سُمِّيَ التَّعَدُّدُ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَلْزَمُ بِلَا هَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.
وَقَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا حَلِفَ عِنْدَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ صَرِيحُ قَيْدٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَمِثَالُ الرَّابِعِ أَعْنِي اتِّحَادَ الْإِيلَاءِ، وَتَعَدُّدَ الْيَمِينِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ قَالَ فِي الْمَجْلِسِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَهُوَ إيلَاءٌ وَاحِدٌ فِي حُكْمِ الْبِرِّ حَتَّى لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ الْغَدِ طَلَقَتْ، وَإِنْ قَرِبَهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ لِاتِّحَادِ الْمُدَّةِ، وَتَعَدُّدِ الِاسْمِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَكَثَ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا أَوْ قَالَ بِالْبَصْرَةِ، وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ مَكَّةَ، وَهِيَ بِهَا لَا) أَيْ لَا يَكُونُ مُولِيًا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الثَّانِيَ إيجَابٌ مُبْتَدَأٌ وَقَدْ صَارَ مَمْنُوعًا بَعْدَ الْيَمِينِ الْأُولَى شَهْرَيْنِ، وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةً إلَّا يَوْمًا فَلَمْ تَتَكَامَلْ مُدَّةُ الْمَنْعِ أَرَادَ بِالْيَوْمِ مُطْلَقَ الزَّمَانِ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُكْثِهِ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً، وَتَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ اتِّفَاقٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا أَيْضًا لَكِنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ تَتَعَيَّنُ مُدَّةُ الْيَمِينِ الثَّانِيَةُ، وَعِنْدَ عَدَمِهِ تَصِيرُ مُدَّتُهُمَا وَاحِدَةً، وَتَتَأَخَّرُ الثَّانِيَةُ عَنْ الْأُولَى بِيَوْمٍ، وَلَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ تَتَدَاخَلُ الْمُدَّتَانِ فَلَوْ قَرِبَهَا فِي الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا فِي الشَّهْرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ عَلَى شَهْرَيْنِ يَمِينَانِ بَلْ عَلَى كُلِّ شَهْرَيْنِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ تَوَارَدَ شُرُوحُ الْهِدَايَةِ مِنْ النِّهَايَةِ، وَمُخْتَصَرَيْهَا، وَغَايَةِ الْبَيَانِ عَلَى الْخَطَأِ عِنْدَ كَلَامِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَاحْذَرْهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَأَقُولُ: وَقَيَّدَ بِالْوَقْتِ لِأَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ قَالَ بَعْدَ سَاعَةٍ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ بَعْدَ سَاعَةٍ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَقَرِبَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ الثَّالِثَةِ لَزِمَهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ لِتَدَاخُلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ، وَعِنْدَ تَمَامِ الثَّانِيَةِ، وَهُوَ سَاعَةٌ بَعْدَهَا تَبِينُ بِأُخْرَى إذَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَعِنْدَ تَمَامِ الثَّالِثَةِ تَبِينُ بِثَالِثَةٍ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ، وَلَوْ كَرَّرَ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَإِنْ أَرَادَ التَّكْرَارَ، وَالْإِيلَاءُ وَاحِدٌ، وَالْيَمِينُ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَالْإِيلَاءُ وَاحِدٌ، وَالْيَمِينُ ثَلَاثٌ، وَإِنْ أَرَادَ التَّغْلِيظَ، وَالتَّشْدِيدَ فَالْإِيلَاءُ وَاحِدٌ، وَالْيَمِينُ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَإِذَا تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ تَعَدَّدَ الْإِيلَاءُ، وَالْيَمِينُ، وَتَمَامُهُ فِيهَا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ، وَهُوَ مَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا، وَأَنَّ الْمُولِي مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْقُرْبَانُ فِي الْمُدَّةِ إلَّا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ، وَيُمْكِنُهُ هَاهُنَا الْقُرْبَانُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى