لقد وجه العرب نشاطهم الفكري إلى ميادين العلوم منذ ظهور الإسلام، فقد فرض العلم على كل مسلم ومسلمة، وظهر علماء أفذاذ ولكن {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} 1 [يوسف: 12/ 76] وواجه المسلمون ثقافات استطاعوا أن يفيدوا منها على نطاق واسع، وأن يستوعبوها ضمن إطار ثقافتهم الجديدة، وقد أثمر كل ذلك مركبا ثقافيا جديدا، هو الثقافة العربية الإسلامية.
لقد أكدت البحوث الحديثة المدى الكبير الذي يدين به العالم للعلماء العرب والمسلمين، الذين حثوا على نمو المعارف، في حين كانت أوروبا تعيش في ظلام دامس، كما كان للحضارة العربية دور بارز في إمداد أوروبا بالعلوم والمعارف التي قامت عليها الحضارة الغربية.
لقد أضاف العرب إلى ما أخذوه، وجددوا وابتكروا، لقد أخذ الفكر العربي الإسلامي، لكنه أعطى، وترجم ودرس، ناقش ونقد، وقد قال رام لاندو في كتابه "مآثر العرب في الحضارة": إن المسلمين قدموا الكثير من الفتوحات في العلوم، فاجتذب ذلك العلماء والحكماء وأهل البحث والنظر ورجال الفن والأدب من جميع الأصقاع، وأنشئوا مؤسسات لنقل علوم الشعوب "بيت الحكمة، دار الحكمة، دار العلم، والجامع الكبير" كما أنشئوا المكتبات.
نخص بالذكر فترة الحكم العباسي الذي بدأ عام "133هـ/ 750م" لأنها من فترات التاريخ اللامعة الزاهرة، "إننا نجد أن الأسلوب العلمي لم يكن مطبقا في بلدان العالم