ذَاتَهَا أَوْ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهَا أَوْ عُضْوًا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ كُلِّهَا وَضَابِطُهُ مَا صَحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ كَانَ مُظَاهِرًا بِهِ فَخَرَجَ الْيَدُ وَالرِّجْلُ فَلَوْ قَالَ: بَطْنُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ مِنْ جِهَةِ الْمُشَبِّهِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ رَأْسُك كَرَأْسِ أُمِّي لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا اهـ. لِلِانْتِفَاءِ مِنْ جِهَةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ) (نَوَى بِأَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ أُمِّي بِرًّا أَوْ ظِهَارًا أَوْ طَلَاقًا فَكَمَا نَوَى وَإِلَّا لَغَا) بَيَانٌ لِلْكِنَايَاتِ فَمِنْهَا أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي فَإِنْ نَوَى الْكَرَامَةَ قُبِلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِيهِ فَالتَّقْدِيرُ أَنْتِ عِنْدِي فِي الْكَرَامَةِ كَأُمِّي وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ كَانَ ظِهَارًا بِكَوْنِهِ كِنَايَةً فِيهِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ صَرِيحَهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْعُضْوِ فَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَلَا تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَغْيِيرٌ لِلْمَشْرُوعِ وَإِذَا نَوَى الطَّلَاقَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ كَانَ بَائِنًا كَلَفْظِ الْحَرَامِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَانَ بَاطِلًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِنِيَّةِ الْإِيلَاءِ بِهِ لِلِاخْتِلَافِ فَأَبُو يُوسُفَ جَعَلَهُ إيلَاءً؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى مِنْ الظِّهَارِ وَمُحَمَّدٌ جَعَلَهُ ظِهَارًا نَظَرًا إلَى أَدَاةِ التَّشْبِيهِ وَصُحِّحَ أَنَّهُ ظِهَارٌ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مُؤَكَّدٌ بِالتَّشْبِيهِ، وَذِكْرُ عَلَيَّ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ؛ إذْ أَنْتِ مِثْلُ أُمِّي كَذَلِكَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقُيِّدَ بِالتَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَلَا عَنْهُ بِأَنْ قَالَ: أَنْت أُمِّي لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِقُرْبِهِ مِنْ التَّشْبِيهِ وَقِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ يَا أُخَيَّةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُد الْمُصَرِّحِ بِالْكَرَاهَةِ وَلَوْلَا التَّصْرِيحُ بِهَا لَأَمْكَنَ الْقَوْلُ بِالظِّهَارِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كَوْنِهِ ظِهَارًا مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَدَاةِ التَّشْبِيهِ شَرْعًا وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ يَا بِنْتِي يَا أُخْتِي وَنَحْوُهُ.

