بِوَقْتَيْنِ تَعَدَّدَا لِتَعَدُّدِهِمَا قَالَ كُلَّمَا دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ قَرِبْتُك أَوْ فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ يَتَعَدَّدُ الْإِيلَاءُ وَالْجَزَاءُ مُتَّحِدٌ لِتَعَذُّرِهِ قَالَ كُلَّمَا دَخَلْت فَإِنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ يَمِينٌ أَوْ نَذْرٌ أَوْ حُجَّةٌ يَتَعَدَّدُ، وَيُشْتَرَطُ مَعَ كُلِّ دَخْلَةٍ قُرْبَانٌ لِلْعَطْفِ قَالَ كُلَّمَا دَخَلْت فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَوْ قَدَّمَ الْقَسَمَ يَتَعَدَّدُ الطَّلَاقُ دُونَ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا دَخَلْت لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّ بِهِ يَنْعَقِدُ، وَيُمْكِنُهُ أَنْ لَا يَدْخُلَ آلَى مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ، وَنَوَى التَّكْرَارَ يَتَّحِدُ الطَّلَاقُ، وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ عَطَفَ يَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ، وَتَطْلُقُ ثَلَاثًا يُتَّبَعُ بَعْضُهَا قِيَاسًا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، وَوَاحِدَةً اسْتِحْسَانًا، وَهُوَ قَوْلُهُمَا. اهـ. .
(قَوْلُهُ وَلَا إيلَاءَ فِيمَا دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) يَعْنِي فِي الْحُرَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ سَيَذْكُرُ حُكْمَ الْأَمَةِ، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ صِحَّةُ الْإِيلَاءِ فِيمَا دُونَهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا خَصَّ بِالْأَرْبَعَةِ مُدَّةَ التَّرَبُّصِ، وَأَمَّا الْحَلِفُ فَمُطْلَقٌ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَعْنَى فَمُصَادَرَةٌ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَكِنْ كَانَ مَشَايِخُنَا إنَّمَا تَمَسَّكُوا بِفَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْآيَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَشَهْرَيْنِ بَعْدَ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ إيلَاءٌ) لِأَنَّ الْجَمْعَ بِحَرْفِ الْجَمْعِ كَالْجَمْعِ بِلَفْظِهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ قَيَّدَ بِالْوَاوِ بِدُونِ تَكْرَارِ النَّفْيِ وَالْقَسَمِ لِأَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ النَّفْيَ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ، وَلَا شَهْرَيْنِ أَوْ كَرَّرَ الْقَسَمَ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ فَتَتَدَاخَلُ مُدَّتُهُمَا حَتَّى لَوْ قَرِبَهَا قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ، وَلَوْ قَرِبَهَا بَعْدَ مُضِيِّهِمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِمَا، وَحُكْمُ الْيَمِينِ كَحُكْمِ الْإِيلَاءِ فِي عَدَمِ التَّعَدُّدِ إذَا كَانَتْ بِالْوَاوِ فَقَطْ، وَالتَّعَدُّدُ إذَا تَكَرَّرَ حَرْفُ النَّفْيِ أَوْ الْقَسَمُ، وَلَا فَرْقَ فِي تَكْرَارِ الْقَسَمِ بَيْنَ تَكْرَارِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ أَوْ لَا حَتَّى لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا فَهُوَ يَمِينَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ كَوْنِهِ إيلَاءً وَيَمِينًا فَلِذَلِكَ قَدْ يَتَعَدَّدُ الْبِرُّ، وَالْحِنْثُ، وَقَدْ يَتَّحِدَانِ، وَقَدْ يَتَعَدَّدُ الْبِرُّ، وَيَتَّحِدُ الْحِنْثُ، وَقَلْبُهُ مِثَالُ الْأَوَّلِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك إذَا جَاءَ بَعْدَ غَدٍ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَتَعَدَّدَ الْإِيلَاءُ لِتَعَدُّدِ الْمُدَّةِ، وَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ لِتَعَدُّدِ الذِّكْرِ فَإِنْ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَرَّ فِي الْأُولَى، وَبَانَتْ، وَإِذَا مَضَى يَوْمٌ آخَرُ بَرَّ فِي الثَّانِيَةِ وَطَلَقَتْ أَيْضًا، وَلَوْ قَرِبَهَا بَعْدَ الْغَدِ تَجِبُ كَفَّارَتَانِ، وَإِنْ قَرِبَهَا فِي الْغَدِ تَجِبُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَمِثَالُ الثَّانِي، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَكَذَا مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ، وَمِثَالُ الثَّالِثِ كُلَّمَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَدَخَلَتْهَا فِي يَوْمٍ ثُمَّ فِي يَوْمٍ ثُمَّ فِي يَوْمٍ آخَرَ فَإِنْ قَرِبَهَا تَجِبُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِاتِّحَادِ الْحِنْثِ، وَإِنْ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ بَانَتْ بِطَلْقَةٍ فَإِذَا مَضَى يَوْمٌ آخَرُ بَانَتْ بِطَلْقَةٍ أُخْرَى، وَكَذَا إذَا مَضَى يَوْمٌ آخَرُ بَانَتْ بِثَالِثَةٍ لِتَعَدُّدِ الْبِرِّ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْمِثَالِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ وَقَعَ جَزَاءً لِشَرْطٍ مُتَكَرِّرٍ فَيَلْزَمُ تَكَرُّرُهُ.
وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّهُ لَا حَلِفَ عِنْدَ الشَّرْطِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا حَلِفَ عِنْدَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَمَعَ ذَلِكَ ثَبَتَ الْحَلِفُ عِنْدَهُ، وَلَعَلَّهُ اشْتَبَهَ بِوَاللَّهِ كُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ لَا أَقْرَبُك أَوْ بِكُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك. اهـ.
وَالْجَوَابُ لَا اشْتِبَاهَ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْفَتَاوَى كالولوالجية، وَالْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الطَّلَاقَ، وَالْعَتَاقَ، وَالظِّهَارَ مَتَى عُلِّقَ بِشَرْطٍ مُتَكَرِّرٍ يَتَكَرَّرُ، وَالْيَمِينُ لَا، وَإِنْ عُلِّقَ بِمُتَكَرِّرٍ حَتَّى لَوْ قَالَ كُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا فَدَخَلَ الدَّارَ مِرَارًا لَا يَتَكَرَّرُ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ إنْشَاءُ عَقْدٍ، وَالْإِنْشَاءُ يَتَكَرَّرُ بِلَا تَكَرُّرِ صِيغَتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ، وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَمُصَادَرَةٌ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) ، وَنَصُّهُ، وَالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ أَنَّ الْمَوْلَى مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقُرْبَانِ فِي الْمُدَّةِ إلَّا بِشَيْءٍ لَزِمَهُ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَرْعُ كَوْنِ أَقَلِّ الْمُدَّةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَإِلَّا فَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِهِ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ تَقْيِيدِ الْمُدَّةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا بِهَا فَإِثْبَاتُ كَوْنِ الْأَقَلِّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بِهِ مُصَادَرَةٌ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ) قَالَ فِيهَا فَإِنْ قِيلَ فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ النَّصِّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] أَطْلَقَ الْإِيلَاءَ، وَقَيَّدَ التَّرَبُّصَ بِمُدَّةٍ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ، وَلَوْ مُدَّةً يَسِيرَةً كَيَوْمٍ أَوْ سَاعَةٍ يَلْزَمُهُ {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] فَالتَّقْيِيدُ بِمُدَّةٍ يَكُونُ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ، وَهِيَ لَا تَجُوزُ بِفَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَعَ فِي الْمُقَدَّرَاتِ، وَالرَّأْيُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْمُقَدَّرَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَكَانَ مَسْمُوعًا، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ خِلَافُهُ فَيُجْعَلُ تَفْسِيرًا لِلنَّصِّ لَا تَقْيِيدًا أَوْ تَقْدِيرُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ تُرِكَ الْأَوَّلُ بِدَلَالَةِ الثَّانِي فَكَانَ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ.
(قَوْلُهُ وَمِثَالُ الثَّالِثِ كُلَّمَا دَخَلْت إلَخْ) فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ، وَمِثَالُ الثَّانِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