يَوْمٌ مُنَكَّرٌ، وَلَوْ قَرِبَهَا فِي يَوْمٍ صَارَ مُولِيًا إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَلَا يَكُونُ مُولِيًا بِمُجَرَّدِ الْقُرْبَانِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ سَنَةً إلَّا مَرَّةً فَإِنَّهُ إذَا قَرِبَهَا صَارَ مُولِيًا مِنْ سَاعَتِهِ، وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ كَوْنِ الْبَاقِي مِنْ السَّنَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، قُيِّدَ بِالْإِيلَاءِ لِأَنَّ فِي الْإِجَارَةِ يَنْصَرِفُ إلَى الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ السَّنَةِ لِأَنَّ الصَّرْفَ إلَى الْأَخِيرِ لِتَصْحِيحِهَا فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ مَعَ التَّنْكِيرِ، وَلَا كَذَلِكَ الْيَمِينُ فِي الْإِيلَاءِ، وَأَمَّا الْيَمِينُ فِي غَيْرِهِ فَقَالُوا يَنْصَرِفُ إلَى الْأَخِيرِ كَقَوْلِهِ، وَاَللَّهِ أُكَلِّمُ فُلَانًا سَنَةً إلَّا يَوْمًا فَاحْتَاجُوا إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْيَمِينَيْنِ، وَفَرَّقَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَامِلَ، وَهُوَ الْمُغَايَظَةُ الْمُقْتَضِيَةُ لِعَدَمِ كَلَامِهِ فِي الْحَالِ مَنْظُورٌ فِيهِ بِأَنَّهُ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ إذْ الْإِيلَاءُ أَيْضًا يَكُونُ عَنْ الْمُغَايَظَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ فِي الْإِيلَاءِ أَنْ يَكُونَ عَنْ مُغَايَظَةٍ كَمَا إذَا كَانَ بِرِضَاهَا لِخَوْفِ غِيلٍ عَلَى وَلَدِهَا، وَعَدَمِ مُوَافَقَةِ مِزَاجِهِمَا، وَنَحْوِهِ فَيَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ لِقَطْعِ لَجَاجِ النَّفْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَوَّلَ الْبَابِ، وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ هُنَا، وَتَأْجِيلُ الدَّيْنِ كَالْإِجَارَةِ، وَقَيَّدَ بِالْيَوْمِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَّا نُقْصَانَ يَوْمٍ انْصَرَفَ إلَى الْأَخِيرِ لِأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا حَلِفَ عِنْدَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ مَمْنُوعٌ إلَخْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ قَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ أَنَّ مُرَادَ الْمُحَقِّقِ بِالشَّرْطِ ذَاتُهُ أَيْ نَفْسُ الدُّخُولِ لَا التَّلَفُّظُ بِهِ
(قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ تَتَدَاخَلُ الْمُدَّتَانِ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصَّوَابَ لَا تَتَدَاخَلُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ، وَمَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَرِبَهَا فِي الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَوْ قَرِبَهَا فِي الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَمَا تَوَارَدَ عَلَيْهِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالْقُرْبَانِ كَفَّارَتَانِ قَالَ فِي الْفَتْحِ إنَّهُ خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ عَلَى شَهْرَيْنِ يَمِينَانِ بَلْ عَلَى كُلِّ شَهْرَيْنِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَإِذَا كَانَ لِكُلِّ يَمِينٍ مُدَّةٌ عَلَى حِدَةٍ فَلَا تَدَاخُلَ بَيْنَ الْمُدَّتَيْنِ حَتَّى تَلْزَمَهُ الْكَفَّارَتَانِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْقُرْبَانِ فِي مُدَّتَيْهِمَا كَذَا فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ، وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ مِمَّا يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ تَأَمُّلِ قَوْلِهِ فِي الْعِنَايَةِ، وَيَكُونُ كَلَامُهُ يَمِينَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ يَلْزَمُهُ بِالْقُرْبَانِ كَفَّارَتَانِ، وَلَك أَنْ تَجْعَلَ أَلْ فِي الْقُرْبَانِ لِلْجِنْسِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ فِي الْإِيلَاءِ إلَخْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ النَّقْضُ عَلَيْهِ يَكْفِي فِي كَوْنِهِ يَكُونُ، وَلَوْ فِي بَعْضِ الْمَوَادِّ فَكَيْفَ، وَهُوَ أَكْثَرُهَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ خَوْفِ غِيلٍ، وَنَحْوِهِ أَقَلُّ قَلِيلٍ لَا يُبْنَى عَلَى مِثْلِهِ حُكْمٌ