(قَوْلُهُ وَبِأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي ظِهَارًا أَوْ طَلَاقًا فَكَمَا نَوَى) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا زَادَ عَلَى الْمِثَالِ الْأَوَّلِ لَفْظَةَ التَّحْرِيمِ امْتَنَعَ إرَادَةُ الْكَرَامَةِ وَصَحَّتْ نِيَّةُ الظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لِلِاخْتِلَافِ فَمُحَمَّدٌ جَعَلَهُ ظِهَارًا وَأَبُو يُوسُفَ إيلَاءً وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ (قَوْلُهُ وَبِأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي طَلَاقًا أَوْ إيلَاءً فَظِهَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا زَادَ عَلَى الْمِثَالِ الثَّانِي لَفْظَةَ الظِّهَارِ كَانَ صَرِيحًا فِيهِ فَكَانَ مُظَاهِرًا سَوَاءً نَوَاهُ أَوْ نَوَى الطَّلَاقَ أَوْ الْإِيلَاءَ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ وَلَا ظِهَارَ إلَّا مِنْ زَوْجَتِهِ) أَيْ: ابْتِدَاءً أَطْلَقَهَا فَشَمِلَتْ الْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ وَالْمُدَبَّرَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ أَوْ بِنْتَهَا أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُسْتَسْعَاةً فَلَا يَصِحُّ مِنْ أَمَتِهِ مَوْطُوءَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ قِنَّةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ ابْنَتَهَا أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُسْتَسْعَاةً؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ إضَافَةِ النِّسَاءِ إلَى رَجُلٍ أَوْ رِجَالٍ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ مَعَ الزَّوْجَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ حَتَّى صَحَّ أَنْ يُقَالَ هَؤُلَاءِ جَوَارِيهِ لَا نِسَاؤُهُ وَلِهَذَا لَمْ تَدْخُلْ فِي نَصِّ الْإِيلَاءِ أَيْضًا وَلَا فِي قَوْلِهِ {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] حَتَّى لَا تَحْرُمَ عَلَيْهِ أُمُّ أَمَتِهِ قَبْلَ وَطْءِ أَمَتِهِ وَاسْتَدَلَّ الْإِمَامُ الرَّازِيّ فِي تَفْسِيرِهِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِ الْإِمَاءِ تَحْتَ نِسَائِنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31] وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْحَرَائِرُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا صَحَّ عَطْفُ قَوْله تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31] ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ اهـ. .

قَيَّدْنَا بِالِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَقَاءِ لَا يَحْتَاجُ إلَى كَوْنِهَا زَوْجَةً كَمَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ ثُمَّ مَلَكَهَا بَقِيَ الظِّهَارُ وَكَمَا خَرَجَتْ الْأَمَةُ خَرَجَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ وَالْمُبَانَةُ حَتَّى لَوْ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِشَرْطٍ ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ فِي الْعِدَّةِ لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا بِخِلَافِ الْإِبَانَةِ الْمُعَلَّقَةِ، وَالْفَرْقُ فِي الْبَدَائِعِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ صَادِقٌ فِي التَّشْبِيهِ فَلَا ظِهَارَ، وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ فَفَائِدَةُ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ بَعْدَ تَقَدُّمِ الْإِبَانَةِ تَنْقِيصُ الْعَدَدِ وَتَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى الْمِلْكِ أَوْ سَبَبُهُ كَالطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنْ نَكَحَهَا كَانَ مُظَاهِرًا، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ قَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَزَوَّجَهَا يَكُونُ مُظَاهِرًا وَمُطَلِّقًا جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ: إذَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَزَوَّجَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى الْكَرَامَةَ قُبِلَ مِنْهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدَّقَ قَضَاءً فِي إرَادَةِ الْبِرِّ إذَا كَانَ فِي حَالِ الْمُشَاجَرَةِ وَذِكْرِ الطَّلَاقِ وَأَقُولُ: يَنْبَغِي إذَا نَوَى الْحُرْمَةَ الْمُجَرَّدَةَ أَنْ يَكُونَ إيلَاءً؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَكُونُ ظِهَارًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَعَلَى مَا صُحِّحَ فِي نِيَّةِ الْإِيلَاءِ هُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ظِهَارًا عِنْدَ الْكُلِّ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَمْ يُبَيِّنْ هُوَ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا نَوَى الْإِيلَاءَ أَوْ مُجَرَّدَ التَّحْرِيمِ كَغَالِبِ الْكُتُبِ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمُحِيطِ وَأَقُولُ: إذَا نَوَى التَّحْرِيمَ لَا غَيْرُ وَقُلْنَا بِصِحَّةِ نِيَّتِهِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ يَكُونُ إيلَاءً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَظِهَارًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى مَا صُحِّحَ فِيمَا تَقَدَّمَ يَكُونُ ظِهَارًا عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مُؤَكَّدٌ بِالتَّشْبِيهِ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ فِي دِيَارِنَا

(قَوْلُهُ أَوْ مُسْتَسْعَاةٌ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا أَوْ مُسْتَسْعَاةٌ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015