مِنْ جُمْلَةِ كَمِّيَّاتِ الْعِدَّةِ الْبَسِيطَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَقَدْ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَرْبَعُ عِدَدٍ، وَلَوْ ذُكِرَ كَذَلِكَ لَسَلِمَ وَحَاصِلُ مَسَائِلِ انْتِقَالِ الْعِدَّةِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: صَغِيرَةٌ اعْتَدَّتْ فَبَلَغَتْ فِي خِلَالِهَا تَسْتَقْبِلُ بِالْحَيْضِ مَبْتُوتَةً كَانَتْ أَوْ رَجْعِيَّةً.
الثَّانِيَةُ: آيِسَةٌ حَاضَتْ فِي أَثْنَاءِ الشُّهُورِ أَوْ حَبِلَتْ تَسْتَقْبِلُ بِالْحَيْضِ أَوْ بِالْوَضْعِ.
الثَّالِثَةُ: اعْتَدَّتْ بِحَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْعِدَّةِ مَا لَمْ تَيْأَسْ فَإِذَا أَيِسَتْ اسْتَقْبَلَتْهَا بِالْأَشْهُرِ.
الرَّابِعَةُ: آيِسَةٌ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ ثُمَّ حَاضَتْ وَسَتَأْتِي.
الْخَامِسَةُ: أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ وَقَدْ قَدَّمْنَاهَا.
السَّادِسَةُ: مَاتَ زَوْجُ الْحُرَّةِ الْمُطَلَّقَةِ فِي عِدَّتِهَا وَقَدْ قَدَّمْنَاهَا فِي زَوْجَةِ الْفَارِّ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ عَادَ دَمُهَا بَعْدَ الْأَشْهُرِ الْحَيْضُ) أَيْ: وَعِدَّةُ مَنْ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ لِإِيَاسِهَا ثُمَّ رَأَتْ دَمًا الْحَيْضُ فَيُنْتَقَضُ مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْنِفَ الْعِدَّةَ بِالْحَيْضِ وَمَعْنَاهُ إذَا رَأَتْ الدَّمَ عَلَى الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ عَوْدَهُ يُبْطِلُ إيَاسَهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَلْفًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْخَلْفِيَّةِ تَحَقُّقُ الْيَأْسِ وَذَلِكَ بِاسْتِدَامَةِ الْعَجْزِ إلَى الْمَمَاتِ كَالْفِدْيَةِ فِي حَقِّ الشَّيْخِ الْفَانِي كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَظَاهِرُهُ فَسَادُ الْأَنْكِحَةِ الْمُبَاشَرَةِ قَبْلَ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ لَازِمُ الِانْتِقَاضِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ إذَا رَأَتْ الدَّمَ عَلَى الْعَادَةِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ سَائِلًا كَثِيرًا احْتِرَازًا عَمَّا إذَا رَأَتْ بِلَّةً يَسِيرَةً وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَا ذُكِرَ وَأَنْ يَكُونَ أَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ فَلَوْ كَانَ أَصْفَرَ أَوْ أَخْضَرَ أَوْ تُرْبِيَّةً لَا يَكُونُ حَيْضًا وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَادَتُهَا قَبْلَ الْإِيَاسِ أَصْفَرَ فَرَأَتْهُ كَذَلِكَ انْتَقَضَ.
هَكَذَا حَكَى الْأَقْوَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَصَرَّحَ فِي الْمِعْرَاجِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ كَالْهِدَايَةِ مَا إذَا رَأَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِإِيَاسِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ بِجُمْلَتِهِ مُخْتَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ وَحَاصِلُهُ يُنْتَقَضُ مُطْلَقًا وَسَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الشُّهُورِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا وَلَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْأَشْهُرِ، الثَّانِي: لَا يُنْتَقَضُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، الثَّالِثُ: تُنْتَقَضُ إنْ رَأَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَشْهُرِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَلَا وَبِهِ أَفْتَى الصَّدْرُ الشَّهِيدُ، وَفِي الْمُجْتَبَى وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى، الرَّابِعُ: تُنْتَقَضُ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ التَّقْدِيرِ لِلْإِيَاسِ الَّتِي هِيَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَإِنَّمَا ثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ظَنِّهَا فَلَمَّا حَاضَتْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهَا وَلَا يُنْتَقَضُ عَلَى رِوَايَةِ التَّقْدِيرِ لَهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْإِيضَاحِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَجَزَمَ بِهِ الْقُدُورِيُّ وَالْجَصَّاصُ وَنَصَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ.
