تَأْبَاهُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا لِتَعَرُّفِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحُدُودِ وَوُجُوبُهَا بِسَبَبِ أَنَّ الشُّبْهَةَ تُقَامُ مَقَامَ الْحَقِيقَةِ فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ وَإِيجَابُ الْعِدَّةِ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ وَلَا حِدَادَ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ لِمَا سَيَأْتِي، وَلِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أَنْ تُقِيمَ مَعَ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَنَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا عَلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ بَيْنَهُمَا قَائِمٌ إنَّمَا حُرِّمَ الْوَطْءُ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ فَإِنْ أَذِنَ لَهَا فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ وَمُرَادُهُ إذَا لَمْ تَكُنْ رَاضِيَةً بِالْوَطْءِ أَمَّا إذَا كَانَتْ رَاضِيَةً عَالِمَةً فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ الْمَنْكُوحَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ رَجُلًا وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ نَفَقَتُهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا صَارَتْ نَاشِزَةً اهـ.
وَقُيِّدَ الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ الْغَيْرِ عَالِمًا بِذَلِكَ وَدَخَلَ بِهَا لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا حَتَّى لَا يَحْرُمَ عَلَى الزَّوْجِ وَطْؤُهَا وَبِهِ يُفْتَى؛ لِأَنَّهُ زِنًا وَالْمَزْنِيُّ بِهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ إذَا زَنَتْ الْمَرْأَةُ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَحِيضَ لِاحْتِمَالِ عُلُوقِهَا مِنْ الزِّنَا فَلَا يَسْقِي مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ اهـ.
وَيَجِبُ حِفْظُهُ لِغَرَابَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّةِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَوَّلَ الْبَابِ فَرْعٌ تَنْقَضِي عِدَّةُ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَالثَّلَاثِ بِالْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ بِأَنْ وَطِئَهَا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ عَالِمًا بِحُرْمَتِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى الشُّبْهَةَ أَوْ كَانَ مُنْكِرًا طَلَاقَهَا فَإِنَّهَا تَسْتَقْبِلُ الْعِدَّةَ اهـ.
وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ: مَعَ الْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ كَقَوْلِك اشْتَرَيْت الْفَرَسَ بِسَرْجِهِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَلَيْسَ الْوَطْءُ الْمُحَرَّمُ سَبَبًا لِانْقِضَاءٍ وَلَا آلَةً لَهُ وَقُيِّدَ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ نِكَاحًا مَوْقُوفًا كَنِكَاحِ الْفُضُولِيِّ لَا تَجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَلَمْ يَنْعَقِدْ فِي حَقِّ حُكْمِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ شُبْهَةُ الْمِلْكِ وَالْحِلِّ وَالْعِدَّةُ وَجَبَتْ صِيَانَةً
(قَوْلُهُ أَوْ كَانَ مُنْكِرًا طَلَاقَهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَهُ وَإِذَا كَانَ مُنْكِرًا حَتَّى لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِنَفَقَةِ هَذِهِ الْعِدَّةِ وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ لَا يَقَعُ وَيَحِلُّ نِكَاحُ أُخْتِهَا اهـ. أَيْ:؛ لِأَنَّهَا عِدَّةُ وَطْءٍ لَا طَلَاقٍ