"ب" والدكتور مهدي المخزومي بقسم النحاة إلى فريقين فالبصريون يلجئون إلى التأويل عند مواجهتهم قراءة من القراءات السبع لا سبيل إلى إنكارها، ويغلطون ما عداها. أما الكوفيون فلهم موقف آخر يغاير البصريين كل المغايرة. فقد قبلوا القراءات واحتجوا بها وعقدوا على ما جاء فيها كثيرًا من أصولهم وأحكامهم. وهم إذا رجحوا القراءات التي يجتمع القراء عليها فلا يرفضون غيرها، ولا يغلطونها، لأنها صواب عندهم أيضًا. كذلك يعد الدكتور المخزومي القراءات المختلفة - حتى الشاذ منها- من مصادر دراسات الفراء، ويقول: إنه لا يني يستشهد بها ويصوبها ويحتج بها1.

"ج" والأستاذ إبراهيم مصطفى يقول: كان في حلب ... مدرسة نحوية عظيمة أسسها أبو عبد الله الحسين بن أشهد بن خالويه "سنة 370" وأبو الفتح عثمان بن جني المتوفي سنة 392. ولهذه المدرسة أسلوب في البحث يتميز بعنايتها بالقرآن وجمع روايته وتوجيه ما سمي منها شاذًّا"2 وقريب منه ما يقوله الدكتور عبد الفتاح شلبي عن ابن جني من "أنه كان أسلم موقفًا من شيخه الفارسي ومن المبرد بتأليفه كتاب المحتسب"3.

ولا يسعنا كذلك أن نسلم بأي من هذه الآراء، فقد اتضح لنا بعد طول البحث والاستقصاء أن موقف النحويين من القراءات موقف موحد لا يختلف فيه كوفي عن بصري، ولا يشذ فيه ابن خالويه أو ابن جني أو غيرهما عنهم. فهم جميعًا كانوا ينقدون القراءة ويقيسونها بمقاييسهم النحوية وهم جميعًا كانوا لا يتورعون عن تخطئة القراءة سواء كانت سبعيه أو عشرية أو شاذة أو غيرها، وهم جميعًا كانوا لا يقطعون القراءة إلا إذا وجدوا لها من كلام العرب نظيرًا، وهم جميعًا كانوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015