لكن بعض الباحثين ما يزالون يعانون من فراغ في الأصول السليمة للبحث العلمي، بسبب ندرة نسبية في المادة المكتوبة حوله وعدم شمولها الفكر والممارسة والمنهجية العلمية والتي هي اليوم أهم ما يلزم للبحث العلمي، حيث يختزل كثير من الجوانب، وتنقل تعليقات عابرة غير شاملة في كتاب يقدم للقراء.
لذا جاء هذا الكتاب ليلقي الضوء ويوضح كل غموض، فهو رسول إيضاح ودليل علمي شامل لكل مشتغل بالبحث العلمي، فقد أحاط بالدقائق بحيث يجد فيه الباحث الإجابات عن الأسئلة التي يَسأل أو يُسأل عنها، يسير وفقها بخطة ثابتة وركائز تمثل الوضوح في البحث، وتؤدي بدقة وصحة كاملتين في نتائجها وفقا للمبادئ الأساسية والقواعد التطبيقية التي تتطلبها البحوث العلمية.
ومما هو جدير بالذكر أن عماد هذا الكتاب هو الفكر والمنهج، وهو عون على إجراء البحوث العلمية وركيزة أساسية لكل مشتغل بها، مهما كان المجال العلمي الذي يعمل فيه الباحث؛ إذ إنه لا يخص علما دون آخر، لأن العلوم رغم اختلاف صنوفها تلتقي جميعا في المناهج، ويقتصر الاختلاف على التطبيق العملي للأصول والقواعد المشتركة، كما إن فائدته لا تخص مستوى علميا واحدا، بل تعم جميع المشتغلين بالبحث العلمي، مهما كان المستوى العلمي الذي ينتمي إليه الباحث، جامعيا كان أو متخصصا.
ولقد حرصنا في كل بحوث الكتاب على الأخذ بالموضوعية والدقة والتوثيق والوضوح، ووضعنا فيه ما يفيد بانسجام كامل، مع مراعاة التوازن بين الإيجاز في الشرح لمن له باع في البحث العلمي، والإسهاب لمن هو مبتدئ، كما حرصنا على تزويده بالمراجع التي عدنا إليها، والتي فيها ما يلبي حاجات الباحث وتطلعاته في مجال البحث العلمي.
يقع كتابنا هذا في ستة أبواب: تناول الباب الأول العلم والتفكير العلمي، وبحث