نشأتا متصلتين، ثم حينما أخذتا في الانفصال تميزتا حتى بلغ من انفراج الشقة بينهما أن عرض النحاة المتأخرون بمشايخ القراء وضعفهم في العربية.
ونحن لا نستطيع أن نسلم بهذا الرأي بعد أن وجدنا من النحاة الأول من كان يلحن القراء ويتعرض لهم بالنقد والتخطئة.
1- فقد حكى البغدادي في خزانته أن النحاة في عصر أبي عمرو ابن العلاء أنكروا على القراء قراءتهم "وَمَا أَنْتُم بِمُصْرِخِي" بكسر الياء، ففزع أحدهم إلى أبي عمرو بن العلاء قائلًا له: إن أصحاب النحو يلحنوننا فيها، فقال له: هي جائزة أيضًا لا تبال1.
وممن طعن في هذه القراءة من قدامى النحاة الفراء الذي وصفها بأنها من وهم القراء إذ ظنوا أن الباء في "بِمُصْرخي" خافضة للفظ كله، مع أن الياء للمتكلم2. كذلك طعن فيها أبو عبيدة وقال: "نراهم قد غلطوا ظنا أن الباء تكسر لما بعدها". وطعن فيها أيضًا أبو حاتم والأخفش والزجاج وغيرهم3.
2- قرأ نافع وابن عامر: "أَتُحَاجُوني" بنون خفيفة، كما قرأ نافع: "فَبِمَ تُبَشِّرُون". وقد خطأ أبو عمرو بن العلاء القراءتين محتجًّا بأنه لا يقال. "أنتم تقوموا" بحذف نون الأعراب4 كما خطأها