الْخَامِسُ: تُنْتَقَضُ إنْ لَمْ يَكُنْ حُكِمَ بِإِيَاسِهَا وَإِنْ حُكِمَ بِهِ فَلَا كَأَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا فَسَادَ النِّكَاحِ فَيُقْضَى بِصِحَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ وَصَحَّحَهُ فِي الِاخْتِيَارِ، السَّادِسُ: تُنْتَقَضُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا تَعْتَدُّ إلَّا بِالْحَيْضِ لِلطَّلَاقِ بَعْدَهُ لَا لِلْمَاضِي فَلَا تَفْسُدُ الْأَنْكِحَةُ الْمُبَاشَرَةُ بَعْدَ الِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّوَازِلِ فَقَدْ تَحَرَّرَ أَنَّ فِيهَا سِتَّةَ أَقْوَالٍ مُصَحَّحَةٍ فَيَجِبُ النَّظَرُ فِيمَا ثَبَتَ عَنْ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَدْ صَرَّحَ الْأَقْطَعُ وَتَبِعَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ الْقَوْلُ بِالِانْتِقَاضِ مُطْلَقًا وَهُوَ مُخْتَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَلَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ تَحَقُّقِ الْيَأْسِ فِي خَلْفِيَّةِ الْأَشْهُرِ بِالنَّصِّ وَأَنَّ تَحَقُّقَ الْيَأْسِ لَا يَكُونُ إلَّا بِاسْتِدَامَةِ الِانْقِطَاعِ إلَى الْمَمَاتِ وَضَعَّفَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِمَنْعِ قَوْلِهِ وَذَلِكَ بِاسْتِدَامَةِ الْعَجْزِ إلَى الْمَمَاتِ إلَى آخِرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَأْسَ حَقِيقَةً اعْتِقَادُ عَدَمِ الْوُقُوعِ أَبَدًا لَا الْعِلْمُ بِعَدَمِ وُجُودِهِ، وَفِي الْقَامُوسِ الْيَأْسُ الْقُنُوطُ وَهُوَ ضِدُّ الرَّجَاءِ وَقَطْعُ الْأَمَلِ اهـ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَمَانِيَةَ أَقْوَالٍ الْخَمْسَةُ الْأَخِيرَةُ وَالثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ إنْ رَأَتْ الدَّمَ عَلَى الْعَادَةِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ لِسِنِّ الْإِيَاسِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِيَاسُهَا عَلَى هَذَا أَنْ تَبْلُغَ مِنْ السِّنِّ مَا لَا يَحِيضُ فِيهِ مِثْلُهَا وَذَلِكَ يُعْرَفُ بِالِاجْتِهَادِ وَالْمُمَاثَلَةِ فِي تَرْكِيبِ الْبَدَنِ وَالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ، وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِ تَقْدِيرٌ قَالَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ تَدْخُلَ فِي حَدِّ الْإِيَاسِ فَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ.
[عِدَّةُ مَنْ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ لِإِيَاسِهَا ثُمَّ رَأَتْ دَمًا]
(قَوْلُهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْحَبَلِ) يَعْنِي أَدْنَى مُدَّةِ الْوَضْعِ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ النَّسَفِيَّةِ فِي بَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَنَصُّهُ وَعِنْدَنَا مَا لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الْإِيَاسِ لَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَحَدُّهُ خَمْسٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً هُوَ الْمُخْتَارُ لَكِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْحُكْمِ بِالْإِيَاسِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ أَنْ يَنْقَطِعَ الدَّمُ عَنْهَا مُدَّةً طَوِيلَةً وَهِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فِي الْأَصَحِّ، ثُمَّ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ انْقِطَاعُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيَاسِ؟ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ كَانَ مُنْقَطِعًا قَبْلَ مُدَّةِ الْيَأْسِ ثُمَّ تَمَّتْ مُدَّةُ الْإِيَاسِ وَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا يُحْكَمُ بِإِيَاسِهَا وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الشِّفَاءِ فِي الْحَيْضِ وَهَذِهِ دَقِيقَةٌ تُحْفَظُ اهـ.