أولًا: حرية التمهيد
بدأ التأليف في الأبنية على أيدي النحاة، وقد كان "سيبويه أول من ذكرها وأوفى من سطرها"1، ولذلك أفرد لها في كتابه أبوابًا جمع فيها ما عرفه من أبنية اللغة العربية وقسمها تقسيما كميًّا، مع فصل أبنية الأسماء عن الأفعال، ومثل لكل نوع منها، وقد ذكر للأسماء 308 بناء بين ثلاثي مجرد ومزيد، ورباعي مجرد ومزيد، وخماسي مجرد ومزيد. وذكر للأفعال 34 بناء بين ثلاثي مجرد ومزيد ورباعي مجرد ومزيد.
ومهد سيبويه لكلامه عن الأبنية بمقدمة تحدث فيها عن أقل ما تكون عليه الكلمة وأكثر ما تصل إليه وحروفها أصلية أو مزيد فيها. ثم تحدث عن حروف الزوائد حرفًا حرفًا، وذكر مواضع زيادة كل منها2. ولم يكن من غرض سيبويه في هذا البحث أن يحصر ألفاظ كل بناء، وإنما كان غرضه يتجه إلى حصر الأبنية والتمثيل فقط كل منها.
وجاء النحاة بعد سيبويه فبهرهم هذا العمل، وأثار إعجابهم. فلم يقدموا لنا في الموضوع شيئًا ذا بال، وانحصر بحثهم في ناحيتين:
الأولى: الاستدراك على سيبويه وإضافة بعض الأبنية التي تركها. وقد فعل ذلك ابن السراج الذي ذكر أبنية سيبويه وزاد عليها 22 مثالًا، كما زاد أبو عمر الجرمي عليها أمثلة يسيرة، ثم زاد ابن خالويه أمثلة يسيرة 3، وزاد الزبيدي أكثر من ثمانين بناء4.
والثانية: يمثلها المبرد الذي حول البحث في الأبنية إلى عمليات تدريبية وافتراضات عقلية بدلًا من أن يحاول القيام بعمل إيجابي. فهو